في بداية عام ٢٠٢٢ قام البنك الفيدرالي الأمريكي FED برفع سعر الفائدة وتبعتها عدة ارتفاعات، ويُقال أنها ستستمر بنفس الوتيرة، وبالتالي قام البنك المركزي السعودي برفع أسعار الفائدة بنفس مقدار البنك الفيدرالي الأمريكي، بداية يجب معرفة مصطلح مهم في هذا المقال وهو السايبور أو ما يعرف ب Saudi Arabian Inter Bank Offers Rate وبأخذ أول حرف من كل كلمة سيكون saibor وهو السعر المرجعي لتكلفة التمويل بين البنوك السعودية بالريال السعودي، ويتم تحديده بشكل يومي بناءًا على عوامل السوق وفق آلية محددة ومعتمده بين البنوك، ويستخدم كمرجع أساسي لقياس تكلفة التمويل وتسعير التمويل للعملاء بالريال السعودي، ويقوم البنك المركزي أو ما يعرف بالساما SAMA بنشر السعر المرجعي اليومي على أساس متوسط سعر الفائدة التي تقدم فيها البنوك السعودية إقراض أموال غير مضمونة إلى بنوك أخرى في سوق المال بالريال السعودي، ومؤخرا وتحديدا في نصف عام ٢٠٢٢ وصل السايبور إلى ٣% بعدما كان نسبة ١% فهل يعد ذلك منطقيا إذا ما قارناه بحركة نظيره اللايبور الأمريكي؟
وصل التضخم في سنة ٢٠٢٢ مستويات لم يصلها منذ الثمانينات والتي تعد الأعلى منذ ذلك الحين، فبدأ الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة إلى ربع بالمائة وتبعتها زيادة أخرى نصف بالمائة، ويقال أنه سيستمر بنفس الوتيرة وبعدها يتم إعادة النظر بمستويات التضخم، قد تتساءل عن ما علاقة رفع سعر الفائدة بالتضخم، قد يكون رفع سعر الفائدة الأداة النقدية الأبرز لدى كافة البنوك المركزية لكبح جماح التضخّم ولكنها للأسف لا تصيب دائما، عند رفع سعر الفائدة سيزداد عبء القروض الجديدة والقائمة مما يعني أن عملاء البنوك سيفكرون أكثر من مرة على الإقدام على الاقتراض أو حتى تأجيله إلى حين هبوطه مما سيؤدي إلى توسيع مشروع قائم أو فتح آخر جديد وإبطاء عمليات التوظيف مما سيجعل السيولة النقدية والاستهلاك أقل، وبالجملة فإن رفع سعر الفائدة يقلل ويقوم بإبطاء الاستهلاك وهو أولى الطرق لخفض التضخم في أي اقتصاد.
فعند قيام البنك الفيدرالي الأمريكي بتغيير أسعار الفائدة يقوم البنك المركزي بتغيير سعر الريبو والريبو العكسي مباشرة للمحافظة على ربط الريال السعودي بالدولار الأمريكي، والريبو يعني اتفاقية لإعادة الشراء، وهو سعر الفائدة لمدة ليلة واحدة أو لمدة قصيرة جدا، ويستخدم لشراء وبيع أصول مالية مثل سندات حكومية لمدة معينة ثم بيعها للمستثمرين لمدة قصيرة أو ليلة واحدة ويقومون بشرائها في اليوم الثاني، بالنسبة للطرف الذي يبيع السندات ويعيد شرائها مرة أخرى يعتبر سعر الريبو، أما الذي يشتريها ويعيد بيعها مرة أخرى يسمى الريبو العكسي
• قد تتسائل عن ماذا سيستفيد البائع؟
يهدف البائع في اتفاقية الريبو إلى الحصول على السيولة النقدية فهو يبيع الأوراق المالية بقصد الحصول على ثمنها النقدي من المشتري ثم في الموعد الآجل يسترد أوراقه المالية بثمن أعلى من الثمن، والفرق بين الثمنين هو تكلفة التمويل على البائع ويسمى عائد اتفاقية الشراء، ويلجأ للريبو كأداة للسياسة النقدية بين البنوك المركزية بحيث تكون وسيلة مرنة للسيطرة على حجم القروض وتعديل حجم السيولة من أجل معالجة حالات التضخم والانكماش، إضافةً إلى أن الريبو يعتبر آلية لتوفير السيولة العاجلة للبنوك الخاصة، وفي خلال ال ٤٠ سنة الماضية شاهدنا مواجهات البنك الفيدرالي مع القوى التضخمية ومحاولات تحفيزه للاقتصاد الأمريكي بعد كل مواجهة بتخفيض أسعار الفائدة، واليوم وصلت الضغوطات التضخمية في الاقتصاد الأمريكي إلى أرقام قياسية، والأكثر خطورة أن أسعار الفائدة على الدولار الأمريكي فقدت جزء كبير من فاعليتها في مواجهة التضخم وذلك بسبب ارتفاع حجم الدين الأمريكي ومن الخطورة ربط الريبو العكسي والريبو بها وهناك مخاوف من مواجهة مخاطر الركود.
خاص_الفابيتا