هناك حاجة ماسة لضبط الإعلانات الخاصة بالمنتجات المالية التي تشير إلى نسب العوائد المتحققة منها، حيث بدأت تنتشر في منصات التواصل الاجتماعي، وغيرها من مواقع إلكترونية، إعلانات تحتوي على عبارات تتطرق إلى العائد المالي بأساليب غير دقيقة، تصل في بعض الحالات إلى كونها احتيالية ومضللة. وبما أن لدينا جيلا كبيرا من الشباب من المتابعين لهذه الوسائل الاجتماعية، ممن لديه اهتمام بالادخار والاستثمار، فمن السهولة بمكان أن يتم تضليل هؤلاء الشباب بوعود وهمية أو خاطئة -على أقل تقدير- لما يمكن تحقيقه من عوائد على مدخراتهم واستثماراتهم، هذه الحالات غير المنضبطة ازدادت مع انتشار تطبيقات التقنية المالية وحدة التنافس فيما بين المؤسسات المالية التي تقدم هذه المنتجات، وهي الجهات التي استفادت من مبادرة "فنتك السعودية" التي أطلقت في 2018 من قبل البنك المركزي وهيئة السوق المالية بهدف فتح المجال لشركات التقنية المالية للابتكار والعمل على تطوير منتجات مالية حديثة، وهو الأمر الذي تحقق بالفعل فبدأنا نلحظ خدمات تقنية مالية متطورة وجذابة، كالتمويل الجماعي بالملكية أو الدين والمستشار الآلي ومنصات التداول والادخار وغيرها.
الثغرة التسويقية هنا أن بعض الإعلانات ليست صادرة من المؤسسة المالية ذاتها، بل تأتي في الأغلب عن طريق مشاهير التواصل الاجتماعي، علما أن لائحة مؤسسات السوق المالية تشير نصا إلى مسؤولية المؤسسة المالية تجاه صحة المعلومات الصادرة من أي شخص يقوم بالإعلان نيابة عنها أو الترويج لأي من خدماتها، كما ورد في الفصل الثاني من اللائحة. كما أن تنظيمات الحصول على التصريح لمزاولة التقنية المالية تشتمل على ضوابط متعلقة بطريقة الترويج المالي ونوعه وضرورة تقديم الإفصاحات المرتبطة بذلك إلى العملاء. ورغم ذلك قد نرى إعلانا على لسان أحد المشاهير يشير إلى أن العائد لمحافظ التطبيق الفلاني يصل إلى 20 % أو أن يحتوي الإعلان على كلمة مضمون، دون الإشارة إلى أن العائد المذكور حصل في فترة معينة وربما لمحفظة ساكنة تتبع أداء أحد المؤشرات المحلية أو العالمية، ودون التطرق إلى أداء المحافظ الأخرى المدارة عن طريق التطبيق، ولا إلى كون ذلك مجرد عائد تحقق في الماضي ولا يمكن الجزم بتحقيقه مرة أخرى.
في التجربة الأمريكية هناك عدة ضوابط متعلقة بصحة الإعلانات ودقتها، بدءا بالقانون الفيدرالي "الحقيقة في الدعاية والإعلان" ومنه إلى عدة قوانين صادرة من هيئة الأوراق المالية وهيئة تنظيم القطاع المالي، جميعها تؤكد ضرورة أن تكون البيانات المقدمة للعميل صحيحة ودقيقة. فمن المخالفات الواجب تجنبها استخدام العائد الإجمالي بدلا من صافي العائد، وهو الرقم المهم للعميل في نهاية الأمر، فقد لا يذكر للعميل وجود استقطاعات لاحقة، فمثلا بعض تطبيقات التقنية المالية تقدم خدمات استثمار في صناديق متداولة أو تقليدية، وتذكر فيها أن نسبة الرسوم الإدارية 0.75 %، دون الإشارة إلى أن الصناديق المستثمر فيها بدورها تستقطع 1 % أو أكثر، ودون الإشارة إلى تكاليف الاسترداد أو السحوبات وغيرها.
المطلوب أن تقوم الجهات التنظيمية، وهي هيئة السوق المالية والبنك المركزي، بتحميل الجهة المعلنة، سواء تم ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، مسئولية صحة المعلومات الظاهرة في الإعلان وفقا للأسس المهنية المتعارف عليها، والمذكور كثير منها في شروط التصريح، وأن يكون هناك حملات توعوية للتعريف بمعنى العائد المضمون ودرجة المخاطرة المتعلقة به ومقارنة ذلك بالعوائد المصحوبة بدرجات أعلى من المخاطرة. فمن الضروري أن يدرك العميل أن هناك عدة أنواع من المخاطر المالية، سواء تلك المتعلقة بتذبذب العائد أو ثباته، أو تلك المتعلقة بقدرة الجهة وسمعتها وملاءتها المالية.
نقلا عن الاقتصادية
كلام جميل جداً.
اعتقد ان الجهات التنظيمية تحتاج للمبادرة ولا يجب ان تنتظر شكوي من العميل.
واخطر ما يهدد هذة المنصات التمويل بالدين لشركات تعثر في سداد مبالغ المستثمرين كما حصل في منصة دينار ومنصة فرص والكثير من الفرص المتعثرة من يحمي حوق هولاء المستثمرين