الطلب المتزايد على الغاز المسال في آسيا وأوروبا لم يكن كافيا لإثارة زيادة كبيرة في الأسعار الفورية، التي لا تزال تعاني، حيث انخفض سعر الغاز المسال في الأسواق الفورية في شمال آسيا إلى 16.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في الأسبوع المنتهي في العاشر نوفمبر، بانخفاض من 17 دولارا في الأسبوع السابق. وانخفض السعر لثلاثة أسابيع متتالية، لكنه لا يزال أعلى من أدنى مستوى له أخيرا الذي بلغ 13.5 دولار خلال الأيام السبعة حتى 6 أكتوبر. كما انخفضت الأسعار القياسية في أوروبا أيضا في الأيام الأخيرة وسط انحسار المخاوف بشأن إمدادات شرق البحر الأبيض المتوسط وتقريبا امتلاء مرافق التخزين في القارة، حيث وصلت المخزونات الآن إلى 99 في المائة من طاقتها، النمط المعتاد للأسعار الفورية في آسيا هو الارتفاع في فصل الشتاء يليه انخفاض في موسم انخفاض الطلب قبل الصيف. مع ذلك، فشلت الأسعار حتى الآن في تحقيق ارتفاعها الموسمي المعتاد، حيث لا يزال الطلب ضعيفا نسبيا والعرض أكثر من كاف، خاصة من الولايات المتحدة. في الواقع، الأسواق الفورية للغاز المسال الآن أكثر هدوءا من المعتاد في هذا الوقت من العام، حيث ترتفع المخزونات في كل من أوروبا وآسيا، ولا يزال الطقس معتدلا. لكن الهدوء في سوق الغاز المسال يمكن أن يتحول فجأة إلى تقلبات كبيرة إذا ظهرت مخاوف جديدة بشأن العرض وإذا كان هذا الشتاء حقا باردا في أوروبا و/أو آسيا. في هذا الجانب، يقول المحللون: إن الحكومات والأسواق لا ينبغي أن تشعر بالرضا مع اقتراب فصل الشتاء، لاحتمالية استمرار مخاطر تشدد الأسواق وارتفاع الأسعار. بالفعل زاد الطلب على الغاز المسال في كل من آسيا وأوروبا هذا الشهر، مقارنة بأكتوبر، وفقا لبيانات شركة كبلر.
ومن المتوقع أن ترتفع الواردات في آسيا إلى22.67 مليون طن في نوفمبر من 21.18 مليون طن في أكتوبر، بقيادة الصين للواردات والمكاسب. وتشير التقديرات إلى أن واردات اليابان من الغاز المسال ستكون ثابتة هذا الشهر، مقارنة بالشهر الماضي، في حين انخفضت الواردات الهندية بدءا من أكتوبر، حيث ربما أدى ارتفاع الأسعار في الشهر الماضي إلى تثبيط المشترين الحساسين للأسعار من شراء مزيد من الغاز المسال لنوفمبر.
كما أن واردات الغاز المسال الأوروبية آخذة في الارتفاع ومن المتوقع أن تصل هذا الشهر إلى أعلى مستوى لها منذ مايو، وفقا لبيانات كبلر. ومن المرجح أن ترتفع واردات الغاز المسال إلى شمال غرب أوروبا بنسبة 30 في المائة في نوفمبر إلى نحو 243 مليون متر مكعب في اليوم، حيث يبدأ الطلب على الغاز في فصل الشتاء في الانتعاش، مقارنة بأكتوبر، وفقا للتقديرات الأولية لمجموعة بورصة لندن. مع ذلك، سيظل هذا أقل بنسبة 15 في المائة عن نوفمبر من العام الماضي. ارتفاع الواردات المتوقع على أساس شهري في نوفمبر يعكس إلى حد كبير التوقعات بطقس أكثر برودة، كما ستكون هناك أيضا زيادة في سعة الاستيراد والتخزين المتاحة.
