التوازن المالي

17/10/2024 2
د.عبد الوهاب بن سعيد القحطاني

التوازن المالي في ميزانية أي دولة لا يتحقق إلا عندما تكون الإيرادات والمصروفات متوازنة أو بمعني آخر متساوية نسبياً، لكن في ظل ميزانية بمصروفات متنامية وايرادات متواضعة وقطاع خاص متواضع في المشاركة في إجمالي الناتج المحلي والتوظيف المتواضع وكذلك الأداء والتوسع والنمو المتدني، فإن التوازن يصبح مهمة صعبة جداً، بل بتعبير أصح يصبح مستحيلاً إلا بتوافر مصادر تمويل لا ترهق النظام الاقتصادي ولا تجذب المستثمر المحلي والأجنبي على حد سواء.

المؤسسات المالية تضع التوازن المالي في الاعتبار ببعض خططها وسياساتها مثل سياسة الإقراض وجذب الأموال للاستثمار في قنوات استثمارية مصرفية. يساهم التحكم المالي الفعال في كفاءة المصروفات وتناسقها مع الإيرادات، المشكلة في التوازن المالي ذات جوانب عديدة، أولاً أسعار النفط التي لا تزال تتذبذب ولا تزال منخفضة وغير مستقرة بالرغم من التزام المملكة بما اتفقت عليه الأطراف الأعضاء في أوبك+ في اجتماعاتها القليلة الماضية وقبلها، حيث أشاد بذلك صندوق الاستثمار الأمريكي «جي بي مورقان» في تقريره عن الأسواق الناشئة.

لقد جاء في تقرير «جي بي مورقان» أن المملكة وبعض دول الأوبك+ التزمت باتفاقية خفض الإنتاج النفطي حسب الاتفاقية بينما لم يذكر التقرير إلتزام بعض الدول الأعضاء الاخرى، فهي في أحيان عديدة تنتج فوق المقرر لها وتبيع بأسعار تحت سعر الدول الأعضاء حسب المعلومات، لا أعتقد أن قرارات الرسوم ستكون الحل المناسب لقطاع الأعمال لأنها تضعف من القوة الشرائية للمستهلك، وبالتالي تتراجع مبيعات وأرباح قطاع التجزئة الأكثر نشاطا، وبالتأكيد التكاليف على المستثمر المحلي والأجنبي لا تجذب الاستثمار الداخلي والخارجي مما يؤثر في التنمية الاقتصادية.

نعلم حرص الحكومة على تحقيق التوازن المالي الذي لا يضر المواطن والمقيم لأن الخيارات أمامها قليلة وقراءة أسعار النفط غير مؤكدة وغير مستقرة، الطرف الآخر في المعادلة هو الانفاق الحكومي على المشاريع التي اتضح في السنوات الأخيرة ارتفاع تكاليفها بما لا يتناسب مع إيرادات الحكومة من النفط والبتروكيماويات والمعادن والرسوم وغيرها، إن التقشف في المصروفات الحكومية على المشاريع العملاقة سيؤثر في التنمية الاقتصادية الشاملة.

تتلخص طرق تحقيق التوازن المالي في التالي ترشيد الانفاج الرأسمالي والتشغيلي، والجهود الحالية والمستقبلية لترشيد ورفع كفاءة الانفاق الحكومي، وإصلاحات أسعار الطاقة والمياه، وخطط تحرير أسعار الطاقة والمياه بحيث تتوافق مع أسعار السوق، النظر في الايرادات الحكومية الأخرى، وأيضاً فتح المجال للمبادرات الأخرى التي سيتم من خلالها تنمية الايرادات الحكومية غير النفطية.

 

 

نقلا عن اليوم