اليوم تعد الإنترنت وسيلة الاتصال الأسرع نموّا في تاريخ البشرية، ففي حين احتاج الراديو إلى 38 عاما للحصول على 50 مليون مستخدم لاستقبال برامجه، احتاج التلفزيون إلى 13 عاما للوصول إلى العدد نفسه، فيما احتاج تلفزيون الكابلات إلى 10 أعوام. اما شبكة الإنترنت فلم تحتج سوى إلى 5 أعوام للوصول إلى ذلك العدد، وأقلّ من 10 أعوام للوصول إلى 500 مليون مستخدم!
ومما لا شكّ فيه أن الإنترنت أصبحت عاملا أساسيّا في حياة الكثير من الشركات والأفراد والحكومات، وأصبح الجيل الجديد من الأطفال يسمّى بالجيل الرقمي، نظرا لأنّه يتعرّض للإنترنت منذ بداية نموّه. وتقدم جميع الدول العربية حاليا خدمات الإنترنت بمستويات متفاوتة، وتوجد لديها معوقات تختلف عن بعضها البعض. وهي ما تزال تحتاج إلى المزيد من التطوير في خدماتها الإلكترونيّة، وتثقيف الشركات والأفراد بأهميّة الاستثمار فيها، واستخدامها للتعليم والترفيه والبحث عن المعلومات والتواصل والتجارة، والكثير غيرها من المجالات المهمّة.
ومن الملاحظ ان النسبة الأعلى لمستخدمى الانترنت هى دول الخليج العربى حيث تكون تكاليف شراء الكومبيوترات واشتراك الإنترنت أقلّ بكثير من الدول الأخرى، بالإضافة إلى كون الكثير من هذه الدول تواكب التقنية بشكل مستمرّ وتقوم بتطوير البنية التحتية للإنترنت، بينما تنخفض النسبة بشكل ملحوظ في الدول الإفريقيّة. وعلى الرغم من الترويج الإعلامى الإيجابي لإنتشار المعلومات على الإنترنت واستخدام الناس لها في العالم العربيّ، فإنّ الكثير من الدراسات وصلت إلى أنّ ما نسبته حوالي 45% من المستخدمين لم يزوروا موقع أخبار، و20% يتصفحونه مرة في الأسبوع. ولا توجد دولة عربية اليوم إلا وتقدم معلومات حكوميّة أو خاصّة، مثل مواقع هيئات الأنباء والجرائد والمجلات ومحطات التلفزيون والراديو، بغض النظر عن مستوى الخدمات المقدمة.
ووصل عدد مستخدمي الهواتف المحمولة إلى 160 مليون مستخدم (35 مليون في الشرق الأوسط و135 مليون في شمال إفريقيّا)، ولا يقوم معظم المشتركين بالدخول إلى الإنترنت عبر الهواتف المحمولة بسبب ارتفاع أجور الاشتراك وعدم توفر الشبكات اللاسلكيّة السريعة. ومن المعوقات التي تحدّ من تقدم الإنترنت في العالم العربي وترقيته إلى المستويات العالميّة :
ـ البنى التحتية: نظرا لاحتكار بعض الحكومات أو الشركات للإنترنت ورفع الأسعار بشكل كبير جدّا.
ـ نوعيّة المحتوى: يمكن ملاحظة هذه المشكلة بتصفح الكثير من المواقع العربية للمعلومات والأخبار، حيث تقوم معظمها بنشر المعلومات نفسها، نظرا لأنّ أغلبها يقوم بترجمة المعلومات من مصادر عالمية، أو نقلها عن هيئات الأنباء العربية. كما أنّ الكثير من محتوى الجرائد والمجلات الإلكترونيّة يماثل المحتوى الموجود في النسخ الورقية، ولا يتمّ إضافة عناصر التفاعل مع المستخدمين أو إضافة أيّ صور أو عروض فيديو إلى المواقع
ـ عوامل تشريعيّة: ما تزال الكثير من البلدان العربيّة تتحكم بالمحتوى الذي يمكن نشره من الناحية الأمنية وخصوصا مصر، الأمر الذي يؤثر على محتوى الصفحات العربية ودور النشر والطباعة، حسب كلّ بلد.
ـ نظم الرقابة والحجب : كأنظمة الفلترة هذه التى تقوم بمسح محتوى الصفحة المطلوبة، حتى وإن لم تكن من ضمن قائمة الصفحات الممنوعة، والبحث عن كلمات محدّدة، وحجبها إن تمّ العثور عليه. مؤشرات النجاح لا يجب أن يتمّ تقييم الثورة الرقمية حسب كمّ المحتوى الذي يتمّ ضخه وتشييده على الإنترنت، ولا حسب عدد المواقع التي يتمّ صُنعها يوميّا، بل حسب التغيرات الاجتماعيّة والسياسيّة والثقافيّة.
ـ التعليم الإلكترونيّ: أولى الخطوات لاعتماد وسائل التقنيات الحديثة في المنطقة وارى إنّ تردد المستثمرين في استثمار أموالهم في قطاع الاتصالات المزدهر في الدول الأخرى هو أمر مفهوم ومنطقيّ حيث أنّ حجم التجارة الإلكترونيّة سيكون صغيرا وغير مقنع على الإطلاق. والجدير ذكره أنّ الكثير من الدول العربية قامت بخصخصة ما نسبته 43% من شركات الاتصالات فيها لترقية مستوى الخدمات المقدمة، وفق ضوابط كلّ دولة مما يخلق فرص استثمارية مهولة لمن لدية القدرة والنيه على الارتقاء والتميز. ولكنّى أرى ان الشركات لم تواكب هذه النزعة بالقدر المطلوب وبالسرعة الكافية.
والسؤال متى تستيقظ الشركات من سباتها الرقمى وتستغل هذه الفرصة للنهوض وايضا تحقيق المكاسب فهناك العديد والعديد من المشاريع الالكترونية المعلقة اما لاسباب ماليه او لاسباب تقنية او لعدم توافر الكوادر لادارتها. واتوقع انه فى خلال الخمسة سنوات القادمة ان الشركات التى تحصد اكبر عدد ممكن من المشاريع الالكترونية ستكون الرابح الاكبر والقائد فى هذا المجال. والله المستعان