مصطلحات الطرح الثانوي لأرامكو

02/06/2024 6
د. فهد الحويماني

بداية يجب التنبيه إلى أن ما سيتم بخصوص أسهم شركة أرامكو السعودية لا يعد طرحا ثانويا بالمعنى الصحيح لهذا المصطلح، بل إنها عملية بيع لأسهم أرامكو مملوكة من قبل شركات تابعة لصندوق الاستثمارات العامة، وهذ يختلف في عدة أمور عن الطرح الثانوي الذي يتم من قبل الشركة نفسها، فحقيقة الأمر أن شركة أرامكو لم تعلن طرحا ثانويا لأسهمها، بل إن الإعلان صادر من تداول السعودية نقلا عن مدير الاكتتاب. أهمية توضيح ذلك تأتي في كون الطرح الثانوي يعني إصدار أسهم إضافية من قبل الشركة، وعادة يؤثر سلبا في سعر الشركة وربحية السهم الواحد ومؤشرات أخرى كثيرة، وهذا ليس بالأمر الحاصل هنا، فلن يتغير عدد أسهم أرامكو ولن تنخفض ربحية السهم الواحد، فما المقصود بالطرح الثانوي لأرامكو، وكيف يتم تحديد سعر الاكتتاب، وما دور مدير الاستقرار وأهمية ذلك؟

قبل نحو ثلاثة أشهر أعلنت أرامكو السعودية نقل 8 % من إجمالي أسهمها من ملكية الدولة إلى محافظ شركات مملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة، وحتى في ذلك الوقت لم يعلن أن العملية طرح ثانوي، بل كما ورد في الخبر الرسمي هي عملية نقل أسهم ليس فيها بيع ولا شراء ولا تأثير على أسهم الشركة بأي شكل من الأشكال. الذي حدث بعد ذلك أن الصندوق المالك لهذه الأسهم يرغب في بيعها في سوق الأسهم السعودية، واختار طريقة تقديم عرض بيع، أو tender offer، وهي طريقة شائعة ومعروفة عالميا، وبما أنها ستطرح من خلال تداول السعودية فستخضع لشروط وضوابط طرح الأسهم وبناء سجل الأوامر وتحديد نسبة الأفراد والنطاق السعري، إضافة إلى السماح بممارسة دور الاستقرار السعري خلال أول 30 يوما بعد عملية البيع، ولن نقول الاكتتاب لأن العملية لا تعد عملية اكتتاب.

تحديات تحديد سعر "الاكتتاب" هي أن هناك سعرا سوقيا قائما للشركة، وهذا يختلف عن الطرح العام الذي يحدث بغياب سعر مرجعي للسهم، ولذلك لا بد من إجراء خصم مناسب ليكون هناك جدوى من شراء الأسهم عن طريق الاكتتاب، بدلا من شرائها من السوق مباشرة، وهذا ما سيتم بالفعل حيث قد يحصل المكتتبون على سعر أقل من سعر السوق بريالين أو ثلاثة. وأما دور مدير الاستقرار السعري فالسبب أنه في حال كان هناك عمليات بيع سوقية بعد الاكتتاب فلا بد أن يكون هناك جهة تبادر بشراء الأسهم منعا لنزول سعر السهم بشكل غير مقبول، وبالتالي سيسمح لمدير الاستقرار السعري ببيع أسهم لا يملكها، أي بيع على المكشوف، ولاحقا يقوم بتغطية مركزه المكشوف من خلال شراء الأسهم من الصندوق.

خيارات الصندوق لبيع ما لديه من أسهم أرامكو محدودة، فخيار بيع الأسهم مباشرة في السوق صعب جدا بحكم العدد الكبير للأسهم، 1.5 مليار سهم، حيث إن متوسط التداول اليومي لأسهم الشركة نحو 15 مليون سهم، ولو حاول الصندوق بيع ربع ذلك العدد في اليوم الواحد فسيحتاج إلى نحو عامين لإتمام العملية، وسيتأثر سعر السهم بشكل كبير جدا. الخيار الآخر في مثل هذه الحالات أن يتم الترتيب مع إحدى الجهات المهتمة لشراء الأسهم، كمؤسسات التقاعد وصناديق الاستثمار الكبيرة داخل المملكة وخارجها، ولكن هناك صعوبة أولا في تحديد الجهة الراغبة في الشراء وثانيا في تحديد السعر المرضي لكلا الطرفين، وبالطبع لن يقوم أحد بشراء الأسهم من الصندوق إلا إذا كان السعر أقل من سعر السوق، لذا فالعملية صعبة للغاية خصوصا أن قيمة الأسهم كبيرة، نحو 45 مليار ريال.

الخيار الآخر الشائع في كثير من الحالات هو أن تقوم الشركة بشراء الأسهم من البائع كأسهم خزينة متى كان لديها ما يكفي من النقد، وأرامكو بالطبع لديها سيولة نقدية عالية بنحو 244 مليار ريال بحسب آخر تقرير فصلي، ولكن هذا الخيار غير وارد هنا لأن الشركة هي من قام بنقل أسهمها إلى محافظ الصندوق، فيتبقى قرار الصندوق هو الحل الأمثل لبيع ما لديه من أسهم لشركة أرامكو.

 

 

 

 

 

نقلا عن الاقتصادية