في الصين، تقوم شركات الطاقة العملاقة هذا العام بإعادة بيع مزيد من الشحنات إلى بقية آسيا، مقارنة بالعام الماضي في محاولة لتحقيق مكاسب تجارية وتحقيق التوازن في إمدادات الغاز، وفقا لبيانات الجمارك الصينية الأخيرة. كما أن الحجم الكبير من الغاز المسال المعاد بيعه إلى مشترين آخرين في آسيا يوفر أيضا حاجزا ضد انقطاع الإمدادات والمخاوف، بما في ذلك من أستراليا ومن العقوبات الأمريكية الجديدة على مشروع نوفاتيك 2 الروسي.
يبدو أن سوق الغاز المسال أكثر هدوءا من المعتاد في نوفمبر، إلا أنه قد يكون الهدوء الذي يسبق العاصفة، حيث لا يستطيع أحد أن يتنبأ بمدى برودة الشتاء في النصف الشمالي من الكرة الأرضية. كان الشتاء الماضي أكثر دفئا من المعتاد في أوروبا، حيث كانت القارة تسعى جاهدة لاستيراد كميات أكبر من الغاز المسال على الرغم من ارتفاع الأسعار لتعويض إمدادات الغاز المفقودة من خطوط الأنابيب الروسية. ليس من المؤكد أن هذا الشتاء سيكون أكثر دفئا من المعتاد، وسيكون الطقس هو القوة الدافعة وراء سوق الغاز المسال وأسعاره.
من جهة أخرى، قال الرئيس التنفيذي لمجموعة فيتول: إن بعض الطلب الأوروبي المفقود بسبب أزمة الطاقة وارتفاع الأسعار القياسي لا يمكن أن يعود أبدا، حيث اتجه الطلب على الغاز في أوروبا نحو الانخفاض خلال العام الماضي وسط تدابير توفير الطاقة، وارتفاع الأسعار وتباطؤ النشاط الصناعي. كما حدد الاتحاد الأوروبي هدفا للدول الأعضاء لتقليل استهلاك الغاز.
بالفعل، انخفض الطلب على الغاز في الاتحاد الأوروبي بنسبة 12 في المائة في 2022 عن متوسط 2019-2021، مدفوعا بانخفاض الطلب على الغاز في القطاع الصناعي والمنزلي، وفقا لمركز أبحاث بروجيل ومقره بروكسل. وفي 2023، ساعد ارتفاع توليد الطاقة من المصادر البديلة في انخفاض كبير في الطلب على الغاز في قطاع التوليد أيضا. وفي الربع الثاني من 2023، كان الطلب على الغاز في الاتحاد الأوروبي أقل بنسبة 19 في المائة من متوسط 2019-2021، مع انخفاض الطلب على الغاز لتوليد الطاقة بنسبة 17 في المائة. وحتى مع انخفاض الطلب على الغاز هيكليا، إلا أن أوروبا وأكبر اقتصاداتها (ألمانيا) لم تخرج من الأزمة بعد، وقد يكشف الشتاء البارد عن مدى ضعف العرض. في هذا الجانب، قال الرئيس التنفيذي لأكبر شركة في البلاد (REW): إن انقطاع إمدادات الغاز لا يزال يشكل خطرا على ألمانيا. وأضاف، ليس لدينا أي مخفف صدمة في نظام الغاز، يجب أن نسرع بناء البنية التحتية لاستيراد الغاز لتجنب النقص في المستقبل.
باختصار، امتلاء مخزونات الغاز في الولايات المتحدة وأوروبا وتوسع طاقة التصدير والاستيراد العالمية للغاز المسال قد حسنت من احتمالية أن تكون الإمدادات كافية لتلبية الطلب مع دخول موسم الشتاء. مع ذلك، لا تزال هناك مخاطر تهدد هذا التوازن ترتبط باحتمال حدوث مشكلات تتعلق بالطقس وتشدد الإمدادات، حيث إن الطقس البارد الشديد أو انقطاع الإمدادات غير المخطط لها في منشآت تصدير الغاز المسال يمكن أن تؤدي إلى ارتفاعات كبيرة في الأسعار وتؤثر في توازنات الغاز العالمية.
نقلا عن الاقتصادية