في 2023، شهدت أسواق الغاز المسال العالمية نموا مطردا في الطلب وسط طاقات جديدة محدودة وانخفاض الأسعار الفورية مقارنة بالمستويات التاريخية المسجلة في 2022. وتظهر بيانات تتبع السفن التي جمعتها وكالة البيئة الأمريكية أن الطلب العالمي على الغاز المسال وصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق في 2023 إلى 401 مليون طن، ارتفاعا من 390 مليون في 2022، أي بنمو سنوي قدره 2.8 في المائة. مدفوعة بالطلب الصيني، ظلت آسيا الوجهة الرئيسة لشحنات الغاز المسال عام 2023، حيث تلقت أكثر من 258 مليون طن، أو 64 في المائة من الطلب العالمي، في 2023، بلغ متوسط الأسعار الفورية الآسيوية للغاز المسال نحو 18 دولارا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، متراجعا من أعلى مستوى على الإطلاق عند 70 دولارا في 2022 عندما قطعت روسيا إمدادات الغاز إلى أوروبا على خلفية الأزمة الأوكرانية. وأدى ارتفاع الأسعار إلى اندفاع المشترين من الصين إلى بنجلادش لاحقا للحصول على إمدادات جديدة من قطر والولايات المتحدة، حيث أعطت الدول الأولوية لأمن الطاقة، وحفزت استخدام الفحم والطاقة المتجددة على حساب الغاز.
من المتوقع أن تؤدي مشروعات الغاز الجديدة التي ستدخل حيز التنفيذ هذا العام والمخزونات الكبيرة الآن في أوروبا وشمال آسيا إلى الحد من الطلب وكبح نمو الأسعار الفورية للأشهر الستة المقبلة، حيث يتوقع المحللون سوقا متوازنة بدقة. فيما يلي بعض العوامل الرئيسة التي تجب مراقبتها في أسواق الغاز المسال هذا العام، مزيد من العرض. ستؤدي موجة الإمدادات الجديدة من الغاز المسال التي تم تشغيلها في نهاية 2023 إلى رفع الإنتاج العالمي من الغاز المسال إلى 418 مليون طن في 2024، ارتفاعا من 405 ملايين طن هذا العام، وفقا لشركة ريستاد للطاقة الاستشارية. وتشمل هذه المشروعات مشروع تورتو أحمييم الكبير بين السنغال وموريتانيا، مشروع الغاز المسال العائم في الكونغو، مصنع ألتاميرا في المكسيك، والمحطة الثالثة من مشروع تانجوه في إندونيسيا. والمشروعات التي ستبدأ هذا العام تشمل المرحلة الأولى من مشروع بلاكيومين في الولايات المتحدة، ومحطة المرحلة الأولى من مشروع (Arctic LNG-2) الروسي، رغم استمرار الشكوك بشأن إمداداته بسبب العقوبات الأمريكية. ومع ذلك، من المتوقع أن تعاني أسواق الغاز المسال نقصا بمقدار أربعة ملايين طن مقابل طلب عالمي يبلغ 422 مليون طن، حيث تم بيع الإمدادات الجديدة بموجب عقود محددة المدة، وفقا لشركة ريستاد. وتتوقع الشركة الاستشارية أن يبلغ متوسط الأسعار الفورية الآسيوية 15 دولارا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في 2024، في حين تتوقع وكالة التسعير (ICIS) أن يصل السعر إلى عشرة دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في الفترة من مايو إلى يونيو قبل أن ترتفع.
من جهة أخرى، قالت ستاندرد آند بورز جلوبال، أن النصف الثاني من 2024 سيشهد بدء تشغيل مزيد من المشروعات مقارنة بالأشهر الـ18 السابقة، لذلك من المتوقع أن تظل السوق متوازنة جيدا حتى ذلك الحين، مع احتمال أن يتسبب أي تغيير في جانب العرض في ضغوط تصاعدية على الأسعار، الطلب الصيني. في 2023 تفوقت الصين على اليابان كأكبر مستورد للغاز المسال في العالم، حيث قفزت وارداتها بنسبة 13.7 في المائة إلى 72 مليون طن ارتفاعا من 62.4 مليون طن في 2022، وستواصل دفع الطلب العالمي عام 2024. حيث، من المتوقع أن تنتعش الواردات إلى ما يقرب من 80 مليون طن هذا العام، وفقا لتوقعات شركة ريستاد الاستشارية، متجاوزة الرقم القياسي لعام 2021 البالغ 78.79 مليون طن، ومع ذلك، فإن نمو الطلب سيعتمد على أسعار الغاز المسال، واستخدام الفحم والطاقة المتجددة، وتوافر الإنتاج المحلي وواردات الغاز عبر الأنابيب. من غير المرجح أن تشهد الصين النمو الذي شهدته في النصف الأخير من العقد الماضي ما لم تكن هناك تغييرات كبيرة في السياسة وتنخفض أسعار الغاز المسال إلى أقل من عشرة دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
في هذا الجانب قال محلل وكالة التسعير (ICIS)، ستكون الصين النقطة المضيئة في دفع الطلب على الغاز المسال، لكن هناك شريحة كبيرة هناك حساسة للسعر، مضيفا أن الطلب سيعتمد على مدى انخفاض الأسعار، والمدة التي ستظل فيها منخفضة. وأضاف أن المشترين الآسيويين الآخرين الذين يتأثرون بالأسعار سيستمرون أيضا في الحد من استهلاك الغاز، واستخدام الفحم والديزل بدلا من ذلك، إعادة التخزين في أوروبا. كيفية خروج أوروبا من فصل الشتاء ستؤثر في جهود إعادة التخزين وتوازن العرض في السوق العالمية في 2024. وتبدو التوقعات الخاصة بواردات منطقة اليورو في هذا العام متباينة، حيث تتوقع شركة ريستاد إنرجي وشركة إنرجي إسبكتس الاستشارية ارتفاعا، في حين تتوقع وود ماكنزي وستاندرد آند بورز جلوبال انخفاضا. وتتوقع ستاندرد آند بورز جلوبال أن يشهد الطلب على الغاز المسال في أوروبا مزيدا من التعديل، ومن المرجح أن تنهي القارة موسم الشتاء بمخزونات أعلى مما كانت عليه في الأعوام السابقة. من المقرر أن تبلغ واردات أوروبا نحو 112 مليون طن في 2024 مقابل 109 ملايين طن العام الماضي بسبب الطلب المرتفع قليلا من قطاع الطاقة السكني والتجاري والطلب الصناعي.
مشكلات الشحن. في العام الماضي، أدى الجفاف الشديد في قناة بنما إلى قطع حركة السفن عبر القناة وتقييد عدد سفن الغاز المسال المتجهة من الولايات المتحدة إلى شرق آسيا، التي من المتوقع أن تستمر حتى 2024. بالفعل، انخفض عدد سفن الغاز المسال الأمريكية التي تعبر قناة بنما إلى آسيا إلى النصف في نوفمبر مقارنة بعام 2022. يسمح فقط بمرور 22 سفينة يوميا، وسيتم تخفيض ذلك إلى 18 بدءا من مطلع فبراير. ولا تزال المخاوف المحيطة بقناة السويس قائمة أيضا، حيث تعرضت عديد من السفن التي تعبر البحر الأحمر للهجوم وسط توترات الصراع في الشرق الأوسط. من المتوقع أن تتفاقم الأخطار بعد التطورات التي شهدها الصراع الأسبوع الماضي.
نقلا عن الاقتصادية