رالي داكار.. السياحة الرياضية والبيئية

23/01/2025 0
فضل بن سعد البوعينين

السياحة الرياضية والبيئية من أهم أنواع السياحة المفضلة لشريحة عريضة من السياح حول العالم، ومن أدوات الجذب السياحي، والترويج الإعلامي، تشكل السياحة الرياضية والبيئية رافداً مهماً من روافد الاقتصاد؛ لارتباطها بقطاعين مهمين ركزت عليهما رؤية المملكة 2030، الأول القطاع السياحي الذي تستهدف الرؤية رفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، وتحقيق الاستثمار الأمثل للمقومات السياحية، وبما يسهم في خلق الوظائف والفرص الاستثمارية، وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وزيادة عدد الزائرين للمملكة. والثاني تنمية القطاع الرياضي، وتطويره بما ينعكس إيجاباً على المواطنين، وبخاصة فئة الشباب، وتحفيز ممارسة الرياضة واحتضان المنافسات العالمية، وجعله أكثر جاذبية للاستثمار، ولأهمية القطاع الرياضي على وجه الخصوص، والقطاع السياحي عموماً، وجدا الاهتمام والدعم من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي حرص على أن يكونا ضمن برامج رؤية 2030 ومستهدفاتها، دعماً للسياحة والرياضة والشباب، وتحفيزاً للاقتصاد ورفع مساهمتهما في الناتج المحلي الإجمالي، واستثمارهما في الترويج للمملكة، وإبراز مقوماتها السياحية، البيئية، الثقافية، التنموية والاقتصادية للعالم أجمع، ضمن سعيها لتعزيز مكانتها.

تسعى المملكة لأن تكون وجهة عالمية للسياحة الرياضية من خلال استضافة الفعاليات الرياضية المختلفة، والتوسع في خلق المنشآت الرياضية وتطوير قطاع الإيواء وتحقيق المتطلبات الدولية، وإنشاء القرى الرياضية والسياحية المتكاملة، قد ينظر البعض للمنافسات الرياضية من زاوية الترفيه، وبمعزل عن الزوايا الأخرى الأكثر أهمية، وفي مقدمتها الجذب السياحي والترويج الإعلامي الذي يتطلب عشرات المليارات لتحقيق أهدافه وإحداث التأثير الاحترافي المأمول، غير أن من الممكن تحقيق ذلك بميزانيات محدودة من خلال استضافة الأنشطة الرياضية العالمية التي تجعل المملكة محط أنظار العالم، ومحتوى رئيس تتداوله وكالات الإعلام، والمحطات الفضائية ومنصات التواصل الاجتماعي الأكثر تأثيراً في الشباب.

رالي داكار السعودية، من أهم المنافسات العالمية التي نجحت المملكة في استضافتها وللعام السادس على التوالي، حيث توجهت أنظار العالم نحو المملكة لمتابعة السباق الأصعب والأقوى في عالم رياضة المحركات. وعلى الرغم من طبيعة السباق الرياضية، إلا أنه يجمع بين رياضة المحركات، واستكشاف المناظر الطبيعية الخلابة والتضاريس المتنوعة والمناطق الحاضنة التي تزخر بالعمق التراثي والثقافي والبيئي والسياحي، ما يجعل منه أداة مهمة للترويج البيئي والسياحي عموماً، جمعت مسابقات الرالي بين الرياضة والسياحة البيئية، وبات من أهم أدوات الترويج السياحي للمملكة، ولبيئتها المتنوعة، وثقافة شعبها المضياف والمتقبل لجميع الثقافات، والمجتمعات، والداعم والمحفز لإقامة المنافسات الرياضية واستضافة المشجعين والمتابعين، والأكثر تفاعلاً مع المنافسات الرياضية.

لم يقتصر نجاح المملكة على إقامة رالي داكار باحترافية وكفاءة عالية، ودعم لوجستي وأمن وسلامة لجميع المتسابقين، بل تمكن المتسابق السعودي يزيد الراجحي بالفوز بالسباق كأول سعودي يحقق هذا الإنجاز المهم، الذي يعتبر إنجازاً للوطن يسجل ضمن الإنجازات الرياضية التي تحققت بفضل الله، ثم بجهود القيادة، التي دعمت القطاع الرياضي وحرصت على استضافة الأنشطة الرياضية العالمية، وقدمت مشروعاً متكاملاً لدعم القطاع الرياضي وتحفيز الشباب على تحقيق الإنجازات الوطنية التي يتسابق العالم للظفر بها، وتعتبر جزءاً مهماً من أدوات الترويج. فمتابعة العالم للسباق خلال أيام المنافسة، ثم التغطية الإعلامية المكثفة لتتويج البطل السعودي عكست صورة مشرقة للرياضة السعودية وقدرة شبابها على تحقيق المنافسة العالمية والفوز بالبطولات، وتصحيح وجهات النظر المغلوطة والمصطنعة عن المملكة، والرد على حملات المشككين، والمحرضين بأسلوب حضاري، ونتائج مبهرة على أرض الواقع.

النقل المباشر، والتغطيات الإعلامية، وتغطيات المشاركين في السباق لمسار رالي داكار السعودية، من بيشة في جنوب المملكة، والتي تقع على مفترق الطرق الرئيسة التي تربط منطقة عسير بالمنطقتين الوسطى والغربية، ثم العبور من جنوب المملكة إلى شمالها، ثم التوجه إلى شرق المملكة نحو شبيطة في الربع الخالي، أكبر صحراء رملية متّصلة في العالم، كشف عن تنوع بيئي جميل، وكنوز بيئية وثقافية وسياحية ومناطق أثرية، وتضاريس ومناظر طبيعية يتوق العالم لمشاهدتها.

المملكة ليست مستودعاً لآبار النفط كما يروج المرجفون، بل وطن التنوع والتنمية والجمال البيئي والثقافي والسياحي، والعمق التاريخي والاقتصادي، وهي الرسالة التي تسعى المملكة لإيصالها للعالم من خلال جهودها الترويجية التي تعتبر السياحة الرياضية والبيئية واستضافة المنافسات العالمية، من أدواتها الرئيسة.

 

 

نقلا عن الجزيرة