للمركز الوطني لنظم الموارد الحكومية بصمة واضحة المعالم، بل إنها باتت راسخة في تمكين منظومة القطاع المالي في المملكة العربية السعودية بما يتوافق مع مستهدفات برامج رؤية 2030 الرامية إلى تطوير وتنويع هذا القطاع لدعم الأهداف الشاملة لتنمية الاقتصاد الوطني، من خلال أنظمة تقنية ذات حوكمة عالية تضمن كفاءة وفعالية الأداء بخدمات رقمية نوعيةK وقد بدأت ملامح مسيرة المركز تتضح أكثر منذ إطلاق وزارة المالية استراتيجيتها في عام 2017م، حيث عملت وكالة الأنظمة الوطنية على تعزيز التمكين الرقمي لدى الوزارة والجهات الحكومية؛ لدعم إعادة هندسة منهجية إعداد الميزانية العامة وتحسين وتطوير خدمات المستفيدين في القطاعين الحكومي والخاص. وفي عام 2021م، صدر قرار مجلس الوزراء الذي نص على تحويل هذه الوكالة إلى مركز مستقل بهدف تحقيق العديد من الآثار الإيجابية على اقتصاد المملكة، عبر تقديم حلول مبتكرة تستهدف رفع مستوى جودة الخدمات الإلكترونية في التعاملات المالية الحكومية، وتعظيم الاستفادة من التقنيات الحديثة، لتحقيق التوازن والاستدامة للموارد المالية.
وانطلاقًا من رؤية "دولة ممكنة رقميا من مواردها الحكومية"، ابتكر المركز حزمة من المنتجات لتوفير خدمات مختلفة لكافة المستفيدين، من بينها "منصة اعتماد" التي تعد منظومة متكاملة للخدمات الرقمية التي تعزز الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص والأفراد لتحقيق مستهدفات المشاريع التنموية تمكيناً للتحول الرقمي، ورفع الشفافية والكفاءة من خلال المنتجات والخدمات المقدمة، وتضم هذه المنصة خدمات رئيسية من أبرزها: "إعداد الميزانية العامة، والمنافسات والمشتريات الحكومية، والعقود والتعميدات، والمدفوعات الحكومية، والحقوق المالية للموظفين، إضافة إلى تحصيل إيرادات الدولة وأيضا التقارير والمؤشرات للقطاعين الحكومي والخاص.
وأسهمت هذه الخدمات التي تقدمها "منصة اعتماد" في انتظام الصرف للمشاريع الحكومية وزيادة مشاركة المنشآت الصغيرة والمتوسطة والمحتوى المحلي في التنمية الاقتصادية مع زيادة الشفافية في المنافسات الحكومية وتوحيد الإجراءات وتسهيلها ورفع كفاءة الإنفاق للجهات الحكومية، وعكست الأرقام إنجازات هذه المنصة التي تخدم أكثر من 450 جهة حكومية وأكثر من 100 ألف مورد ومقاول، حيث تجاوز عدد أوامر الدفع المنجزة عبر المنصة مليون ونصف المليون أمر دفع، فيما وصل عدد المنافسات في المنصة إلى أكثر من 800 ألف منافسة، كما زاد عدد العقود والتعميدات إلى أكثر من 850 ألف عقد وتعميد، إضافة إلى ذلك تتميز المنصة بتطبيق أعلى المعايير الخدمية التي مكّنتها من حصد العديد من الجوائز الحكومية في الجودة والتميز.
وفي إطار التطوير التقني للقطاع المالي الذي يدعم نمو القطاع الخاص، ويرفع نسبة مساهمته في الاقتصاد الوطني؛ قام المركز بإطلاق العديد من الخدمات منها المطالبات المالية، والتعاقد الرقمي والضمان البنكي الإلكتروني، وسوق اعتماد وغيرها من المنتجات التي توفر أنظمة موحدة ومتكاملة تلبي احتياجات وتطلعات المستفيدين، كما يعمل المركز اليوم على "النظام الموحد للموارد الحكومية" الذي يكمل سلسلة منتجات المركز النوعية ليوفر نظاما إلكترونيا مركزيا وبإجراءات موحدة من الجهات الحكومية ذات الاختصاص لتحقيق الشفافية ودعم اتخاذ القرار، إضافة إلى توفير تقارير تفصيلية دقيقة وحديثة من كافة الجهات.
ويهدف هذا النظام إلى دعم مختلف القطاعات في المملكة من خلال ثلاثة مسارات، الأول المسار المالي الذي يستهدف توفير نظام مالي مركزي متكامل مع الأنظمة المالية ذات العلاقة، والثاني مسار الموارد البشرية الذي يوفر نظام آلي وإجراءات مؤتمتة تتميز بالشمولية في معالجة خدمات الموظفين وفقا لأفضل الممارسات العالمية، أما الثالث فهو مسار المشتريات وسلاسل الإمداد وهو نظام مشتريات متكامل مع الأنظمة المالية في الدولة، وقد توّجت جهود المركز بتحقيق هذه الحلول والمنتجات آثارا إيجابية ملموسة، حيث ساهمت في تحقيق حوكمة فعالة للموارد الحكومية ورفع كفاءة الأداء والشفافية ودعم التحول الرقمي الحكومي، وعكست حجم الاهتمام الذي توليه القيادة الرشيدة -أيّدها الله- في سبيل تطوير الأنظمة الوطنية وتقديم خدمات رقمية مبتكرة تعزّز الازدهار المالي والاقتصادي في المملكة.
المقالة منشورة في المجلة المالية التي يصدرها مركز التواصل والمعرفة المالية (متمم) العدد الخامس، أكتوبر 2023م
خاص_الفابيتا