الثقة في السوق

23/02/2025 0
علي المزيد

أسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم شديدة الحساسية لأي حدث في السوق، سواء كان هذا الحدث داخلياً، أي من داخل السوق، مثل التشريعات المنظمة لها، أو نتائج الشركات المنضوية تحت لوائها، أو من حدث خارجي، أي خارج السوق، مثل مستوى الأمن في البلد أو سعر الفائدة أو ارتفاع أو انخفاض أسعار السلع الرئيسية التي يصدرها بلد معين في البورصة العالمية، وكلما زاد عدد المستثمرين الأجانب وزادت حصصهم في سوق معينة فإن هذا يدل على كفاءة هذه السوق وثقة المستثمر الأجنبي بها، ما أغراه بالاستثمار فيها، لا سيما أن أغلب المستثمرين الأجانب في الأسواق الناشئة مؤسسات مالية محترفة، ما يعني دراسة السوق بدقة عالية ومعرفة حجم مخاطرها قبل الدخول فيها، لذلك نقول إن على أسواق الأسهم العربية التوافق مع المعايير العالمية، لجذب الاستثمارات الأجنبية لهذه الأسواق، سواء كانت هذه الاستثمارات مؤسساتية أو فردية.

استرعاني في الأسبوع الماضي تصريح الأستاذ محمد بن سليمان الرميح، الرئيس التنفيذي لشركة «تداول» السعودية، الذي ذكر أن استثمارات الأجانب في سوق الأسهم السعودية بلغت 25 في المائة من حجم السوق، لتصل إلى 400 مليار ريال (107 مليارات دولار)، وهذا مبلغ كبير تسعى الجهات المنظمة لزيادته عبر عدة طرق، منها زيادة الإدراجات للشركات التي يُقبل عليها المستثمر الأجنبي، ورفع كفاءة السوق لجذب الاستثمارات الأجنبية، ولكن ما الذي حفّز المستثمر الأجنبي للدخول في سوق الأسهم السعودية، أولاً، كفاءة السوق، ثانياً، سهولة تدفق الأموال إلى السعودية وسهولة خروجها، ممّا يُعدّ عاملاً مُهماً ينظر إليه المستثمر بعين مفتوحة؛ لأن المستثمر الأجنبي يرفض أن تُوضع قيود معينة على خروج أمواله من أي سوق.

ينظر البعض إلى أن كثرة الإدراجات في السوق السعودية أضرت بالسوق، ومنعت ارتفاعها بحكم أن جزءاً كبيراً من السيولة يذهب إلى هذه الإدراجات، وهذا صحيح على المدى القصير، ولكن على المدى الطويل له فوائد عدة؛ منها توسيع قاعدة السوق وتعدد الأنشطة التجارية فيها؛ لتشمل جميع الأنشطة الصناعية والزراعية والخدمية، ممّا ينوّع الخيارات أمام المستثمر، سواء كان محلياً أو أجنبياً، وإطالة عمر الشركات التي تُدرج في السوق بحكم سهولة التخارج.

وبحكم أن السعودية تسعى لجذب الاستثمار الأجنبي عبر وزارة الاستثمار مثل تأسيس الشركات، أو فتح مقار لها، وهي مملوكة للأجانب 100 في المائة، فما الذي يمنع الجهات المشرّعة في السوق من رفع نسب تملّك الأجانب لأسهم الشركات المدرجة في السوق لتصل إلى 100 في المائة، ويمكن تحديد نسب تملّك الأجانب في أسهم البنوك والتأمين بنسبة 49 في المائة.

وفي الأخير سوق الأسهم السعودية سوق رائدة في الإقليم وتجربتها ناجحة، فأرجو من الأسواق العربية استلهام التجربة السعودية، وفتح الأسواق العربية للمستثمر الأجنبي عبر تشريعات كفؤة، وأهمها حرية دخول الأموال وخروجها دون قيود. ودمتم.

 

 

نقلا عن الشرق الأوسط