الوظائف.. وسوق الأسهم

28/11/2023 0
د. فهد الحويماني

لا يزال البعض يتساءل عن دور سوق الأسهم والفائدة منها وما الحاجة إليها، حيث نسمع أحيانا من يصفها بأنها مجرد ساحة عامة للمراهنات بين الناس، بلا أي فائدة اقتصادية، كون الأموال تنتقل من محفظة إلى أخرى دون توفير فرص وظيفية حقيقية ولا تنمية اقتصادية، وفيما يخص التوظيف، فسوق الأسهم ـوالأسواق المالية عموما- توفر فرصا وظيفية كثيرة جدا من أجل إدارة جميع أطراف المنظومة، سواء من قبل الجهات التشريعية والرقابية والتنظيمية أو الجهات التشغيلية والتسويقية والتطويرية وغيرها، وهي وظائف للعاملين في السوق والجهات المرتبطة بها من وسطاء وبنوك وصناديق ومكاتب مراجعة وخدمات استشارية وغيرها. وبالطبع ليس الهدف من سوق الأسهم إيجاد هذه الوظائف بعينها، بل إن هذه الوظائف هي التي توجد سوق الأسهم، وليس العكس، وبالتالي يبقى التساؤل، هل سوق الأسهم توفر وظائف حقيقية للمواطنين؟ قد يظن البعض أن الجواب نعم، لكن سوق الأسهم توفر الوظائف بحكم أن الشركات المدرجة توفر عشرات الآلاف من الوظائف، لكن هذا الاستنتاج غير دقيق، لأن تلك الوظائف ليست لها علاقة بسوق الأسهم، فهي وظائف تقدمها الشركات، سواء كانت مدرجة أم غير مدرجة، باستثناء عدد قليل من الوظائف المخصصة للمستثمرين كما نجده في إدارات علاقات المستثمرين لدى الشركات المدرجة.

ولا ننسى كذلك أن خيار الإدراج يرجع إلى الشركة، والشركة باقية ككيان اقتصادي له دور في التنمية، سواء تم إدراج أسهمها في السوق أم بقيت شركة خاصة، وهنا بالمناسبة يجب التفريق بين دور وزارة التجارة كمشرف على نشاط الشركات، وهيئة السوق المالية كجهة مشرفة على سوق الأسهم وآلية عملها وعدالتها كسوق وسلاسة إجراءاتها وسهولة التعامل بها، كذلك هناك توظيف جزئي للمتعاملين في سوق الأسهم ممن يفرغ نفسه للتداول لحسابه الخاص، فيصبح تداول الأسهم وظيفة لمن يقوم بذلك، لكن مرة أخرى ليس هذا المقصود من التساؤل عما إذا كانت سوق الأسهم توفر فرصا وظيفية أم لا؟ الاتهام الموجه لسوق الأسهم هو أن لا فائدة منها، وأنها لا تمد الاقتصاد بفرص وظيفية حقيقية.

لكن الجواب على مثل هذه التساؤلات نجده عندما نتذكر بعض أهم الأدوار الرئيسة التي تلعبها سوق الأسهم في أي اقتصاد، وهي باختصار أدوار تتعلق بكون السوق أداة تمويل للشركات، وقناة مرنة للتوفير والادخار والاستثمار، وعنصر جذب لرؤوس الأموال الأجنبية، وآلية سريعة وعادلة لتسعير الأصول، ووسيلة سلسة لرفع سيولة الأصول وتناقل الملكية بين المساهمين. الدور المهم لسوق الأسهم الذي من خلاله ينتج التوظيف الحقيقي في الاقتصاد هو الجانب التمويلي الذي تتمتع به سوق الأسهم، ومن خلاله تجد الشركات قناة بديلة للاقتراض بالطرق التقليدية، وذلك من خلال المشاركة في الملكية عن طريق طرح جزء من الأسهم في السوق.

في حالات كثيرة يكون التمويل عن طريق الملكية أقل تكلفة من الاقتراض، وذلك بالطبع بحسب طبيعة كل شركة وهيكلها المالي، لكن لا شك أن سهولة رفع رأس المال من خلال الأسواق المالية لها دور كبير في تنمية أعمال الشركات ودعم النشاط الاقتصادي في البلاد.

 

 

 

خاص_الفابيتا