ترتكز عمليات وبرامج الإصلاح والتطوير الاقتصادي الشامل على عديدٍ من المقومات؛ يأتي في مقدمتها أنها تمتاز بالديناميكية والحيوية المتوافقة مع متغيرات المراحل الزمنية التي تمر بها، وغياب مثل هذه الركيزة من شأنه أن يُطيح بجدوى أيّ من تلك البرامج والمبادرات بكل تأكيد، لهذا تتسلح برامج الإصلاح والتطوير منذ بدايتها بركن "الحوكمة" القائم كلياً على المراجعة والمحاسبة، ويصل أيضاً إلى المساءلة في حال وقوع أي مخالفات، وترتفع الأهمية القصوى للحوكمة بدرجةٍ أكبر في الحالة التي تتسم فيها برامج الإصلاح بطول فترتها الزمنية، التي تحتمل نسباً أعلى من التغيرات والتطورات الاقتصادية وخلافه، الخارجة عن التصوّر الأولي في بداية الفترة، وهو الأمر المحسوم الاتفاق عليه من قبل الجميع، ما يقتضي بدوره العمل المتكامل على المراجعة وإعادة برمجة المستهدفات وتخصيص الموارد والجهود، بما يتوافق مع تلك التغيرات والتطورات الحديثة، ومن ثم استكمال مسيرة تحقيق البرامج والمبادرات.
إنّه بالضبط ما تحلّت به منهجية تنفيذ وتحقيق برامج ومبادرات رؤية السعودية 2030، التي تمكنت من تحقيق جزءٍ كبيرٍ من مستهدفاتها الإستراتيجية حتى قبل نهاية الفترة قبل أن ينقضي 50 % من عمرها الزمني المقدّر، على الرغم من التحديات الكبيرة التي شهدها الاقتصاد العالمي في 2020 وما تلاه من آثارٍ عكسية غير مسبوقة في أكثر من 4 عقودٍ من الزمن، ولا زالت المؤسسات الاقتصادية والمالية تواجهها حتى تاريخه على امتداد خريطة المجتمع الدولي، ليس أحدها إلا التضخم العالمي وارتفاع حجم الديون وتباطؤ معدلات النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة، عدا ما تواجهه التجارة العالمية من تقلباتٍ واضطراباتٍ نتجت إمّا عن الحروب التجارية بين الاقتصادات الكبرى، أو عن الاضطرابات المتكررة لخطوط الإمدادات.
لا بد أن المتغيرات والأزمات المتنوعة والمفاجئة أيضاً؛ ستخلّف وراءها اتجاهاتٍ جديدة لمسار الاقتصاد العالمي والأسواق حول العالم والسياسات الاقتصادية والنقدية والاستثمارية، ما يقتضي بدوره من الأجهزة القائمة على رسم أي سياسات اقتصادية ومالية ونقدية بتكييف عملها بالتوافق مع تلك المتغيرات، وإلا فإنّها ستتخلّف كثيراً عن مواجهتها، وتسقط لاحقاً في أزماتٍ أكبر مما هو قائمٌ أمامها الآن، أو أنّها قد تفوّت على اقتصاداتها استغلال الفرص الجديدة التي نشأت ولم تحسن انتهازها.
والجزء الأخير هو بالتحديد ما يعني الأجهزة الحكومية محلياً بالشراكة مع القطاع الخاص، لكون الاقتصاد الوطني لا يعاني أغلب التحديات والأزمات التي تواجه البلدان المتقدمة، نظير المتانة والاستقرار الذين يتمتع بهما، وكانت من أهم ثمار بدء إصلاحات رؤية السعودية 2030 قبل نحو 8 أعوامٍ من تاريخه، ما دفع به إلى مواقع أفضل أهلته للتفكير في البحث عن أفضل الفرص الاستثمارية المحفزة لمزيدٍ من استدامة النمو والاستقرار، إضافةً إلى التفكير بتسريع تحقق مستهدفات الرؤية المباركة، التي قطعت أشواطاً أكبر حتى قبل الوصول إلى المواعيد الزمنية لاستحقاقها، ومؤشراتها في ذلك عديدةٍ على مستوى القطاعات المالية وسوق العمل وعموم ومختلف نشاطات الاقتصاد الوطني، التي مكّنته من الصمود في وجه كثيرٍ من الأزمات والتقلبات الحادة التي عصفت بكثيرٍ من الاقتصادات حول العالم أثناء وبعد الجائحة العالمية "كوفيد-19" كأقرب مثال.
إنّ التغيير والتطوير جزءٌ رئيس من منهجية رؤية السعودية 2030، وهو المحور الديناميكي الذي تتسلّح به منذ أول يومٍ تم إطلاقها فيه، وبوجوده والعمل على تفعيله من فترةٍ إلى أخرى، ستبقى الرؤية أكثر حياةٍ وأعلى استجابة لمتطلبات المرحلة الزمنية التي تعبرها، وسيدفع بها بكل تأكيدٍ إلى تحقيق النجاح المنشود وترجمة مستهدفاتها على أرض الواقع.
نقلا عن الافقتصادية
بختصرها لك: إما أنت خسارة فينا، أو نحن خسارة فيك.
اخي وزميلي عبدالحميد التنظير جميل لكن على أرض الواقع يكون له عقبات وصعوبات لازم تدعم بقوة
أكيد أخي الموقر عبدالرحمن، وهذا ما حاولت الإشارة إليه! أي برنامج أو خطة مستقبلية يجب أن يكون القائمون عليها متأهبون لأي تغيرات خارجية مؤثرة، بأن يعلموا على تعديل برنامج عملهم وفقا لما استجد من متغيرات... أما البقاء على أول مخطوطة للبرامج دون أي تفاعل مع المستجدات، فهذا من أول وأهم أسباب الفشل -لا قدّر الله-، والحديث هنا عن ضرورة أن تتمتع أي خطط أو برامج مستقبلية بالمرونة اللازمة، والتحرّك على تكييفها وفق الوقائع الجديدة الراهنة، وهي ليست "وحي منزل" حتى لا يتم تغييرها وتكييفها وفق الواقع الراهن
بأن يعلموا ==> بأن يعملوا
بارك الله في اخي الحبيب ونفنا الله بما علمنا منكم نستفيد