المحاذير

02/02/2025 0
علي المزيد

في عالمنا العربي تكثر المحاذير في معظم الأنشطة، خصوصاً الاقتصاد، فحينما بدأت إحدى الدول العربية فتح اقتصاداتها، وبدأت تخصيص بعض مؤسساتها، سواء المالية أو الخدمية، وبدأت تبحث عن مستثمرين أجانب، بدأت أصوات من البلد ذاته -وللأسف هي أصوات لا تفهم في الاقتصاد وأساسياته- تنتقد هذا التصرف، وتصفه بالتفريط في مؤسسات الدولة، بل إن البعض تطرَّف ليصف الأمر بالتنازل عن السيادة!، وهذا تطرُّف ليس له مبرر، لا سيما أنه يخرج من غير مختصين، كما أنه ليس له سند من الواقع، فالتخصيص، سواء كان لأبناء البلد أو للمستثمرين الأجانب، له مزايا عدة، أولاها تحويل هذه المؤسسات من مؤسسات تتبع القطاع العام إلى شركات مساهمة تهدف إلى الربح، وتتميز بإعلان ميزانياتها للعموم وفق مواعيد محددة ربع سنوية وسنوية، ما يُتيح محاسبة هذه الشركات وفق أدائها، ويظهر للعموم كيف تسير الشركة، وهل هي رابحة أم خاسرة؟ بينما كانت هذه المنشآت صناديق سوداء حينما كانت تحت إدارة الحكومة؛ لأنها غير مضطرة لإعلان ميزانيتها.

كما أن التحول إلى شركات مساهمة قد يمنع الفساد، أو على الأقل، يُخففه، خاصة إذا كان هناك طرف أجنبي يحمل أسهم الشركة، ثم إنه يلغي بيروقراطية الإدارة، وقد يحث الدولة على تخفيف بيروقراطيتها كي تظهر بمظهر جاذب للاستثمار الأجنبي، وتوفير سيولة خارجية تستثمر في البلد، وتتيح فرصاً وظيفية للمواطنين، ونقل المعرفة عبر الشركاء الأجانب، والفوائد أكثر من ذلك بكثير، ولكنني حاولت اختصارها.

بعض دول الخليج تخلَّت عن المحاذير التي تُحيط بالاستثمار الأجنبي، وفتحت اقتصادها للمستثمرين الأجانب، واستقطبت رؤوس أموال أجنبية حرَّكت اقتصاداتها، وبعض دول الخليج الأخرى لا تزال تفتح اقتصادات على استحياء، ولكنني أظنها في الطريق لفتحها أمام المستثمر الأجنبي، فالعالم أصبح اليوم قرية صغيرة، ولا مجال لتقدم اقتصاد منغلق.

ولو نظرنا إلى السعودية مثالاً لوجدنا أنها كانت تفتح اقتصادها بخطى بطيئة في السنوات الماضية، ولكن هذه الخُطى بدأت تتسارع مع رؤية السعودية 2030، لتفتح للمستثمر الأجنبي شراء أسهم الشركات العقارية في المدينتين المقدستين مكة والمدينة، بحدود 49 في المائة من أسهم أي شركة للمستثمرين الأجانب مجتمعين، ولا أعلم إن كانت السعودية قد تسمح للمسلمين بالشراء المباشر للعقار وفق ضوابط محددة، ولكنني أتوقع أنها في الطريق، ما لم تكن هناك محاذير قانونية تمنع ذلك.

ما أرجوه أن تحذو الدول العربية حذو السعودية ودول الخليج في فتح اقتصاداتها، وتتخلَّى عن المحاذير التي عفا عليها الزمن، متى ما أردنا انتعاشاً لاقتصادنا العربي. ودمتم.

 

 

نقلا عن الشرق الأوسط