تستشري البيروقراطية في عالمنا العربي؛ ما يعطل التنمية ويجعلها متأخرة عن غيرها، فالعالم يسير في مشاريعه وبالذات المشاريع الاقتصادية بسرعة صاروخية، بينما العالم العربي يسير بسرعة سلحفائية، ما يجعلنا متأخرين عن غيرنا، فما يصل إليه الغير في سنة لا نصل إليه في عالمنا العربي إلا في عشرين سنة، وهذا ما يجعلنا متأخرين عن الغير، وأنا هنا لا أقارن عالمنا العربي بالعالم المتقدم أقصد العالم الأول، بل أقارن العالم العربي بمثيله من الدول، فأنظر إلى كوريا الجنوبية كيف كانت وكيف أصبحت، فالقرار في العالم العربي بطيء جداً لدرجة لا تُحتمل، رغم أن بعض الدول العربية قادرة بإمكانياتها على الوصول إلى مصاف كوريا الجنوبية بل من الممكن أن تتخطاها لو توفرت الإرادة، ولا أجد أسباباً مقنعة لبطء القرار العربي التنموي، فنحن لم نتكامل اقتصادياً في عالمنا العربي رغم وجود الجامعة العربية، كما أن معظم المشاريع العربية الثنائية تمر بذات الإجراء البطيء؛ مما يؤخر تقدمنا الاقتصادي رغم حاجة كل قُطر للآخر.
نحن في عالمنا العربي نعلن عن المشاريع وينتظرها الجمهور ويفرح بهذه الإعلانات، فإما أن تتأخر وإما أن تُلغى دون معرفة مبررات التأخير أو الإلغاء، وبعض قراراتنا الاقتصادية قد تُواجَه بالرفض من العامة، في العالم العربي نحن بحاجة إلى مجموعة من القرارات الاقتصادية العاجلة والجريئة لخلق منشآت اقتصادية فاعلة، ومن ثم البحث عن التكامل مع جيراننا، هذا البطء غير المبرر أخَّر التنمية الاقتصادية في عالمنا العربي، وجعل الآخرين يسبقوننا بمراحل، نحن بحاجة إلى تقييم برامجنا السابقة والنظر لمن حولنا وعلى الأقل تقليدهم بدلاً من أن نضيع الوقت والفرص التي نحن بأمس الحاجة لها، وأن ننطلق نحو الاقتصاد المفتوح بدلاً من الاقتصاد المقيد ببيروقراطية الحكومة.
ونتيجة لهذا البطء انطلق القول المأثور في عالمنا العربي «يوم الحكومة سنة»، وهو مثل يُضرَب حينما تعلن الحكومة عن مشروع معين ويتساءل الناس عن الوقت الذي سينتهي فيه المشروع، فتأتيه الإجابة «يوم الحكومة سنة»! كناية عن بطء الحكومة العربية في التنفيذ، في السعودية كان الوضع في السابق مماثلاً للأوضاع في العالم العربي، ولكن مع رؤية السعودية الجديدة أصبحت المشاريع تُنفَّذ سريعاً ويحاط الجمهور بنسب تنفيذ المشاريع فيقال المشروع «أ» تم تنفيذ أربعين في المائة منه وهكذا دواليك، ليقلب المثل وتصبح سنة المشاريع السعودية يوماً؛ كناية عن سرعة تنفيذ المشاريع، ما نريده أن تصبح جميع سنوات المشاريع العربية أياماً، فنحن نعيش في رقعة واحدة، وكل تطور في دولة عربية يصب في مصلحة الإقليم. ودمتم.
نقلا عن الشرق الأوسط