ظلت واردات السلع الصينية قوية في يناير على الرغم من الدلائل على استمرار التعثر الاقتصادي. وربما تكون عطلة رأس السنة الصينية قد دفعت المشترين إلى شراء النفط، الغاز المسال، الفحم وخام الحديد مقدما، ومع ذلك، فقد قدرت واردات الصين من هذه السلع الأساسية عند مستويات قريبة من مستويات ديسمبر، ما يشير إلى أن عوامل أخرى – بما في ذلك انخفاض أسعار النفط والغاز المسال الفورية – كانت مؤثرة عندما تمت المشتريات قبل شهرين إلى ثلاثة أشهر، لذلك، البيانات الأولية التي تظهر واردات قوية يجب أن تؤخذ بحذر. لكن جزءا كبيرا من الواردات كان بسبب ارتفاع الطلب مقارنة بيناير 2023، عندما كانت الصين تعيد فتح أبوابها بعد عمليات الإغلاق، وبسبب انخفاض أسعار السلع الأساسية في وقت تقديم الطلبيات في الربع الرابع من عام 2023. حيث، انخفضت أسعار النفط في الربع الأخير من العام الماضي بعد أن بلغت أعلى مستوى لها عند أكثر من 95 دولارا للبرميل في سبتمبر. وبالنظر إلى الفارق الزمني الذي يبلغ نحو شهرين بين شراء النفط ووصوله إلى الصين، يمكن أن نستنتج أن شركات التكرير الصينية استمرت في شراء مزيد من النفط عندما كانت الأسعار تنخفض.
بالفعل، انتعشت واردات الصين من النفط في ديسمبر 2023 من مستوياتها المنخفضة في نوفمبر وبلغ متوسطها 11.39 مليون برميل يوميا. في يناير 2024، تشير التقديرات إلى بقاء واردات الصين من النفط الخام قوية عند 11.31 مليون برميل يوميا. وارتفعت واردات الشهر الماضي إلى الصين بأكثر من مليون برميل يوميا عن واردات يناير 2023 البالغة 10.24 مليون برميل يوميا، كما حافظت واردات الصين من الغاز المسال على قوتها في نهاية العام الماضي وبداية هذا العام وسط انخفاض الأسعار الفورية على الرغم من ذروة موسم الشتاء. وفرة العرض تحافظ على أسعار الغاز المسال الفورية في آسيا حول أدنى مستوى لها منذ سبعة أشهر، متحدية الأنماط الموسمية التي ترتفع فيها الأسعار في ذروة الشتاء. وبدت واردات خام الحديد إلى الصين قوية في يناير أيضا، عند مستويات قريبة من مستويات قياسية، وسوف يتعين على الأسواق الانتظار بضعة أسابيع حتى صدور البيانات الصينية الرسمية عن واردات السلع الأساسية -التي تصدر في مارس مقارنة بيناير وفبراير مجتمعين، لتجنب تأثير بداية العام الصيني الجديد- لتقييم ما إذا كانت الواردات القوية المقدرة في يناير تشير إلى انتعاش اقتصادي أكثر استقرارا.
وعززت الصين مشترياتها من النفط منذ أكتوبر على الرغم من الدلائل التي تشير إلى أن اقتصادها لا يزال يكافح من أجل الانتعاش في ظل ضعف الطلب الخارجي والمحلي والأزمة المستمرة في قطاع العقارات. ومن ناحية أخرى، ستؤثر وتيرة التعافي الاقتصادي الصيني في أسعار السلع الأساسية. ولم تكن البيانات الاقتصادية الأخيرة ليناير مطمئنة على الإطلاق بشأن حدوث انتعاش. حيث، انخفضت قيمة مبيعات العقارات بنسبة 34 % على أساس سنوي، بينما انكمش نشاط التصنيع للشهر الرابع على التوالي. بشكل عام، تظهر بيانات مؤشر مديري المشتريات أن الاقتصاد الصيني لا يزال ضعيفا نسبيا. إلى أن تعود المؤشرات الطبيعية مثل الطلبيات الجديدة إلى التوسع، فمن المرجح أن يظل الزخم الاقتصادي فاترا. ومن المنتظر أن يشكل النمو الاقتصادي في الصين -كما كان الحال دائما- عاملا رئيسا في دفع أسعار النفط والسلع الأساسية الأخرى إلى الارتفاع أو الانخفاض.
نقلا عن الاقتصادية