هبط المؤشر الوزني لسوق الكويت للأوراق المالية لشهر أبريل بمعدل 1.2%، بينما هبط السعري بنسبة أعلى بلغت 3.1%، ورغم ذلك ،يظل أداء المؤشرين إيجابيا منذ بداية العام 2010 حتى نهاية أبريل بنمو 12.9% للوزني و 4.2% للسعري، ويلاحظ اتساع الفجوة ما بين المؤشرين لتبلغ 9 نقاط مئوية ، بعدما كانت 3 نقاط فقط نهاية يناير ، مما يوضح التدهور المستمر لشريحة عريضة من أسعار أسهم الشركات الصغيرة، وذلك لتفاقم مشاكل بعضها، وتعثر بعضها الآخر، ناهيك عن اكتشاف المزيد من الشركات الورقية من جانب المتداولين الغافلين، وكل ذلك يضغط على المؤشر السعري، الذي يعكس أداء الأسهم الصغيرة بشكل أوضح من الوزني بكل تأكيد .
وقد انخفض متوسط التداول اليومي خلال أبريل إلى 70.3 مليون د.ك بالمقارنة مع 76.8 مليون د.ك لشهر مارس، أي بنمو سلبي بمعدل 8.5%، وقد أثر في تداول أبريل عاملان متضّادان، الأول : انخفاض جرعة التداول المصطنع، أو الوهمي، أو المتفق عليه مسبقاً، حيث لم نعد نلاحظ تداولا استثنائيا كبيرا على الأسهم المشبوهة بالتداول المزيّف ، وذلك بعد كثرة الشكاوى حولها وافتضاح أمرها للجميع، ناهيك عن احتمال تفعيل قانون هيئة سوق المال، والذي يجرّم بوضوح تلك الممارسات الخاطئة، أما العامل الثاني: فتمثل في النشاط الاستثنائي على أسهم النقل أو شركات اللوجستيك، حيث شهدت تداولاً محموماً في ظل المجهود الدعائي المنظم والمبرمج للترويج لفوز إحدى الشركات، وذلك على خلفية عدم ترسية عقد المورد الأول للجيش الأمريكي على أجيليتي، بسبب النزاع القانوني المعروف بشأنها، حيث تداولت كميات استثنائية من الأسهم على مجموعة من الشركات اللوجستية، وذلك بشكل محموم وبقفزات شبه يومية، وبدعم من ماكينة الدعاية المنظّمة، والتي كانت تهدف إلى الكسب غير المشروع في غالب الظن، وذلك من خلال توريط أو "تدبيس" شريحة من المتداولين بكميات كبيرة من الأسهم المعنية ، وبأسعار مرتفعة للغاية ، وبالتأكيد يكون الطرف الرئيسي البائع هو المخطط والمدبّر لعملية النصب والاحتيال المحبوكة والمتقنة، دون أدنى ريب .
من المسئول عن " التدبيس "!
لا شك أن المتهمين " بتدبيس " المتداولين الأبرياء متعددين، فقد يكونوا من المسؤولين عن الشركات اللوجستية المعنية، أو وسائل الإعلام المروّجة للأكاذيب، سواء كانت صحفا أو قنوات فضائية أو مواقع الكترونية... إلخ، وربما يكون المتآمرون زمرة من المضاربين أو غيرهم ، كما لا نستبعد إطلاقاً أن يكون وراء عملية النصب والاحتيال تحالف ما بين هؤلاء وهؤلاء لحبك وإتقان اللعبة من كافة جوانبها .
ورغم تعدد المشبوهين في هذه الكارثة الكبرى، إلا أن إدارة سوق الكويت للأوراق المالية هي المسئول الأول تجاه هذا الموضوع، وذلك لسياستها الانتقائية والمزاجية في التعامل مع الأمور المرتبطة بالبورصة ، حيث توقف سهم معين على خلفية خبر صغير منشور في أحدى الصحف وتطلب إيضاح سريع وعاجل، بينما لا توقف سهما آخر رغم نشر خبر حسّاس عنه "بالمانشيت" العريض، وفي صدر الصفحة الاقتصادية لإحدى أو بعض الصحف، وبمساحة كبيرة أيضاً ، من جهة أخرى، حتى أنه إذا تم إيقاف سهم معين ، وأصدرت الشركة المعنية بياناً رسمياً توضيحياً بناء على طلب إدارة البورصة، وثبت فيما بعد أن ذلك البيان كاذب مائة بالمائة ، لا تحرك إدارة السوق ساكناً إطلاقاً، وكأن شيئاً لم يكن، حتى بات الموقع الالكتروني لسوق الكويت للأوراق المالية منصة رسمية لإطلاق الأكاذيب في بعض الأحيان، والتي يكون ضحيتها مئات الملايين من مدخرات المواطنين، ناهيك عن زعزعة الثقة في البورصة بشكل خطير، بالإضافة إلى الإساءة بشكل جسيم لسمعة دولة الكويت الاقتصادية بالداخل والخارج، فضلا عن إحباط واجهاض أي محاولة أو نية لتحويل الكويت لمركز مالي وتجاري .
