أهمية الشراكة الحكومية مع القطاع الخاص

13/02/2024 0
عبد الحميد العمري

اضطلع صندوق الاستثمارات العامّة خلال الأعوام الأخيرة بأدوارٍ بالغة الأهمية، من خلال تعزيز وتطوير الشراكة مع القطاع الخاص، التي يُستهدف منها زيادة إسهام القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى 65 %، ورفع نسبة الصادرات غير النفطية من 16 % إلى 50 % بحلول 2030، وتسارعت خطوات الشراكة بين صندوق الاستثمارات العامّة والقطاع الخاص بصورةٍ أكبر، على أثْر إطلاق  ولي العهد رئيس مجلس الوزراء برنامج "شريك" في 30 مارس من 2021، الذي يمثل أحد أهم البرامج التنفيذية لرؤية المملكة 2030، ويصل إجمالي عدد الشركات المشمولة في البرنامج إلى 28 شركة من القطاع الخاص، بهدف دعم تنويع الاقتصاد الوطني لموارده الاقتصادية، وتقليص الاعتماد على النفط، وزيادة تنمية استثمارات القطاع الخاص للوصول بها إلى مستوى خمسة تريليونات ريال بحلول 2030.

أخيرا؛ كشف صندوق الاستثمارات العامّة والقطاع الخاص عن ارتفاع الاستثمارات المباشرة من القطاع الخاص بين بداية 2021 حتى نهاية الربع الثالث من 2023 إلى أكثر من 96 مليار ريال، وإطلاقه بالشراكة مع "صندوق البنية التحتية الوطني" برنامج تمويل المقاولين، الذي يشكّل مبادرة تستهدف تعزيز قطاع التشييد والبناء المحلي، وذلك من خلال توفير حلول تمويلية متنوعة ومتخصصة لشركات المقاولات، وأن يعمل البرنامج الجديد على تطوير بيئة أعمال فاعلة ومتكاملة وشفافة في القطاع، إلى جانب تقديم مشاريع مصممة بصورةٍ تعزز التدفقات المالية لشركات المقاولات، لتعالج بذلك أحد أبرز التحديات التي يواجهها قطاع المقاولات في أغلب الاقتصادات، وبما يسهم في تعزيز استقرارها المالي، ويدفع بها نحو الوفاء بمشاريعها التنموية دون تعثّر أو تأخير، ورفع مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي.

اتخذت الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص أنماطاً جديدة ومبتكرة تحت مظلة رؤية المملكة 2030، عوضاً عن العلاقة السابقة بصيغتها التعاقدية خلال العقود الماضية، التي ظلت رهينةً لحجم إنفاق المالية العامّة على المشاريع الرأسمالية، ويتأثّر بدوره بمستويات الأسعار العالمية للنفط، عدا التحديات الأخرى المرتبطة بتأخّر تنفيذ تلك المشاريع لعديدٍ من الأسباب، التي عملت البرامج الراهنة على معالجتها من الجذور، ضمن البرامج الراهنة المبتكرة لتطوير الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، ستدفع بدورها إلى فتح مزيد من قنوات زيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي، وتعزز من قدرته الاستثمارية والمالية كركيزةٍ أساسية، ومن ثم تعزيز قدرته على توليد الوظائف، التي كان أول ثمارها تأسيس الصندوق منذ مطلع 2017 حتى تاريخه لنحو 93 شركة، أسهم وجودها في توليد أكثر من 644 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة في مختلف القطاعات الاستراتيجية الواعدة.

تأتي الأهمية الاستراتيجية لتحفيز القطاع الخاص وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، وتذليل كافة المعوقات التي قد تعترض طرق نموّه واتساع نشاطاته، من كونه القطاع المنتج من الاقتصاد الوطني، الذي يعوّل عليه الكثير على مستوى تنويع قاعدة الإنتاج، وتوليد كثير من فرص الاستثمار المحلية أمام الثروات المحلية والاستثمارات الأجنبية، ما سيسهم في مجمله في توليد مئات الآلاف من فرص العمل أمام الموارد البشرية المواطنة، وتحسين مستويات الدخل لأفراد المجتمع، ما سيؤدي بدوره إلى دعم بقية المبادرات والبرامج التنفيذية لرؤية المملكة 2030، وهو الهدف الاستراتيجي الأهم الذي يتطلب تكاتف كافة الجهود من جميع الأطراف (الحكومة، القطاع الخاص، المجتمع) لأجل ترجمته على أرض الواقع.

ختاماً؛ يشكّل القطاع الخاص ركيزةً أساسية بالنسبة للاقتصاد الوطني، والمصدر الأهم لتحقيق النمو المستدام والمجال الأوسع لاقتناص الفرص الاستثمارية، إضافةً إلى كونه القطاع الأكبر لتوليد الوظائف وتحسين مستويات الدخل، ما يؤكد في مجمله على الأهمية الاستراتيجية لهذا القطاع المنتج، ويؤكد أيضاً على أهمية الشراكة الحكومية مع نشاطاته المختلفة والمتنوعة.

 

 

 

 

نقلا عن الاقتصادية