تشهد أسعار النفط تباينا بين وقت وآخر، تبعا لظروف. وعلى مدى أعوام هناك نوع إجماع بين أعضاء الأوبك على أن تذبذب وارتفاع أسعار النفط لا يرجع إلى شح في الإمدادات النفطية أي العرض. وقد أكد وزراء أوبك بعدم وجود شح في العرض النفطي. وجاء في عدة بيانات لأوبك وأوبك بلس الإعلان عن الاستمرار في إمداد الأسواق العالمية بكميات كافية واقتصادية وموثوقة من البترول وبصورة فاعلة وفي الأوقات المطلوبة، مع العمل على تحقيق التوازن في أسواق الطاقة، وأسعار مستقرة وتنافسية للبترول، حقيقة لم يشهد العالم خللا كبيرا في الإمداد خلال هذا العام أو الأعوام القليلة الماضية، ولم يزد الطلب على النفط زيادة كبيرة. فمثلا وفي أكثر من نشرة، قدرت جهات كبيرة كثيرة أن زيادة الطلب معتدلة في حدود 1.5 % سنويا، عبارة "لا يوجد شح في العرض النفطي" تحمل إشكالا. ذلك لأنه لا يمكن الحديث عن العرض أو البيع بمعزل عن السعر، أي أنه لا يمكن الحديث عن شح في الإمدادات النفطية، بدون اعتبار للأسعار. ومن جهة أخرى، يحمل كل سعر قدرا من الطلب أي الاستهلاك، أي أنه لا يمكن الحديث عن الشراء بمعزل عن الثمن.
ثم تأتي مشكلة الوقت والتوقعات المستقبلية: إذا لم يكن هناك شح في الحاضر، فماذا بشأن ما بعده؟ هل أوضاع السوق الحالية مشعرة بشيء ما تجاه المستقبل؟ هل النظرة تميل إلى التشاؤم أم التفاؤل تجاه الإمدادات النفطية على المدى البعيد خاصة. قضايا تحت النقاش، وليس هناك من رأي متفق عليه، ما القضايا المثارة في الأسعار موضوع توازن السوق. وينشأ التوازن نتيجة تفاعل الكميات والأسعار، في إطار حركتي العرض والطلب، المتأثرين بعوامل عديدة جدا، صعب حصرها، ناهيك عن التعرف على دقائقها وتفاصيلها بصورة جيدة. والتعرف على العوامل الأهم ممكن، أصدرت إدارات عديدة للطاقة في دول كثيرة نشرات عن آفاق الطاقة على المدى المنظور أي القصير نسبيا. وأشارت النشرات إلى عدة مسببات حاكمة لأسعار النفط، وعلى رأسها مستويات النمو الاقتصادي، والعرض النفطي، والقدرات الإنتاجية، وحجم المخزونات خاصة في كبريات الدول المستهلكة، وقضايا التكرير النفطي.
العوامل السابقة ترسم صورة متشائمة عند البعض لسوق الطاقة العالمية. بعض الجهات الدولية، تتطرق إلى احتمال قوي في المستقبل القريب بحصول شح في إنتاج بعض الدول، وفي مشكلة حصول دول على الإمدادات النفطية الكافية، تبعا لظروف كثيرة. ولهذه الاحتمالات تأثيرات في الأسعار وعلى المضاربة في أسواق الطاقة، تتدفق الأموال بين وقت ووقت إلى سوق النفط، عبر صناديق استثمارية. والمبدأ الحاكم هو نفس المبدأ في أي استثمار: تحقيق الربح بالشراء بسعر منخفض الآن، بهدف اقتناص فرصة البيع بسعر أعلى لاحقا. لكن هذا لا يستلزم أن قرارات أوبك وسياساتها لا علاقة لها بالأسعار، الطلب على النفط تابع للنمو الاقتصادي. وهناك قناعة متزايدة بأن النمو في بعض الدول يشهد تباطؤا حاليا، نتيجة عدة مشاكل، بحثها خارج نطاق المقال. وبالطبع، تباطوء النمو الأمريكي له انعكاسات، باختصار، أسعار النفط تتأثر بصورة أكبر بعوامل ذات علاقة بأساسيات السوق على المدى القصير والمدى البعيد. وهذه الأساسيات كثيرة ومتداخلة التأثير.
أختم مقالي بتصريح الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة، قبل أيام بأن السعودية قررت تعليق خططها لرفع طاقة إنتاجها النفطي بسبب تحول الطاقة، مضيفا أن بلاده لديها كثير من الطاقة الفائضة لدعم سوق النفط.
نقلا عن الاقتصادية