ازدادت في الأعوام الأخيرة ظاهرة الازدحام المروري في المدن الرئيسة عموما، وفي كل من مدينتي الرياض وجدة بما تشكلانه من ثقل اقتصادي وتجاري في البلاد، ومع كل زيادة في هذه الظاهرة المكلفة اقتصاديا، تزداد الآثار العكسية على مختلف المستويات، بدءا من الهدر على مستوى الوقت الذي يستغرق من الأفراد العاملين الذاهبين إلى مقار أعمالهم (الوقت له ثمن)، وصولا إلى تكاليفه المالية والاقتصادية التي ترتبط بالآثار المترتبة على الوقت المهدر وسط التكدس المروري في الطرق والشوارع، دع عنك المخاطر المحتملة على مستوى عديد من الاعتبارات الأخرى، في مقدمتها الوقت المستغرق لنقل المرضى وحالات الإسعاف اللازمة للحالات الصحية الحرجة، الذي تزداد مخاطره مع أي زيادة في حجم هذه الظاهرة العكسية، التي تتسبب في تعطيل التنقل بالسرعة الكافية داخل المدن والمحافظات.
قد لا تتوافر في الفترة الراهنة دراسات دقيقة لقياس الآثار الاقتصادية للازدحام المروري، وتحديدا في كل من مدينتي الرياض وجدة، وهو الأمر الذي يستدعي القيام بتلك الدراسات الدقيقة، ومحاولة البحث في مسبباتها واقتراح الحلول اللازمة لها في الأجلين المتوسط والطويل. من هذا المنطلق، لا تتجاوز محاولة استقراء ظاهرة الازدحام المروري بصورتها الراهنة في هذا المقال محدود المساحة، مجرد كونها "استنهاضا" لتحقيق وترجمة تلك الدراسات اللازمة على أرض الواقع، والخروج منها بالحلول والاقتراحات اللازمة للحد من الازدحام المروري في مختلف المدن، وفي الرياض وجدة على وجه الخصوص، لارتفاع حالتها في المدينتين أكثر من بقية المدن، وكونها الظاهرة المستمرة في أغلب أوقات اليوم، وطوال أشهر العام على عكس بعض المدن الأخرى، التي قد تعاني هذه الظاهرة في الأوقات الموسمية، حسب ظروف كل منطقة ومدينة.
يمكن القول إن الازدحام المروري قد نشأ من زيادة النشاط الاقتصادي محليا بوتيرة أسرع من زيادة تطوير البنى التحتية والطرق، وفي جانب آخر زاد من وطأتها التوسع الكبير في تطوير البنى التحتية والطرق، الذي شهدته أجزاء واسعة من الأحياء والطرق في المدينتين، وما اقتضاه ذلك بطبيعة الحال من إغلاقات جزئية لتلك الأحياء والطرق حتى الشوارع الفرعية. أمام كل هذا، تسارع النشاط الاقتصادي بوتيرة كبيرة، متضمنا ارتفاعا في أعداد السكان والعمالة (مواطنين، وافدين) على حد سواء، خاصة في الرياض وجدة اللتين شهدتا تنفيذ كثير من مشاريع التطوير وتدشين مشاريع تنموية عملاقة فيهما، ما أسهم بدوره في زيادة الهجرة الداخلية إلى المدن الرئيسة (خاصة الرياض وجدة)، إما بدافع الدراسة والتعليم، وإما بدافع الحصول على فرصة عمل، ودون إغفال زيادة تدفق العمالة الوافدة إلى الاقتصاد الوطني بالتزامن من النمو المطرد للاقتصاد وتوسع نشاطاته بحمد الله.
يكفي الإشارة في هذا السياق إلى زيادة مساهمة المرأة السعودية العاملة في سوق العمل المحلية، وتركز أغلب تلك الزيادة في الرياض وجدة مقارنة بغيرهما من المدن الأخرى، حيث قفز عدد العمالة من الإناث السعوديات خلال 2017 -منتصف 2023 بنحو 512.5 ألف عاملة، من نحو 1.0 مليون امرأة عاملة إلى أعلى من 1.5 مليون امرأة عاملة (زيادة 50.4 في المائة)، وما اقتضاه ذلك من أهمية توافر وسيلة نقل لهن للوصول إلى مقار أعمالهن، ودون إغفال زيادة العمالة السعودية من الذكور للفترة نفسها بنحو 323.5 ألف عامل (زيادة 15.9 في المائة)، وهو ما أسهم في مجمله في زيادة الطلب على شراء السيارات كونها وسيلة النقل الأولى، وترتب عليه ارتفاع حجم واردات السيارات منذ مطلع 2017 حتى نهاية يوليو من العام الجاري، إلى نحو 5.1 مليون سيارة، ورافق تلك التطورات ارتفاع أعداد العمالة المنزلية من السائقين خلال الفترة نفسها بنسبة تجاوزت 30.1 في المائة (بلغ حجمها بنهاية الربع الأول 2023 نحو 1.8 مليون سائق، مقارنة بنحو 1.3 مليون سائق في بداية الفترة).
