لطالما كنت لا أنصح بالبطاقات الائتمانية، وكأني لم أكن واعيا بقدر الشر المحدق الذي تمثله البطاقات الائتمانية حتى حضرت نقاشاً عابراً قبل بضعة أسابيع مع أحد مسؤولي بطاقات الائتمان في أحد البنوك.
فقد كان حديثه منصبّاً على ''الأرباح الطائلة من بطاقات الائتمان'' و ''المجال لتحميل المستهلكين قروضا أكثر'' و ''الطرق المختلفة للتشجيع على الاستهلاك والاقتراض'' و ''الوسائل المتعددة التي يمكن من خلالها إخفاء رسوم وتكاليف هذه البطاقات على المستهلك.'' وبرغم عملي السابق في المجال المصرفي إلى أن حديثه كان بمثابة الصاعقة لي. ومن أشد ما أدهشني هو علمه الكامل بالنتيجة الغالبة لمعظم مقترضي البطاقات الائتمانية وهي وقوعهم في فخ من الديون ذات العوائد المرتفعة جداً والتي لا يمكنهم سدادها، إلا أنه لم يجد في ذلك أي مشكلة أخلاقية. بل إنه في نهاية النقاش تحدث بفخر عن المحاولات العديدة الناجحة ''لأسلمة'' هذه البطاقات، كما لو كان ذلك مبرراً لدرء أي ذنب قد يقع عليه من ضررها البالغ.
وبناء على ذلك فقد وددت تقديم نبذة للقراء الأعزاء، ومن باب الأمانة العلمية، عن الطرق المختلفة التي يمكن لبطاقات الائتمان الكسب من المستهلك:
- هناك رسوم سنوية تُفرض في العادة على بطاقات الائتمان. وبالرغم من أن هذا العنصر هو الأكثر تدقيقاً من قبل المستهلكين إلا أنه في العادة هو الأقل تكلفة وبالتالي الأقل أهمية من العناصر الأخرى.
- هناك رسوم في العادة على أي سحب نقدي يتم على البطاقة.
- هناك رسوم على التأخر في السداد بعد المدة المحددة.
- هناك رسوم على تجاوز الحد الائتماني.
- هناك رسوم على أي مشتريات تتم بأي عملة تختلف عن عملة بطاقة الائتمان، وذلك على شكل سعر الصرف الذي يشمل هامش ربحية كبيرا للبنك. بل إن معظم بطاقات الائتمان تقوم بمضاعفة عمليات الصرف هذه وذلك بتحويل أي مشتريات بعملة أخرى إلى الدولار ومن ثم تحويلها إلى عملة البطاقة (والتي عادة ما تكون الريال) مع فرض هامش ربح في كلتا العمليتين. والمرير في الموضوع أن أسعار الصرف هذه لا يمكن الحصول عليها ولا التنبؤ بها إلا بعد أن ترد في فاتورتك.
- هناك أيضاً رسوم أو أرباح على أي رصيد متبق على البطاقة قد لا تسدده بالكامل (تطلق عليه بعض البنوك تسميات أخرى). رسوم التمويل هذه هي الأكثر تكلفة على الإطلاق حيث يصل معدل تكلفة الاقتراض في كثير من الأحيان لما يزيد على 30 في المائة سنوياً، وهذه المعدلات الباهظة هي الأقرب لقوله تعالى: (''يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعاف مضاعفة'')، أيا كانت تسمية هذا التمويل وطريقة صياغته. بل إن طريقة حساب هذا الربح في كثير من الأحيان تغرر بالمستهلك، فلنفترض أنك اشتريت بمبلغ 10,000 ريال على بطاقتك الائتمانية في 01/01/2010م، وصدرت فاتورتك بالمبلغ في 30/01/2010م، مع آخر موعد للسداد يبلغ 28/02/2010م، ولنفترض أنك قررت أن تسدد نصف المبلغ فقط (أي 5,000 ريال). ففي هذه الحالة سيتم بالطبع حساب تكلفة التمويل على المبلغ المتبقي، ولكن تكلفة التمويل سيتم حسابها من تاريخ الشراء وليس من آخر موعد للسداد. بل إن أغلب البنوك تقوم أيضاً باحتساب تكلفة التمويل على المبلغ الذي قمت بتسديده، وذلك للفترة من تارخ الشراء حتى تاريخ التسديد. هذه الحسابات المعقدة برمتها قلما تجدها في منشورات البنك مما قد يضعها في موضع الغرر.
