لماذا لا نقلدهم؟

10/09/2023 3
علي المزيد

كنت الأسبوع الماضي في زيارة للشمال البريطاني، وهو ريف جميل صيفاً، وقد توقفت في برمنغهام، كذلك زرت أدنبره، وواصلت المسير إلى غلاسكو، أدنبره مدينة معقولة صيفاً، وما يلفت الانتباه أن المدينة مدينة عادية ليس فيها ما يبهر، ولكن أهلها سوّقوا لها بشكل جيد، أو دعني أقول إن المستثمرين في السياحة بالتعاون مع مجلس المدينة قد خلقوا تجارة مربحة يستفيد منها الجميع، المستثمر وزائر المدينة ومجتمع المدينة، وتعاون مجلس المدينة مع المستثمرين أمر تفرضه الظروف، فمشاريع السياحة توفر وظائف كثيرة لأبناء المدينة وغيرهم من المهاجرين واللاجئين. وتتعدد أوجه الاستثمار السياحي بدءاً من الفندقة والنزل وغيرها من أماكن السكنى، وتتفاوت ما بين الجيد الغالي السعر والوسط والعادي، والمثل يقول: «كل حجرة ولها أجرة».

ثم ننتقل لوسائل المواصلات المتعددة، بدءاً من المترو وانتهاء بالتاكسي، تلي ذلك المطاعم التي تعج بالزائرين، والمقاهي، وغير ذلك من أماكن الشرب والمشروبات، ثم المحال التي تبيع رموز المدينة التذكارية، والمرشدون السياحيون بزيهم الأسكوتلندي الذين يعمل بعضهم لحسابهم الشخصي، بينما البعض الآخر يعمل لحساب الشركات، لفتت انتباهي الحافلات التي تجوب المدينة وبخياراتها المختلفة، فمن مرشد بالسماعة، أي مسجَّل، إلى مرشد يتحدث لك مباشرة، أي بث على الهواء، ومن حافلة تسير ببطء وتناسب كبار السن إلى حافلة تسير بالسرعة المعتادة، والحجز لمدة يوم كامل، وبمبلغ معقول في حدود 72 ريالاً، بينما الأطفال دون سن الخامسة عشرة يركبون مجاناً، ويمكن استخدام الحافلة أكثر من مرة. المهم أني حجزت على الحافلة ذات السرعة العادية، ومدة الجولة 70 دقيقة تُكرر أكثر من مرة.

بدأت الرحلة وإذا المرشد يتوقف عند معالم معظمها يتكرر في معظم المدن، فهذه المكتبة الوطنية، وتلك جامعة المدينة، ومستشفى المدينة، وغيرها من المعالم المتوفرة في كل مدينة بالعالم. بالطبع يحكي عن تاريخ كل منشأة، فتلك مدرسة للتعليم العام كانت تفصل بين الأولاد والبنات ثم أصبحت مختلطة، والتسجيل يخبرك ببعض الأساطير المحلية التي تدور حول بعض الأماكن في المدينة، إضافة إلى النُّصُب التذكارية التي تخص علماء المدينة، حتى وإن كانوا مهاجرين للولايات المتحدة الأميركية، المهم أنهم من أبناء المدينة وولادتهم بها.

في بلادنا العربية، لدينا كثير من الأماكن التي تستحق الزيارة، فبلادنا مهبط الديانات السماوية الثلاث، وكل شبر من الدول العربية له قصة وتاريخ، فمن حدائق بابل إلى آثار الأقصر، إلى مراتع امرئ القيس وسوق عكاظ، إلى روعة لبنان وآثاره وتاريخ كنائسه. ولست بصدد تعداد معالم وطننا العربي. أما من حيث الأساطير والقصص فنحن مَن أثرى الأدب العالمي، بدءاً من الشعر ومروراً بألف ليلة وليلة.

يبقى السؤال المطروح: لماذا لا نقلدهم؟ ونُسوِّق لبلادنا سياحياً، مع توفير ما يلزم السائح؟ ودمتم.

 

 

 

نقلا عن الشرق الأوسط