منذ صغري وأنا أفكر كثيراً كيف للنبي محمد صلى الله عليه وسلم أن يقوم بعدة أدوار فعّالة في الحياة ( نبي الله – معلم الأمة – قائد دولة – قاضي – مفتي – داعية - قائد معركة – أب – زوج – صديق محب لأصحابة ) وقد نجح فيها كلها نجاحاً باهراً وهو يملك في يومه فقط 24 ساعة، وهو ما نتساوى معه جميعاً في ذلك، فنحن نملك ما يملكه، فكانت الإجابة لكل من سألته إنها البركة من الله،هذه الإجابة لم تكن شافية وكافية بالنسبة لي، رغم إيماني بأن للأنبياء معجزات وهبات لاتكون لغيرهم.
بعد أن أكرمني الله بالتبحر والقراءة في علم الإدارة اكتشفت الإجابة التي انتظرها منذ صغري، إن نبينا صلى الله عليه وسلم ببساطه أحسن إدارة أصحابه، أطلع الصحابة رضي الله عنهم على دورهم في الحياة، وأسند لكل صحابي مهنة تخصه، يحدد له بالضبط ماذا يريد منه، ويطلعه على الطريقة الأفضل ثم يترك الأمر له، ليعمل ويبدع فيحصل الإنجاز ويتحقق الهدف.
تفضل عزيزي القارئ وتأمل في هذا الموقف، وطبقه على كامل السيرة النبوية، عندما أراد إرسال معاذ لليمن داعياً الى الله فقال له: إنك تأتي قوما أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فإنهم أطاعوك فأعلمهم أن الله افترض عليه خمس صلوات في اليوم والليلة ...... الحديث
هنا النبي أرسل معاذا ولم يرسل أبو بكر أو عمر لأنه صلى الله عليه وسلم يجيد وضع الرجل المناسب في المكان المناسب . ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم حدد له الوجهة ( اليمن ) واطلعه على التحديات التي ستواجهه ليكون مستعداً لها ومتهيئاً لها( تاتي قوماً أهل كتاب )ثم حدد له الأولويات التي يسير عليها ( توحيد الله ثم الصلاة ثم الزكاة وهكذا ) ولاحظ عزيزي القارئ لم يحدد الرسول صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه الطريقة والكيفية التي يدعوهم بها ولم يدخل في تفاصيل التفاصي، هل يدعوهم جماعات أم أفراد، هل يبدأ بقاداتهم أم ضعفائهم، هل تكون الدعوة على شكل خطب، أتكون الدعوة علانية أم سرية، أتكون الدعوة في مجالسهم ام أسواقهم أم منازلهم.
عزيزي القارئ: أعتقد أن هذا ما جعل حبيبنا صلى الله عليه وسلم يقوم بتلك الأدوار بكل نجاح رغم ملكيته لنفس الوقت الذي نمتلكه، إنك تجد غالبية المدراء مع الأسف، يضيع الجزء الكبير من وقته في متابعة الامور التنفيذية ، كيف تتم ؟ ويطلع على خطوات التنفيذ لحظة بلحظة ،ويدخل في تفاصيل التفاصيل، وهذا الوقت على حساب التخطيط والتطوير، وهو المطالب به أصلاً . في مقابلة تلفزيونية مع مدير شركة نورثروب قيرمان ( عدد موظفيها 120 الف موظف ) كيف تدير هؤلاء؟ فقال: أحدد معهم الأهداف ( لاحظ كلمة معهم ) ونحدد معايير الأداء ثم نوزع العمل ثم أتركهم . (ما أروع كلمة اتركهم ).
عزيزي المدير: انتبه أن تقع في فخ الأعمال الروتينية، احذر أن تقع في كماشة متابعة تفاصيل العمل، لاتعمل عمل موظفيك، فإنها تهدر وقتك الثمين وتضيعه، وفي نهاية العام تجد أنك لم تحقق هدفك ولا الجزء الأكبر من الهدف.باختصار اسمح أيها المدير الفاضل أن أقول لك: اجعل فريق العمل يعمل. تحياتي لكم جميعاً.
جزاك الله خير ولا تحرمنا من هذه المقالات التثقيفية والتي اقتديت بها برسول الامة عليه الصلاة والسلام
أخي قرص ولبن وجزاك الله خيراً على قرائتك ومتابعتك ... رسولنا صلى الله عليه وسلم هو قدوتنا في أمورنا الدينية والدنيوية