ارتفع حجم الودائع البنكية بنحو 27.4 % (577.6 مليار ريال) منذ نهاية 2021 حتى منتصف العام الجاري، بالتزامن مع ارتفاع أسعار الفائدة بين البنوك لفترة 3 أشهر من 0.87 % في بداية الفترة إلى نحو 6.3 % كأعلى معدل لها خلال أكثر من 23 عاما مضى، وذهب جل الزيادة المطردة في الودائع البنكية إلى الودائع الادخارية بنحو 76 % من تلك الزيادة، مسجلة ارتفاعا قياسا للفترة بنحو 88 % حتى نهاية يونيو الماضي، وزيادة في إجمالي أرصدتها بنحو 436.1 مليار ريال، أوصلتها إلى مستوى قياسي غير مسبوق بلغ نحو 931.4 مليار ريال. في المقابل؛ ارتفع حجم الودائع تحت الطلب لنفس الفترة بـ 4.7 % فقط، مستقرة عند مستوى 1.4 تريليون ريال بزيادة إجمالية خلال الفترة بلغت 63.5 مليار ريال (11 % من إجمالي الزيادة الكلية في حجم الودائع البنكية).
هذه التغيرات على مستوى التحركات البينية للودائع البنكية يختلف تماما عن تغيراتها خلال الفترة أكتوبر 2009 حتى يوليو 2012، التي شهدت بالتزامن من تداعيات الأزمة المالية العالمية 2008 تراجعاً متسارعاً لأسعار الفائدة بين البنوك لفترة 3 أشهر من 4.6 % إلى أن استقرت عند 0.9 % بنهاية تلك الفترة، ارتفعت معه الودائع تحت الطلب للفترة بـ 107.8 % (زيادة 359.5 مليار ريال)، مقابل تراجع الودائع بـ -7.1 % (انخفاض 23.1 مليار ريال)، وتزامنت تلك التحولات مع ارتفاع المؤشر العام لسوق الأسهم المحلية بنحو 57 % حتى نهاية الفترة، واستمر في الارتفاع تحت استمرار انخفاض أسعار الفائدة حتى وصلت نسبة ارتفاعه إلى أعلى من 153 % بحلول منتصف 2014، تراجعت بعدها متأثرة من تراجع الأسعار العالمية للنفط، ولم يقف ارتفاع أسواق الأصول عند ذلك الحد، بل تجاوزه كثيرا إلى بقية الأسواق الأخرى مسجلا مستويات قياسية من الارتفاع، تخللها ارتفاع معدل التضخم إلى 7.2 % بنهاية يناير 2011، وظل متذبذبا عند تلك المستويات المرتفعة طوال تلك الفترة.
يأتي استقراء تلك التطورات الراهنة، ومحاولة استكشاف اتجاهاتها المستقبلية مع اقتراب البنوك المركزية من بدء خفضها لأسعار الفائدة إما بحلول نهاية العام الجاري أو في مطلع 2025، وقد تتأخر تلك القرارات بناء على ما ستقف عليه معدلات التضخم في تلك الفترة، إلا أن الجديد في المرحلة الراهنة هو ما أظهرته أغلب الأسواق من ارتفاعات قياسية طوال الفترة التي شهدت رفع أسعار الفائدة إلى مستوياتها خلال أكثر من 23 عاما مضى، ووصول أغلب مؤشراتها إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة. أسئلة محورية واسعة العدد؛ لعل من أبرزها حول إلى أين ستتجه فوائض السيولة التي تشكلت حتى تاريخه بمجرد تراجع أسعار الفائدة؟ وترتفع أهمية الحديث هنا بالتزامن مع المستوى القياسي للزيادة التي تحققت للودائع الادخارية المقاربة لنحو 0.5 تريليون ريال! هل سيتدفق أغلبها على سوق الأسهم المحلية أو إلى أسواق الأصول؟.
وهل سيتدفق جزء منها إلى الانفاق الاستهلاكي ما قد يدفع بمعدل التضخم محليا نحو الارتفاع؟ كل هذه الأسئلة وغيرها تجتذب اهتمام عموم المستثمرين والمستهلكين على حد سواء، ومؤكد أنها تستأثر باهتمام أكبر من قبل البنوك الاستثمارية والشركات، وقبل جميع تلك الأطراف راسمي السياسات الاقتصادية الكلية.
ختاما؛ الأهم في كل ما تقدم وانتهازا أمثل لهذه السيولة المتأهبة للاستثمار والإنفاق على حد سواء، أن يتم تحفيز أكبر قدر ممكن استغلال فرص الاستثمار المحلية أمام تلك السيولة المحلية، والمتوقع أيضا تصاعدها مع الاستثمارات الأجنبية، ما سيسرع بدرجة أكبر من تنفيذ الإصلاحات الهيكلية تحت مظلة رؤية السعودية 2030، وهو المنجز التنموي والاقتصادي الأهم على الإطلاق، الذي سيدفع كثيرا من توليد مزيد من فرص العمل الكريمة أمام الموارد البشرية المواطنة، ويسرع أيضا من رفع إسهام القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي، وتنويع قاعدة الإنتاج المحلية، وبالتأكيد فإن جميعها مستهدفات إستراتيجية تلتقي بنسبة كبيرة مع الأهداف الإستراتيجية لرؤية السعودية 2030.
نقلا عن الاقتصادية
مقالة ممتازة أ/عبدالحميد العمرى...فالسيولة الفائضة والمقدرة حوالى نصف ترليون ريال سعودى500.000.000.000 ريال ( حوالى134.000.000.000 $ دولار امريكى) مبلغ هائل لتوظيفه فى الاقتصاد الوطنى مابين أكتتابات الاسهم القيادية مثل أرمكوا وغيرها...ومشاريع المقاولات والخدمات الضخمة للقطاع الخاص فى عموم المملكة العربية السعودية بالاضافة للميزانيات السنوية الترليونية لحكومة خادم الحرمين الشريفين لمشاريع البنية التحتيه العملاقة...وناتجها كل ذلك باذن الله تعالى طفرة وتصدر المراكز المتقدمة بالترتيب العالمى لمجموعة العشرين فى العالم ...والله الموفق ،،،،،،،،