ضعف الإنتاجية في رمضان والحلول

06/03/2025 0
طلعت بن زكي حافظ

بدخول شهر رمضان المبارك، قد ينتاب الصائم الشعور والإحساس بشيء من الكسل والتراخي في أداء الأعمال والمهام الموكلة إليه، بما في ذلك القيام بالمسؤوليات المنوطة به على الوجه الأكمل والمطلوب، وكما هو واقع الحال بأيام الإفطار، ما قد يتسبب في تعطيل الأعمال وانعكاس ذلك سلباً على الإنتاجية وعلى مصالح عامة الناس، سواء للمراجعين من المواطنين أم من المقيمين للدوائر وللأجهزة الحكومية، أم للمراجعين للمؤسسات وللشركات الخاصة من الزبائن والعملاء، بطيعة الحال فقد يزداد الأمر صعوبة وليس من قبيل الانتقاد للمدخنين أو المعتادين على شُرب المنبهات بكثافة، كالقهوة والشاي، بسبب حاجة الجسم إلى النيكوتين بالنسبة للمدخنين وإلى الكافيين بالنسبة لشاربي الشاي والقهوة وبعض المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة، باعتبار أن مثل هذا المركبات الكيميائية سواء المتوافرة بشكل طبيعي في نبات التبغ وببعض النباتات الأخرى، كالطماطم والباذنجان، أو المتوافرة بالقهوة والشاي، تَعمل على تحفيز وتنشيط الجهاز العصبي، وبالتالي فإن الامتناع عنها المفاجئ، غير المتدرج، قد يتسبب بالشعور بالتعب والكسل وعدم النشاط في العمل.

ديننا الإسلامي الحنيف قد شَدد وحث على الإخلاص في العمل والاتقان، بصرف النظر عن الظروف المحيطة، وذلك سواء خلال الشهر الفضيل أو بغيره من شهور العام، باعتبار أن العمل المتقن والصالح، نوع من أنواع العمل الصالح في الإسلام، وبالذات إذا كان العمل يتم إنجازه بنية خالصة لكسب الرزق الحلال وتحقيق الاكتفاء الذاتي وخدمة الناس، وما يؤكد على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه"، من بين الحلول الناجعة التي تساعد على الرفع من مستوى الإنتاجية في العمل وتحسينها، سواء خلال شهر رمضان المبارك، أو بغيره من أشهر العام، فإن الأمر يتطلب حسن إدارة الوقت والتغلب على العوامل التي قد تتسبب في ضياع وهدر الوقت، كالإفراط في عقد الاجتماعات غير المجدية، وبالذات التي لم يسبقها تحضير مُسبق جيد من حيث تحديد هدف وأجندة واضحة للاجتماع، بما في ذلك الالتزام بوقت محدد للاجتماع وقياس النتائج.

أثار تصريح لمؤسس شركة إعمار العقارية الإماراتية رجل الأعمال المعروف محمد العبار، جدلاً واسعاً بوسط الأعمال حيال الاجتماعات التي اعتبرها من وجهة نظره مضيعة للوقت وللجهد لعدم الاستفادة منها في مجال عمله، والذي قد اختلف معه في الرأي رجل الأعمال المعروف خلف الحبتور، الذي عارض وجهة نظره، بتأكيده على أن الاجتماعات، عند إدارتها بكفاءة، تُشكل منصة حيوية لتوحيد الجهود وتحقيق الأهداف المؤسسية، دون أدنى شك أن عقد اجتماعات العمل أمر ضروري تفرضه وتحتمه متطلبات العمل، وبالذات إن اقتضت الحاجة لمناقشة موضوعات مهمة وضرورية، مثل الاستراتيجيات والميزانيات والخطط المستقبلية وما شابهها من أعمال، شريطة أن يسبق ذلك -وكما أشرت- التحضير المسبق الجيد للاجتماع.

اتفق تماماً مع رجل الأعمال الحبتور فيما قال، إن «المشكلة ليست في الاجتماعات، بل في طريقة إدارتها، فإذا نُظمت بفعالية ووضوح أهداف، فإنهـا تصبح أداة حيويـة لتوزيع المهام، وتوحيد الرؤى، وتحقيق النجاح»، ‏إن حسن إدارة الأعمال يتطلب في المقابل حسن إدارة الوقت ويتطلب أيضاً التركيز على ترتيب الأولويات تبعاً لأهميتها والأقل أهمية، إن اتباع نظرية مصفوفة إدارة الوقت التي ضَمَنها العالم في مجال الإدارة ستيفن كوفي في كتابه العادات السبع للأشخاص الأكثر فعالية والتي تعتمد على تصنيف المهام إلى أربعة مربعات بناءً على عاملين: الأهمية والعجلة، بكل تأكيد ستساعد على ترتيب الأولويات وعلى اتخاذ قرارات فعالة ترتبط بإدارة الوقت، تستند نظرية مصفوفة الوقت على أربعة محاور رئيسة: مهم وعاجل، ومهم وغير عاجل، وغير مهم وعاجل، وغير مهم وغير عاجل.

من بين الأمثلة للأعمال وللمهام المهمة والعاجلة، التي تتطلب التدخل الفوري والسريع، مثل مشكلة تقنية قد تتسبب في توقف العمل الإداري بالجهاز أو في توقف العملية الإنتاجية بالمصنع، أما بالنسبة للأمور المهمة وليست العاجلة، فالأمثلة عليها متعددة وكثيرة، من بينها: مناقشة استراتيجيات أو خطط تطوير معينة، والتي بالرغم من أهميتها لكنها لا ترتقي إلى مستوى الاستعجال من حيث أولويات مباشرتها، ومن بين الأعمال غير المهمة ولكنها عاجلة، والتي يمكن تفويضها للآخرين، مثل الرد على رسائل البريد الإلكتروني أو المكالمات الهاتفية الروتينة غير المهمة، وأخيراً من بين الأعمال غير المهمة وغير العاجلة، هي تلك التي تستهلك وتهدر وقت العمل دون جدوى أو فائدة، مثل الثرثرة والأحاديث الجانبية غير المفيدة وتصفح وسائل التواصل الاجتماعي.

إن حسن إدارة الوقت وتحسين الإنتاجية، يفرض الحاجة إلى تفويض الصلاحيات والابتعاد عن المركزية في الإدارة، سيما وأن تفويض الصلاحيات يتيح للمسؤول فرصة التركيز على المهام الرئيسة وعدم الانشغال بالأعمال الروتينية. كما أن تفويض الصلاحيات، يساعد على تطوير مهارات العاملين وتحفيزهم وزرع الثقة فيهم، ويُمكن أيضاً من بناء قادة المستقبل ويدعم الإبداع والابتكار واكتشاف المواهب الإدارية والتحسين من جودة العمل والإنتاجية، إن تحديد المهام والتخطيط المسبق لإنجاز الأعمال، سيمكن كذلك من إنجاز الأعمال بجودة عالية، ويقلل من الوقت المهدر في العمل، ويحسن من أداء الأعمال بشكل عام.

 

 

نقلا عن الرياض