نتائج العام والربع الرابع 2009 أعلنت معظم الشركات المدرجة عن نتائجها لعام 2009، بينما تخلفت 14 شركة عن إعلان نتائجها منها 7 شركات لم تفصح عن بياناتها منذ فترة طويلة نسبياً، و 7 شركات لم تقدم بياناتها المالية عن العام 2009، وقد تم إيقافها عن التداول اعتباراً من 1/4/2010، وقد جاء تحليلنا لتلك النتائج متأخراً هذه المرة، نظراً لعدم التزام مجموعة من الشركات بإعلان نتائجها في موعد أقصاه 31/03/2010، ومنها شركات قيادية، مثل أجيليتي.
وقد كانت محصلة نتائج الشركات التي أعلنت نتائجها عن عام 2009 – وعددها 197 شركة – صافي ربح بمقدار 99.7 مليون دك ، وذلك بالمقارنة مع صافي خسائر بمقدار 102.3 مليون دك لنفس الشركات عن العام 2008، ورغم التقدم في النتائج للعام 2009، إلا أنه متواضع للغاية، حيث إن خسائر 102.3 مليون دك أو أرباح 99.7 مليون دك هي محصلة واحدة وهزيلة للغاية لنتائج 197 شركة مدرجة ، كون كلا النتيجتين مقاربة للصفر، أي لا ربح ولا خسائر لمخاض عامين كاملين من العمل، وللعدد المذكور من الشركات .
أما أداء الربع الرابع 2009، فقد كان أقل من التوقعات ، حيث حمل عدة مفاجآت من العيار الثقيل لبعض الشركات ، سواء من حيث الانخفاض الحاد في الأرباح ، أو تكبد خسائر كبيرة جداً، وقد كانت محصلة تلك المتغيرات السلبية الجسيمة صافي خسائر بمقدار 730 مليون دك ، وذلك على خلاف الأرباع الثلاث الأول من العام، والتي كانت رابحة بمقدار 105 و 442 و 216 مليون د.ك على التوالي ، ورغم الخسائر - المفاجأة بالنسبة لنا على الأقل – للربع الرابع 2009، إلا أنها جاءت أقل من خسائر الربع المناظر من العام 2008 ، والتي بلغت 3.034 مليارات د.ك، وتجدر الإشارة إلى أن سبع شركات لم تعلن نتائجها عن العام 2009 حتى الآن، وبالتالي، لم يشملها هذا التحليل الموجز، ونتوقع أن تكون معظم – إن لم نقل جميع – تلك الشركات خاسرة، وبشكل جسيم أيضاً ، مما يرجح انقلاب صافي الأرباح المجمعة لعام 2009 والبالغ نحو 100 مليون د.ك إلى خسائر، ناهيك عن تعاظم خسائر الربع الرابع 2009 .
توقعات الصحف وتوقعاتنا لعام 2009
جرياً على عادتنا ، نقوم برصدتوقعات بعض الصحف لنتائج الشركات المدرجة ، وهذه المرة بما يتعلق بنتائج العام 2009 ، وقد تم رصدتوقعات أربع صحف ، ثلاث منها هي الأكثر انتشارا بين الصحف القديمة ، وصحيفة واحدة جديدة ، وقد بلغ متوسط نسبة النجاح للصحف الأربع 27% ، وكان أفضلها بنسبة 40%، وأدناها بمعدل 14%، وقد بلغ إجمالي التوقعات المرصودة 37 توقعاً، ورغم انخفاض نسبة نجاح التوقعات للظروف الاستثنائية والمتذبذبة التي مرت بها شريحة كبيرة من الشركات المدرجة، إلا أننا لازلنا نرصد ترشيداً إيجابياً – ولو خجولاً – لإصدار التوقعات من جانب بعض الصحف، والذي يؤدي إلى الحد من تضليل المتداولين وإرباكهم، وقد تم اعتبار التوقعات التي تقل أو تزيد بمعدل 10% عن النتائج الفعلية توقعات ناجحة، كما تم استبعاد بعض التوقعات، كونها صادرة قبل يوم أو يومين من إعلان النتائج الفعلية وكانت مطابقة لها تماماً، أو قريبة منها إلى حد كبير جداً، وبالتالي، فإن شبهة التسريب تكون حاضرة بقوة ، والتي اقتضت استبعاد تلك التوقعات الناجحة والمشبوهة في آن واحد !