ومن الجدير بالذكر أني لم أجد أي إشارة إلى هذه التكاليف ومقدارها خلال بحثي في مواقع البنوك المختلفة على الإنترنت ولا عبر الاتصال بالأرقام المجانية للعديد منهم. ومن ثم اضطررت إلى التوجه للفروع حتى أجد بعض بنود هذه التكاليف وليس كلها. هذا الأمر يعني أنه من الصعب جداً على المستهلك العادي حساب التكلفة الكلية لبطاقة ائتمانية، فما بالك بمقارنة تكاليف البطاقات الائتمانية المختلفة، الأمر الذي يتطلب صبر أيوب و درجة ماجستير في الرياضيات ودورة في الإكسل!
بعد هذا العرض ما قد يكون بقدرة المستهلك أن يفعل؟ فإليكم توصياتي: أولاً: لا تستخدم بطاقات الائتمان، وتجنبها كما تتجنب الداء، فهي عالية التكلفة ومليئة بالتغرير وستقودك إلى حفرة من الديون. وإذا كنت تحتاج إلى (الفيزا) أو (الماستركارد) بغرض السفر أو الفنادق..إلخ، فيمكنك استخراج نوع من بطاقات الصراف التي دأبت العديد من البنوك بإصدارها في الآونة الأخيرة والتي يمكن استخدامها كـ (فيزا) أو (ماستركارد) إلا أنها مرتبطة بحسابك، فلا تصرف إلا ما تملك، وبالتالي تكون أقل عرضة للوقوع في فخ الاستدانة وأقل عرضة للتكاليف المخفية. ثانياً: إذا اضطررت لإصدار بطاقة ائتمان فعليك بتسديد كامل الرصيد حالاً ولا تستخدمها قط كأداة للتمويل أو الاقتراض نظراً لارتفاع التكلفة الشديد.
ثالثا: إذا قدر الله عليك أن تصدر بطاقة ائتمان، فاسأل البنكك عن جميع بنود التكاليف الواردة بعاليه. ومن الأفضل البحث عن جواب مكتوب (كموقع الإنترنت أو منشور أو اتفاقية البطاقة)، وإن لم تجد جواباً شفافاً عن هذه التكاليف فلا تقدّم للحصول على بطاقة من جهة تصر على التغرير بك. كما أن من الأفضل مقارنة الأسعار المختلفة من جهات متعددة، إذ إن التكاليف تختلف بما قد يصل إلى الضعف من بنك لآخر.
رابعاً: على الجهات التنظيمية، ممثلة بمقام مؤسسة النقد والشركة السعودية للمعلومات الائتمانية القيام بتقنين أسعار بطاقات الائتمان والبنود المنظمة لتكاليفها، كما ينبغي جمع أسعار البطاقات والبنوك المختلفة وتوحيدها بشكل يسهل مقارنتها، نظراً لصعوبة قيام المستهلك الفرد بذلك.
أحسنت كثيراً على تثقيف القراء ... رزق الله على نيتك ومحبتك لهم... سؤالي بم تنصح المسافرون خارج البلاد ؟ ا- تحويل الريال هنا في السعودية إلى دولاروعند وصوله هناك يحول الدولار الى عملة البلد 2- أم يتعامل بالفيزا في الشراء والدفع ولو لمرات متعددة. 3- ام تحويل الريال لعملة البلد مباشرة هنا في الرياض 4- أم تحويل الريال لعملة البلد مباشرة في ذلك البلد. ولك مني كل التحايا
جزاك الله خيرا على المقال المفيد خصوصا لمثلي استعمل البطاقة وانسى التسديد بسبب المشاغل لعدة أشهر
الربا حرب لله ورسوله ... فيجب على الجميع تجنبه
لا فض فوك . معلومات قيمة جداً .
جزاك الله خيرا
احسنت