أسهمت التقنيات المالية في الأعوام الماضية في وصول الأفراد إلى منتجات مالية متنوعة، اختلفت في توجهها العام من حيث نوع الوعاء ما بين الادخار، الاستثمار، الاقتراض وصولا إلى الإقراض. تمثل التقنية المالية عنصرا ممكنا لإتمام العمليات المالية بشكل أكثر سرعة وفاعلية من الطريقة التقليدية، وكذلك مكنت التقنيات المالية وصول الأفراد إلى منتجات أكثر كانت محصورة على شرائح معينة من عملاء القطاع المالي، فأسهمت في توسيع قاعدة المنتجات المالية للأفراد، يمثل التمكين والتسهيل وسرعة الوصول تحديا أمام المشرعين في القطاع المالي لمكافحة الاحتيال في العمليات المالية، وقد شهدنا ممارسات سابقة تسببت في خسارة بعض من مدخرات الأفراد، ولدى المحتالين عقلية ذكية يوظفونها لإيجاد سبل لصيد ضحاياهم، وهم بهذا من أكثر العارفين بالأنظمة وحيثياتها، وهذا في حد ذاته تحد كبير يتمثل في سرعة تحرك المحتال وسرعة احتواء الأنظمة لتفادي الاحتيال إما بالتطبيقات أو بالتوعية، وكلتاهما متاحة كأداة لتقليل حجم الضرر من الاحتيال المالي.
أما التحدي الآخر والأهم فيكمن في سرعة الوصول وتقديم الخدمات، فقد تم تسخير التقنية بشكل فعال جدا يمكن الأفراد من إتمام عملياتهم المالية في دقائق، إلا أن هذا الامتياز في سرعة الوصول والتنفيذ أسهم في زيادة العمليات المالية خصوصا في جانب الاقتراض المصغر وعمليات الشراء الحالي والدفع اللاحق، فتضاعفت قيمة العمليات المقدمة من هذه المنصات المالية بشكل متسارع يتجاوز ستة أضعاف للمنصات كافة خلال فترة وجيزة من الزمن، ناهيكم عن مبالغ الفائدة الكبيرة التي يتحملها المقترض كتسعير لهذا التمويل يتجاوز في بعض تطبيقات التقنية المالية 40 % لفترات سداد تقل عن 12 شهرا. يلعب ارتفاع تكلفة الأموال دورا في نسبة الفائدة وكذلك انخفاض متوسط قيمة العملية الواحدة، وتلعب مدة السداد دورا في التسعير، وتبقى أيضا الندرة وزيادة الطلب تلعبان دورهما في ارتفاع هامش الربح، وكذلك فإن هذه المنصات تمتلك مساحة إقراض تزيد عما يمكن للبنوك الاعتيادية تقديمه عند الاستقطاع الشهري للأقساط.
تلعب الندرة في عدد مقدمي الخدمات دورا في زيادة هامش الربح الذي يتحمله المقترض من هذه التطبيقات. ولا يمكن تفادي حجم التكاليف المرتفعة الذي يتحمله الفرد بالتوعية وحدها، فالشهية الاستهلاكية مرتفعة لدى الأفراد، وهذا تثبته الأرقام الصادرة بشكل دوري من البنك المركزي السعودي لمحافظ الإقراض البنكية والمنصات، وكذلك لقروض بطاقة الائتمان. وليس من المطلوب أن يلعب المشرع دورا أكبر من وضع التنظيمات، إلا أن الضرورة لزيادة المنافسة كبيرة، وبالتالي العمل على تسريع وتيرة الترخيص لمقدمي خدمات إضافيين في السوق مهم لتعزيز المنافسة وخفض التكاليف.
نقلا عن الاقتصادية