أما توقعاتنا نحن، والمنشورة بتاريخ 30/12/2009، فقد جافت الواقع بشكل كبير جداً، حيث كانت توقعاتنا تفيد بنقطة التعادل لنتائج جميع الشركات المدرجة للربع الرابع 2009 ، أي عند مستوى الصفر أو قريباً منه ، أي أن خسائر الشركات الرابحة تعادل نتائج الشركات الخاسرة، إلا أن هذا التفاؤل النسبي لم يكن في محله على الإطلاق، حيث طغت الخسائر على الأرباح بمقدار 730 مليون د.ك للربع الرابع 2009، علماً بأن هناك 7 شركات لم تعلن نتائجها عن ذلك الربع، ويتوقع لها أن تعلن خسائر جسيمة في غالب الظن، أما توقعاتنا لنتائج العام2009 ككل، والتي كانت عند مستوى 732 مليون د.ك بناء على توقعاتنا المتفائلة نسبياً وغير الموفقة فعلياً للربع الرابع ، فقد انخفضت عن صافي الأرباح المجمعة الفعلية البالغة نحو 100 مليون د.ك بمعدل 86% ، ونترك للقارئ الكريم تقدير مدى كفاءتنا في وضع التوقعات ، وذلك في ظل الظروف السائدة والمتغيرات المحيطة !
توقعات الربع الأول 2010
أعلنت - حتى إعداد هذا التقرير -33 شركة مدرجة من أصل 205 شركات نتائجها عن الربع الأول 2010، وقد بلغ إجمالي تلك النتائج صافي أرباح بمبلغ 200 مليون د.ك مقابل 175 مليون د.ك للربع المناظر 2009، وبنسبة نمو بلغت 15%، ونتوقع أن تتفوق أرباح الربع الأول 2010 على أرباح الربع الأول 2009 عند اكتمال إعلان النتائج أو معظمها في تاريخ أقصاه 15/05/2010، حيث نتوقع أن تنمو الأرباح بمعدل 25% كحد أدنى، وذلك نظراً للانتعاش النسبي في سوق المال الكويتي بمعدل 14.3% خلال الربع الأول ، والذي ينعكس إيجاباً على نتائج الشركات بشكل أو بآخر خلال الفترة المذكور، ولن نستطيع تحديد سقف أعلى لتوقعاتنا أو رقم محدد كعادتنا، نظراً لصعوبة وضع التقديرات العلمية والمهنية في ظل الظروف المضطربة الحالية، وذلك كما اثبتتها توقعاتنا للربع الرابع 2009، والتي كانت في واد، بينما كانت النتائج الفعلية في واد آخر، كما أسلفنا . عضوية مجالس الإدارات … تكليف لا تشريف حدثت مشادة كلامية ما بين رئيس مجلس إدارة البنك التجاري السابق، وممثل أحد المساهمين في البنك، وذلك أثناء الجمعية العمومية التي انعقدت في 11 / 04 /2010 ، وذلك بما يتعلق بعدم الموافقة على إبراء ذمة أعضاء مجلس الإدارة لحين التحقيق في بعض المصروفات ، ومن ثم عقد جمعية عمومية أخرى لبحث نتيجة التحقيق واتخاذ ما يلزم. ولعل هذه الحادثة تجعل من المهم التحدث عن موضوع إبراء ذمة أعضاء مجالس الإدارات بشكل عام، وليس بما يتعلق بالبنك التجاري تحديداً، حيث يعتقد بعض أعضاء مجالس الإدارات، أن مهمتهم أو منصبهم تشريف وليس تكليف، وبالتالي، من غير اللاّئق محاسبتهم من جانب المساهمين على تصرفاتهم، حيث يعتقد هؤلاء الأعضاء أن بند إبراء ذمة أعضاء مجلس الإدارة هو مجرد بند شكلي وبروتوكولي ، وبالتالي ، يقتضي الموافقة الروتينية أو التلقائية من جانب المساهمين، وبالإجماع أيضاً !