تستقرأ هذه التطورات المتسارعة، أخذا في الحسبان تنفيذ المشاريع التنموية العملاقة التي جرت ولا يزال يستكمل تنفيذها حتى تاريخه في مختلف المدن والمحافظات، في مقدمتها مدينتا الرياض وجدة وما تشكلانه من ثقل اقتصادي وسكاني على حد سواء، ما يقود بدوره هذا الاستقراء الملخص إلى فهم القدر الكافي من أسباب الازدحام المروري الراهن في الرياض وجدة، وأن جزءا كبيرا من هذا الازدحام سيتراجع زخمه مع انتهاء تنفيذ تلك المشاريع التنموية العملاقة، كما لا بد من التأكيد على الأثر الإيجابي المرتقب لتدشين مشروع النقل العام العملاق في مدينة الرياض، الذي يعد أحد أهم الحلول المرتقبة لتخفيف حدة الازدحام المروري في المدينة.
رغم ما تقدم في الجزء السابق أعلاه، إلا أنه لا يحجب بأي حال من الأحوال أهمية البحث والدراسة في حالة الازدحام المروري الراهن الذي تشهده المدن الرئيسة عموما، والرياض وجدة خصوصا، والمبادرة بوضع الحلول الاستراتيجية المأمول أن تؤدي إلى الحد منها بأكبر قدر ممكن، وتسهيل تنقل سكان المدن والمحافظات بتوفير أفضل السبل والممكنات، التي سيسهم وجودها في تسريع وتيرة النشاط الاقتصادي، ويحسن من جودة الحياة بالنسبة إلى السكان، ويحسن بدرجة كبيرة من الجاذبية الاستثمارية لبيئة الأعمال، ويحد أيضا من تكاليف (الهدر) المالي والاقتصادي المترتب على حالة الازدحام المروري في المدن الرئيسة تحديدا، والمفترض أن تؤدي تلك الجهود والمبادرات اللازمة إلى منع حدوثها مستقبلا بأكبر قدر ممكن.
نقلا عن الاقتصادية
المفروض يتم تخصيص ١٠٪ من قيمة المخالفات والرسوم المرورية لانشاء الإنفاق والجسور وتعديل وتوسيع بعض الطرق لإنهاء الازدحام خصوصًا وان الازدحام طول اليوم
أحد أهم عوامل القضاء على الازدحام منع التقطعات نهائيا على الطرق الرئيسية وإغلاقها واستبدالها بـ كبري - مخرج- نفق-دوران (الأخير حل سريع غير مكلف) وبالتالي تنساب السيارات دون توقف وإضافة مسار للشوارع الضيقة منها باجتزاء الرصيف يمينا ويسارا ما أمكن
رحم الله المهندس كدسا رهيبامحمد سعيد فارسى الذى ومنذ عهده لم تشهد مجينة جده أى مشاريع طرق ذات أهمية تذكر. جدة اليوم تشهد إزدحاما وتكدسا رهيبا فى شوارعها وطرقاتها بعد الإزالات \والهدميات الجائرة لثلث أحيائها.!
مقال مهم جدًا يلقي الضوء على الإزدحام المروري وتبعاته الاقتصادية والإجتماعية التي إنكوى بها الجميع. هناك عامل مهم آخر أظن أن له دورًا مؤثرًا في هذه المسألة وتصعيدها وتفاقمها. هذا العامل المؤثر هو السلوك المشين والغير مسؤول لكثير من سائقي المركبات على الطرق. هؤلاء السائقين بـ قلة وعيّهم وصبرهم و رعونة تصرفاتهم من أسباب الازدحامات والارتباكات وارتكاب الحوادث التي تحصل في الشوارع. هؤلاء السائقين بدلًا من ان يكونوا عاملًا مساعدًا في الحد من الزحمة نراهم يتنقلون من مسار إلى آخر من مسارات الشوارع ويسقطون بقوى وتحدي على مسارات السائقين الآخرين مما يؤدي الى توقف السيارات التي خلفهم و يبطىء السير ويساهم في زحمة الشوارع. هؤلاء السائقين الانانيين يعرضون حياة الآخرين الى الخطر ولا يفكرون إلا بانفسهم ومصالحهم. مع الأسف الشديد هذه الإزدحامات مصيدة لسيارات الاسعاف وسيارات الطوارىء المتواجدة في الطرق وبالتالي يتعطل دورهم في إنقاذ المحتاجين من خطر الموت والضرر المحدق بهم. بايدينا نحن السائقين ان نساهم في الحد من زحمة الشوارع إذا تقيدنا بقوانين وأنظمة السير. وكذلك إذا تحلينا بالذوق السليم والكياسة والمجاملة إتجاه السائقين الآخرين و مارسنا بعض الضبط والصبر خلال قيادتنا لـ مركباتنا.
تعليقك طويل
إذا بدأ مشروع المترو مع زيادة أسعار السيارات والبنزين بتتوازن الأمور ..
مدينة جدة (العروس الحزينة) لم يتم عمل مشاريع طرق تذكر منذ فترة طويلة وبالتالي تجد البنية التحتية للشوارع متهالكة جدا، ثم جاء الهدد وفاقم المشكلة فازداد الازدحام في مناطق ضيقة وشوارع متهالكة وفوق ذلك تجد أجهزة رصد المخالفات في كل شارع، فالله المستعان
أهم كلمة قلتها (الوقت له ثمن) .. بس الظاهر ما تفرق مع المسؤولين