التغيير والتطوير والمقاومة

03/07/2025 0
د.عبد الوهاب بن سعيد القحطاني

يتطلب التطوير التغيير، وليس كل تغيير يؤدي دائماً إلى التطوير إلا إذا كان يهدف للتطوير ومبرمج. لذلك، عندما يتحول العمل من يدوي إلى حاسوبي، فإن ذلك تغيير تطويري يهدف إلى زيادة الكفاءة الإنتاجية والجودة والسرعة وخفض التكاليف والاستجابة السريعة لطلبات العملاء بثقة وكفاءة وجودة عالية.

يعتمد التطوير على التغيير. لذلك، لا يمكن أن يتحقق تطوير حقيقي دون إحداث تغييرات هادفة في الأساليب أو الهيكل أو الكفاءات أو الثقافة التنظيمية. التغيير وسيلة لتحقيق التطوير، لذلك فهو الأداة أو الخطوة العملية، بينما التطوير هو الهدف الأكبر من عملية التغيير الهادفة. قد يكون التغيير قصير الأجل لتحقيق هدف قصير الأجل، أما التطوير فهو عملية مستمرة ومستدامة. يحدث التغيير في مرحلة محددة، أما التطوير فهو عملية مستدامة تحتاج لتغييرات متكررة ومتابعة دائمة.

يمكن أن يكون التغيير سلبيًا أو إيجابيًا، أما التطوير فهو دائمًا إيجابي. وقد تفرض الظروف تغييرًا غير مرغوب فيه، لكن التطوير يسعى دائمًا للتحسين. التغيير وسيلة لتحقيق التطوير المؤسسي سواء كانت مؤسسات ربحية أو غير ربحية مثل الجمعيات الخيرية.

الملاحظ في العقدين الأخيرين أننا نعيش عصراً تتغير فيه الكثير من المفاهيم والقيم والممارسات لأسباب كثيرة منها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية ما يحتم علينا مواكبة هذه التحديات بكفاءة عالية، فنحن جزء من هذه القرية الكونية الصغيرة. إن مواكبة التغيرات الاقتصادية على وجه الخصوص تتطلب التحول الهادف للأفضل بالرغم أنها من الأمور الصعبة لما تحدثه من صدمات لدى بعض الناس الذين لا يفهمون الغاية منه أو لا يرغبون فيه لما يتوقعونه من جهد ووقت لمجاراته والتكيف معه، والبعض يراه تهديداً لمصالحهم، بينما يراه البعض مغايراً لما تعودوا عليه. وفي جميع حالات عدم تقبل التغيير تظهر أصوات تقاومه وتشكك في أهدافه.

الغموض في الأهداف يساهم في مقاومة الموظفين للتغيير الذي يهدف إلى التطوير. بعض الموظفين يرون في التغيير تهديد لمصالحهم الخاصة فيقاومونه بعد التعاون، بل ينشرون الشائعات بخطورة التغيير. عدم الانسجام بين أهداف المؤسسات والعاملين فيها يفاقم مقاومة التغيير.

بعض الموظفين يرتاحون للوضع «الجمودي» المستقر الذي اعتادوا عليه لأنه لا يتطلب منهم الأعمال خارج المألوف، خاصة الموظفين الذين لا يرغبون في التعاون وتحمل المسئولية، عدم الشفافية بين الإدارة والموظفين في جوانب كثيرة منها الحاجة للتغير الذي يهدف للتطوير.

ضعف الثقة في القيادة الإدارية للمؤسسة، ما يجعل بعض الموظفين لا يساهمون في التغيير الهادف للتطوير. ضعف التواصل المؤسسي وقلة المشاركة في اتخاذ القرار ما يولد شعوراً لدى الموظفين بعدم الانتماء. بعض الموظفين لا يقاومون التغيير من أجل التطوير لكنهم بحاجة لزيادة الكفاءة ومهاراتهم وقدراتهم للمشاركة في خطة التغيير.

على إدارة المؤسسة توضيح ضرورة التغيير للموظفين عامة بالتواصل الواضح والمستمر من حيث الأسباب مع توضيح الفوائد للأفراد والمؤسسة. نزع الخوف من الموظفين على مصالحهم مع التدريب الداعم لهم. تقديم الدعم النفسي والمهارات الضرورية لتنفيذ التغيير. المطلوب من الإدارة تفهم قلق ومخاوف الموظفين من التغيير. لا بد من التواصل المباشر بين المدراء والموظفين بشكل مستمر للمساندة وتقوية المعنويات.

الخلاصة:

كل تطوير هادف وموجه يحتاج الى تغيير واضح وليس بالضرورة أن كل تغيير يهدف إلى التطوير إلا إذا كان مدروساً لتحقيق أهداف محددة وواضحة. مشاركة الموظفين في تصميم خطة التغيير يشعرهم بالمسئولية، ما يجعلهم يشاركون في التغيير الذي يهدف للتطوير.

 

 

نقلا عن اليوم