خلال الأسبوع الماضي قفزت أسعار خام غرب تكساس الوسيط وبرنت بأكثر من خمسة دولارات للبرميل إلى 78.01 و83.55 دولار للبرميل على التوالي. يرجع هذا الارتفاع إلى حد كبير إلى سحب أكبر من المتوقع في المخزونات الأمريكية، إضافة إلى تصاعد المخاطر الجيوسياسية. حيث، أظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأسبوع الماضي انخفاض مخزونات الخام الأمريكية بمقدار 9.2 مليون برميل، مدفوعة بانخفاض كبير في واردات الخام مع إغلاق المصافي وتراجع نشاط القيادة. وفي الوقت نفسه، تعهدت جماعة الحوثي بمواصلة استهداف السفن في البحر الأحمر. في هذا الصدد، أشار بعض المحللين إلى أن أسواق الطاقة استيقظت أخيرا على حجم مخاطر التوترات الجيوسياسية الأخيرة، ولكن يبدو أن آخرين لا يتفقون مع هذا الرأي. ففي الأسبوع الماضي توقع بنك إتش إس بي سي (HSBC) أن الطاقة الإنتاجية الأحتياطية لـ(أوبك+) ستكون كافية لتعويض المخاطر الجيوسياسية الحالية، مضيفا أن أسعار خام برنت من المرجح أن تظل ضمن نطاق يتراوح بين 75 إلى 85 دولارا للبرميل في المدى المتوسط. ووفقا للبنك، سترتفع الطاقة الإنتاجية الاحتاطية "لأوبك+" إلى 4.5 مليون برميل يوميا في نهاية 2024 وهو ما يكفي للحد من ارتفاع الأسعار، إضافة إلى ذلك، أشار البنك إلى أن ارتفاع الإنتاج من خارج "أوبك +"، وخاصة الولايات المتحدة يحد تدريجيا من تأثير المجموعة في الأسواق. من المتوقع أن يستمر إنتاج النفط الأمريكي -الذي وصل إلى أعلى مستوى له عند 13.2 مليون برميل يوميا في الأشهر الأخيرة من 2023- في النمو في الأعوام القليلة المقبلة، وإن كان بمعدل أبطأ.
من جهة أخرى، كرر خبراء السلع في بنك ستاندرد تشارترد موقفهم السابق بأن أسواق النفط تقلل بشكل خطر من المخاطر الجيوسياسية. وفقا للبنك خلال الأسبوع الماضي، كانت هناك مخاطر متزايدة على عمليات تحميل النفط الروسي في بحر البلطيق، التي تزامنت مع التوترات المستمرة في البحر الأحمر. بعضهم يعزي السبب الرئيس وراء استمرار الأسواق في التقليل من هذه المخاطر إلى الارتباك بشأن الموسمية. حيث فسرت الأسواق بشكل غير صحيح فائض العرض الموسمي في شهر يناير باعتباره علامة على ضعف هيكلي على المدى الطويل. لكن، من المتوقع أن يقل هذا الاتجاه الهبوطي في الأسابيع المقبلة مع تشدد الأسواق تدريجيا. وتميل أسواق النفط إلى التشدد بشكل كبير بدءا من أواخر يناير مع تحسن الطلب من أدنى مستوى موسمي له.
ففي العام الماضي، بلغ نمو الطلب العالمي على النفط في فبراير على أساس شهري 3.5 مليون برميل يوميا، وهو ارتفاع كبير غير عادي. توقع بنك ستاندرد تشارترد أنه في العام الحالي، سنشهد زيادة شهرية في فبراير قدرها 2.7 مليون برميل يوميا، في حين أن إدارة معلومات الطاقة متفائلة بالمثل وتوقعت زيادة قدرها 2.8 مليون برميل يوميا، في الوقت نفسه، زيادة المخزون العالمي في يناير البالغ 1.17 مليون برميل يوميا سوف يتحول إلى سحب قدره 1.4 و 1.48 مليون برميل يوميا في فبراير ومارس على التوالي، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى انتعاش الطلب الموسمي. ولذلك، الارتفاع الموسمي في الطلب والسحب المتوقع للمخزونات من المرجح أن يجعل الأسواق أكثر حساسية للتوترات الجيوسياسة ويمكن أن يؤدي إلى ارتفاع الأسعار. علاوة على ذلك، من المرجح أيضا أن تكون التخفيضات المقبلة في أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إيجابية بالنسبة إلى أسعار النفط.
نقلا عن الاقتصادية