الرياض عاصمة السلام وبوصلة الأمل للاستقرار الدولي

20/02/2025 0
محمد العنقري

تجري هذه الأيام في المملكة العربية السعودية اجتماعات تهدف لوقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا، حيث تجمع الطرفين الأمريكي الذي قاد مجموعة دعم كييف في صمودها بهذه الحرب وقدم لها أكثر المال والسلاح والدعم السياسي، وروسيا التي بدأت هذه الحرب وأكملت ثلاثة أعوام دون بارقة أمل لوقفها، وبعد مجيء الرئيس الأمريكي ترمب للبيت الأبيض من جديد بدأ يتحرك فعلياً لكي يتم التوصل لاتفاق سياسي ينهي الحرب وبما أنه لا يمكن تحقيق أي تقدم في مفاوضات الطرفين إلا بعقد اجتماعات مباشرة بينهم بدلاً من القطيعة؛ فإن اختيار المكان لعقد اللقاءات بينهما يعد مهماً جداً في اختياره و سيلعب دوراً كبيراً في إنجاح المفاوضات التي تهيئ للقاء قريب جداً بين الرئيسين ترمب وبوتين لكي يدشنا مرحلة جديدة من العلاقات بين الدولتين الأكبر عسكرياً عالمياً وتملكان ثروات وإمكانيات اقتصادية هائلة إضافة لكونهما من الأعضاء الخمسة الدائمين بمجلس الأمن فتوافقهما يساهم بالسلم الدولي والاستقرار العالمي.

وقد أعلن الرئيس الأمريكي ترمب قبل أيام بأن لقاءه بالرئيس الروسي بوتين سيعقد في الرياض بحضور ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان وأكد الرئيس بوتين من جهته على أن الرياض هي المكان الأنسب لعقد القمة مع ترمب، لكن لهذا الاختيار أسبابا عديدة؛ أولها نهج المملكة الداعي للسلام ودعوتها على مدى سنوات الحرب لوقفها والدخول بعملية سياسية تحقق السلام بين طرفي الحرب، وكذلك تطبيق سياسة الحياد الإيجابي في مثل هذه الصراعات الدولية إضافة لتمتع المملكة بعلاقات راسخة مع كافة أطراف هذه الحرب، سواء أميركا أو أوروبا وأوكرانيا وأيضا روسيا، كما أن الرياض تتمتع بسمعة دولية عريقة في موثوقيتها بعلاقاتها الدولية من خلال بناء جسور التواصل والشراكات التجارية والاقتصادية والعلاقات التي تهدف دائما للاستقرار الدولي ويشهد لها تاريخها بذلك في قضايا دولية عديدة لا حصر لها، حيث أقامت مؤتمرات وكانت وسيطاً نزيها لحل النزاعات، وأيضا لها دور تنموي عالمي كبير فهي من بين أكبر أربع دول بالعالم في تقديم المساعدات التنموية على مدى خمسة عقود مضت استفاد منها أكثر من 80 دولة شملت تمويل بناء المدارس والمساكن والمستشفيات والطرق ودعم المشاريع الزراعية والعديد من مسارات الدعم التي كان لها دور إيجابي باستقرار دول عديدة في مختلف القارات.

أما على صعيد مرحلة ما بعد رؤية 2030 فالمملكة أخذت نهجاً تقدمياً نحو التنمية وتوسيع دائرة الشراكات عالمياً وإعادة تعريف المصالح مما عزز علاقاتها الدولية واصبح دورها محورياً في دعم نمو الاقتصاد العالمي، وكذلك العمل على تحقيق السلم الدولي وقد كان لولي العهد أدوار مهمة وكبيرة في تعزيز نشر السلم الدولي وفي حرب أوكرانيا وروسيا بذل صانع السلام سمو ولي العهد جهوداً كبيرة منذ اندلاع هذه الحرب من خلال تاكيد المملكة لبذل مساعيها الحميدة للوصول لحل سياسي للازمة، وذلك عبر اتصالات اجراها مع رئيسي أوكرانيا وروسيا في بداية اندلاع الحرب وقد عقدت عدة اجتماعات في المملكة بهذا الخصوص؛ أي أن هناك عملا كبيرا رسخ دور الرياض في جهود ارساء السلام بين الدولتين على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، كما أن مكانة المملكة الكبيرة في قلب العالم العربي والاسلامي والشرق الاوسط وكونها تقوم بأكبر عملية تحول اقتصادي دولي له انعكاس ايجابي على المنطقة، بل اصبحت رؤيتها ملهمة لدول عديدة إضافة لتاريخها السياسي العريق ببناء أفضل العلاقات مع الدول ومساهماتها الايجابية التنموية والداعمة للسلم الدولي كلها عوامل عززت أن تكون هي المساهم الاكبر في ترسية السلام في واحدة من أخطر النزاعات والأزمات الدولية فاليوم اوروبا تطلب من المملكة ان تكون حاضرة في ما سيتم التوصل له من اتفاق ينهي هذه الحرب فهي لن تكون مقراً للاجتماعات فقط، بل تلعب دوراً في تقارب وجهات النظر بين أطراف النزاع بما يسهم في إرساء السلام بينهما.

مكانة المملكة الدولية بنيت على أسس ومبادئ عظيمة أعطتها هذه المكانة الكبيرة من خلال حكمة قادتها ونهجها السياسي الذي يقوم على إقامة أفضل العلاقات مع دول العالم والوقوف بجانب الحق والدعوة للحلول السلمية والتركيز على التنمية والشراكات التجارية والاقتصادية التي من شأنها تعزيز المصالح ودعم الاستقرار الدولي، ولذلك تبقى الرياض هي عاصمة السلام وبوصلة الأمل للاستقرار الدولي ودورها شاهد عليها في دعم التنمية الدولية وحل النزاعات الإقليمية والعالمية.

 

 

نقلا عن الجزيرة