إياك أعني واسمعي يا جارة!!

02/06/2010 1
محمد العمران

أعلنت شركة الأسمنت السعودية، أخيرا، نتائج اجتماع الجمعية العامة غير العادية للمساهميـن الذي تمت فيه الموافقة على جميع البنود، بما في ذلك بند الموافقة على توصية مجلس الإدارة بصرف مبلغ 50 مليون ريال لغرض إنشاء مبنى مركز الحوادث والإصابات في مستشفى الحرس الوطني في محافظة الأحساء، في بادرة جميلة من الشركة تجاه البيئة والمجتمع في مملكتنا الحبيبة.

عندما نتمعن قليلاً في هذا القرار، سنجد أن قيمة التبرع هذه تعادل نحو 10 في المائة من الأرباح السنوية للشركة، ولذلك يجب اعتبار هذا التبرع على أنه خطوة جريئة بكل المقاييس، خصوصاً إذا ما أخذنا في الاعتبار الظروف الصعبة التي واجهتها ولا تزال تواجهها شركات الأسمنت العاملة في المملكة، وتحديداً شركة الأسمنت السعودية التي تأثرت أكثر من غيرها من زيادة الطاقات الإنتاجية بشكل عام، إلى جانب تأثرها من ضوابط التصدير التي تعتمد عليها نتيجة لقربها من الدول الخليجية الشقيقة.

فمثلاُ، إذا ما أردنا مقارنة هذا التبرع بالتبرعات التي تقدمها المصارف العاملة في المملكة كقيمة أو كنسبة مئوية من أرباحها السنوية، سنجد مع الأسف الشديد أن المصارف تتبرع بمبالغ ذات قيمة شحيحة جداً لا تتناسب مع أرباحها الضخمة، في حين أن النسبة لا تتعدى 5 في المائة أو حتى 1 في المائة فقط، وهي التي تتلقى دعماً لا محدوداً من مؤسسة النقد من دون مقابل ولعقود من الزمن، بل إن المضحك أنه عندما فرحنا بتبرع بنك الجزيرة قبل عدة أعوام بمبلغ 70 مليون ريال تبين لنا لاحقاً أن هذا التبرع كان قيمة أرباح غير شرعية رفضت الهيئة الشرعية قبوله وأرغمتهم على التخلص منه!

اللافت أن المصارف السعودية بدلاً من أن تقوم بزيادة قيمة التبرعات أسوة بزيادة أرباحها وزيادة مكافآتها للمديرين التنفيذيين، قام بعض مسؤولي المصارف في الآونة الأخيرة بترويج دورهم في المسؤولية الاجتماعية، وهذا بالتأكيد جهد رائع يشكرون عليه، لكنه من وجهة نظري سيفتح عليهم أبواباً مغلقة، حيث إن خسائر المجتمع من قراراتهم تفوق المكاسب، والأدلة على ذلك كثيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر: مسؤوليتهم الاجتماعية في تكوين فقاعة الأسهم قبل عام 2006 نتيجة لتسابقهم المحموم في منح القروض والتسهيلات لعملائهم في حين كانوا يعلمون جيداً بوجود فقاعة كانت ستنفجر لا محالة!

على كل حال، يجب أن أقدم شكري وتقديري إلى مساهمي وأعضاء مجلس إدارة شركة الأسمنت السعودية على مبادرتهم الطيبة التي نسأل الله - العلي القدير - أن يجزيهم خير الجزاء وأن يوفقهم لما يحب ويرضى، كما يجب أن نعترف جميعاً بأن هذه المبادرة فتحت قضية وطنية يجب إثارتها إذا كنا حرصاء فعلاً على تكريس العمل الخيري فيما بين أبناء البلد الواحد وهذا هو المهم دائماً.