لا شك بأن عضوية مجلس الإدارة هي تكليف وليست تشريف، وهي فوق ذلك أمانة جسيمة وثقيلة ، وعليه، فإن من لا يستطيع تحمّل تلك الأمانة أو لا يرغب بالمساءلة، أو يترفع عنها، يحب أن لا يقبل بهذا المنصب منذ البداية، والذي تحدد له أتعاب معلومة مقابل مسئوليات معروفة ، ونعتقد أن جانباً كبيراً من سوء الإدارة والفساد في الشركات المدرجة جاء نتيجة لعدم تفعيل هذا البند لمدى عقود وليس سنوات، حيث نرى ضرورة تفعيله خاصة في الظروف الراهنة، حيث تم استباحة أموال المساهمين وتكبيدهم خسائر فلكية بسبب تصرفات شريحة كبيرة من أعضاء مجالس الإدارات .
إن المحاسبة الجادة والعادلة لأعضاء مجالس الإدارات من خلال بند إبراء ذمتهم من عدمه، سيشكل رادعاً كبيراً للسلوك المنحرف لبعض الأعضاء، ومن شأن ذلك قيام المرشحين لعضوية مجالس الإدارة بحساب التبعات الجسيمة لعضويتهم، وأيضاً الحد من تعدد العضويات السائدة بقوة دون مبرر سوى التنفيع والتباهي ، إن لم نقل للكسب غير المشروع في كثير من الحالات .
وبهذه المناسبة، ندعو إلى مساءلة أعضاء مجالس الإدارات المشبوهة ، وما أكثرهم حالياً، وذلك من خلال عدم إبراء ذمتهم، وتشكيل لجان التحقيق المحايدة لكشف الأسباب الحقيقية للخسائر وضياع الموجودات، وبالتالي، اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة لاسترداد ما يمكن استرداده من أموال ضائعة، خاصة في ظل التشكيل والتفعيل الرسمي لمحكمة سوق المال مؤخراً ، ونعتقد أن الوقت الحالي مناسب للمساءلة الجادة، وذلك في خضم موسم الجمعيات العمومية، والتي تعقد تباعاً هذه الأيام ، كما يجب طرح الثقة بمجالس إدارة الشركات الورقية والفاسدة، والتي عاثت فساداً في أموال المساهمين ردحاً من الزمن دون حسيب أو رقيب. سقوط الكتل… والمتردّية والنطيحة ! تنشط في سوق الكويت للأوراق المالية نحو 15 كتلة استثمارية رئيسية ، وذلك من خلال السيطرة على عدد يتراوح ما بين شركتين إلى أكثر من عشر شركات مدرجة، ومعظم تلك الكتل تطغى سلبياتها على إيجابياتها، بينما ينفرد عدد قليل جدا منها بالأداء المهني والمسؤول، وقد بدأت بعض الكتل بالسقوط لأسباب مختلفة منها، انكشافها على الأزمة الاقتصادية بقوة ، ففي العام الماضي سقطت كتلة الأبراج ( أبراج ، الشبكة و د للإجارة )، كما تم إيقاف سهمي كتلة الأهلية عن التداول مما يرجح تعثرهما ( أهلية ، جلف انفست )، وأيضاً بدأت بوادر التعثر الجدي لكتلة المجموعة الدولية ( المجموعة د ، أصول ، بترو جلف ، المستثمرون ، جراند )، وذلك بإعلان " مجموعة د ، عجزها الرسمي عن سداد مستحقات دائنين ، إضافة إلى إيقافها عن التداول وكذلك زميلاتها " جراند " و " المستثمرون " ، وذلك لعدم تقديمها البيانات المالية عن العام 2009 حتى الآن ، من جهة أخرى ، فإننا نتوقع تعثر كتلة أخرى هذا العام على الأقل ، وذلك إضافة إلى الكتل الثلاث المذكورة ، والذي يقتضي الحذر الكبير من الاحتفاظ بـ "المتردية والنطيحة" من الأسهم ، والتي هي على شفير الهاوية حالياً .
وبالرغم من الخسائر الكبيرة والغير مبررة لمساهمي الشركات المنضوية تحت أولوية هذه الكتل ، مما أدى إلى ضعف الثقة بالبورصة الكويتية ، وأيضا تشويه سمعتها الخارجية ، إلا أننا نرى أن استبعاد تلك الشركات المتعثرة من قائمة الشركات المدرجة يعتبر أمرا إيجابيا ، وذلك في إطار عملية الغربلة والتنقية المطلوبة لإعادة الثقة لبورصة الكويت ولو جزئياً ، وقد كان بالإمكان تخفيف الضرر على المساهمين والإقتصاد ، وذلك بإقصاء الشركات المشبوهة منذ وقت طويل ، بدلا من تركها تستنزف أموال المساهمين لمدة طويلة وبشكل واضح ومكشوف وعلى مرآى من الجميع ، وأولهم إدارة سوق الكويت للأوراق المالية ، وهي الجهة الرئيسية المؤتمنة على الوضع التنظيمي والرقابي السليم للبورصة !