التميز! من يحدد سعر السلعة؟

12/05/2025 0
ثامر السعيد

تأتي السلعة إلى السوق مسعرة بقيمتها البيعية كما هي على أرفف المتاجر في رحلتها الاعتيادية من خط الإنتاج إلى رف البيع إلى يد المشتري النهائي وعند التسعير يؤخذ بالحسبان مجموعة عناصر وهي تكلفة الإنتاج، التي تمثل قيمة كل المدخلات، إضافة إلى أجور الأيدي العاملة وتكلفة المقرات للوصول إلى المنتج النهائي يضاف لها هامش ربحي يعزز استمرارية أعمال المنظومة، إذا بدأت المنافسة ترتفع لإنتاج السلع نفسها من أطراف متعددين فالمنافسة هنا تؤدي دورا في تحديد سعر السلعة، وقد تكون الهواتف النقالة أحد أمثلتها فشرائح الأسعار تتماشى مع بعضها البعض في مستويات متقاربة وكذلك فإن المنافسة وزيادة المعروض يعزز أثر السوق في تسعير أي سلعة فترتبط مباشرة بالعرض والطلب ووفرة السلعة في السوق، تسعر بعض المنتجات على أساس القيمة أو المنفعة وهذا ينطبق مثلا على الأدوية حيث ترتبط منفعتها بالحاجة للشفاء مقابل العلاج.

كل هذه السبل تعد طرقا لتسعير المنتجات المتوفرة في الأسواق، التي تنتجها الشركات والمؤسسات بشكل دائم، وكذلك ينطبق هذا على الخدمات التي تقدمها المؤسسات، ففي نهاية الأمر هي سلعها يطلبها المستهلك وسوق يزدهر يعزز التنافسية والمعروض من الخدمات وصولا إلى الارتباط بالعرض والطلب تسعير السلعة نهائيا وجميع هذه العناصر تمثل طبيعة السوق العادية.

يتطلع الإنسان دائما إلى ما يميزه ويصنع منه انسان مختلف عن الآخرين فالمخترع تميزه اختراعاته والرسام تميزه لوحاته والشاعر كلماته وتستمر السلسلة لكل عناصر التميز، التي تمثل جهد الإنسان في العمل أو الموهبة التي منحها، ثم يتطور الطلب على التميز مع تحسن الوضع المادي للأفراد فتنتقل هذه الحالة إلى المقتنيات كالسيارة، الساعة، الرقم، التحف وغيرها من السلع، التي تصنع فارقا غير ملموس ولكنها تمثل الرفاهية وهذا السوق بذاته سوق غير منظم تتحكم فيه النظرة العامة للسلعة.

فالناس من يحددون أن هذا مميز أكثر عن ذاك فيعزز اقتناء أي من هذه السلع الوجاهة المجتمعية والتميز. بعيدا عن القبول والرفض لهذا السلوك إلا أنه سوق نشطة ولأن أي سوق نشطة دائما يكون عرضة لمخاطر كثيرة بما فيها تبييض الأموال أصبح لزاما تنظيمه. وفي عالم التمييز والندرة فإن أخطار التلاعب والتبييض أمر شائع وفرصه سانحة، لأنها تعتمد على سلع لا علاقة لها بآليات التسعير المعتادة فما تعتقده مميز ويتفق الناس عليه فهو مميز ويستحق ما يدفع فيه.

صنعت مزادات اللوحات الفنية، والقطع النادرة، والأثرية سوق ضخم تجاوز حجمه في العام الماضي 47 مليار دولار أمريكي ويتوقع أن يصل في السنوات العشر سنوات المقبلة 160 مليار دولار بمعدل نمو سنويا يقترب من 13% وتمثل هذه الأرقام للسلع النادرة 20% من سوق المقتنيات العالمية.

بعيدا عن المعتقدات الشخصية حول قبول الظاهرة أو رفضها فهي موجودة وضخمة وخلقت فرص ربح لذلك حتى وإن رفضت الفكرة والسلعة نظامية فالفكرة في المنفعة والفرصة، كان من النجاح أن ينظم سوق للأرقام المميزة ولوحات السيارات بخدمة التقنية واستغلال الطلب فهي تقطع المجال على صنع سوق سوداء وتعاملات مشبوهة وتنظم السوق ليكون داخل إطار واضح. فالتميز يحدده السوق والندرة تحددها طبيعة السلعة.

 

 

نقلا عن الاقتصادية