احتفظت سوق الوظائف في القطاع الخاص حتى نهاية الربع الثاني من العام الجاري، بوتيرتها السنوية الإيجابية للربع الـ14 تواليا، مسجلة معدل نمو سنوي لوظائف العمالة السعودية في مختلف منشآت القطاع الخاص بنحو 6.3 في المائة "صافي زيادة سنوية 132 وظيفة". ووصل بذلك حجم العمالة السعودية في القطاع الخاص إلى أعلى مستوى تاريخي له عند 2.23 مليون عامل بنهاية الفترة، وفقا لأحدث بيانات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية الصادرة بنهاية الأسبوع الماضي، رغم ذلك النمو السنوي الإيجابي، إلا أنه جاء كأدنى معدل منذ الربع الرابع 2021، متزامنا مع تباطؤ النمو السنوي الحقيقي للنشاط الاقتصادي الكلي إلى 1.1 في المائة بنهاية الفترة نفسها، وفقا لأحدث البيانات الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء. وكما هو معلوم في تطورات سوق العمل المحلية خلال الربع الأول من العام الجاري، التي على الرغم من نمو أعداد العمالة السعودية في القطاع الخاص بمعدل سنوي بلغ 8.8 في المائة، وتمكن القطاع من النمو الحقيقي سنويا بمعدل 5.2 في المائة "نمو القطاع غير النفطي 5.3 في المائة للفترة نفسها"، إلا أن معدل البطالة بين السعوديين سجل ارتفاعا إلى 8.5 في المائة، مقارنة بمستواه الأدنى الذي كان قد وصل إليه بنهاية الربع الرابع من العام الماضي عند 8 في المائة، ما يشير إلى احتمالات أن يبقى معدل البطالة خلال الربع الثاني من العام الجاري عند مستواه نفسه أو ارتفاعه قليلا، بناء على ما ستعلنه الهيئة العامة للإحصاء بنهاية سبتمبر المقبل، ويؤمل بكل تأكيد أن يأتي أدنى من هذه التقديرات، التي تم استنتاجها بناء على الأداء الفعلي لمؤشرات نمو الاقتصاد الوطني والوظائف خلال الربع الثاني السابق.
يأتي ترجيح احتمال ميل معدل البطالة إلى الارتفاع خلال الربع السابق قياسا على ما تقدم أعلاه، وقياسا على أن النمو الربعي لوظائف العمالة السعودية لم يتجاوز 0.7 في المائة، بصافي زيادة ربعية لم تتجاوز 14.6 ألف وظيفة. وكما هو معلوم أن فترة الربع الثاني من العام الجاري تضمنت تدفق عشرات الآلاف من مخرجات التعليم العام والفني والعالي، ستضاف أعدادهم بالتأكيد إلى الباحثين عن عمل خلال الفترة التي سبقت الربع الثاني، إضافة إلى نحو 80 ألف مشترك توقف اشتراكهم في التأمينات الاجتماعية خلال الربع الأول من العام الجاري، مشكلا في مجموعه طلبا أكبر على الوظائف في مختلف نشاطات الاقتصاد، ومؤكدا أيضا أهمية ترجمة المبادرات والبرامج الاقتصادية عموما، والخاصة ببيئة سوق العمل المحلية المرتبطة بالقطاع الخاص تحديدا، والتأكيد أيضا على أهمية قيام أرباب الأعمال في القطاع بالاعتماد بدرجة أكبر على الموارد البشرية المواطنة، في ظل البرامج العملاقة الراهنة الهادفة إلى تحول الاقتصاد الوطني، حيث أوضحت إحصاءات التأمينات الاجتماعية أن القطاع الخاص قد تمكن من زيادة العمالة الوافدة لديه بصافي 167 ألف وظيفة منذ مطلع 2022 حتى منتصف العام الجاري، بعد استبعاد أكثر من 1.4 مليون وظيفة للعمالة الوافدة ذات المهارات والأجور الأدنى، وهي الوظائف التي لا تحظى بطلب حقيقي من الموارد البشرية المواطنة. بالنظر إلى الحجم الإجمالي للوظائف الجيدة من حيث المهارات اللازمة ومستوى الدخل الشهري، التي شهدت صافي زيادة بنحو 167 ألف وظيفة، إلى أن بلغت بنهاية الربع الثاني السابق من العام الجاري أكثر من 1.1 مليون فرصة عمل جيدة، وتشغلها عمالة وافدة، فإن القرار الأول بإحلال أغلبها قدر الإمكان بموارد بشرية مواطنة، يعود بالدرجة الأولى إلى أرباب العمل في القطاع الخاص، وهو المأمول والمسؤولية الملقاة على كاهلهم بالتزامن مع التحولات العملاقة التي يشهدها اقتصادنا الوطني، تحت مظلة رؤية المملكة 2030، وما تضمنته من برامج ومبادرات عملاقة.
لا بد من استجابة القطاع الخاص، واقتراب أرباب الأعمال بدرجة أكبر مما سبق طوال الأعوام الماضية إلى تلك المبادرات والبرامج العملاقة، ومن ضمنها مبادرات وبرامج التوطين بالشراكة مع القطاع الخاص، التي نجحت في وقت سابق "الربع الثالث 2021 ـ الربع الأول 2023" في زيادة وظائف العمالة السعودية بصافي 445 ألف وظيفة "163.6 ألف للذكور، و281.4 ألف للإناث"، أسهم تحققها في خفض معدل البطالة من 11.3 في المائة في منتصف 2021، إلى 8 في المائة بنهاية الربع الرابع 2022، وأنها فعليا جاءت نتيجة مباشرة لجهود مستمرة ودؤوبة للتحسينات والتحديثات التي تمت على مختلف برامج التوطين السابقة، بدءا من برنامج "نطاقات" المطور الذي قدم مزايا عديدة لبيئة السوق المحلية، استهدفت زيادة الاستقرار التنظيمي لمنشآت القطاع الخاص، وتعزيز العلاقة الطردية بين عدد العاملين ونسب التوطين المطلوبة لكل منشأة، من خلال معادلة ترتبط بشكل متناسب مع عدد العاملين لدى المنشأة، وتبسيط تصميم البرنامج وتحسن تجربة العميل، بالاعتماد على دمج تصنيفات الأنشطة بناء على معايير محددة، تحددت في 32 نشاطا مقارنة بعددها السابق الذي كان 85 نشاطا. وبالنظر إلى المتحقق من صافي زيادة في العمالة المواطنة في القطاع الخاص، ومقارنته بما كان متوقعا من قبل وزارة الموارد البشرية في بداية العمل بتلك التحسينات، التي توقعت أن يسهم البرنامج بمنهجيته المحدثة في توفير أكثر من 340 ألف وظيفة خلال ثلاثة أعوام من العمل به.
بالنظر إلى ما تحقق سابقا، سنجد جميعا ما تحقق حتى تاريخه وصل إلى 31 في المائة من المستهدفات المحددة، الذي يؤكد بدوره الأدوار والمسؤوليات الملقاة على كاهل القطاع الخاص، كشريك استراتيجي بالغ الأهمية في مسيرة التحولات الاقتصادية العملاقة التي يشهدها اقتصادنا الوطني، وأهمية أن يزداد الاعتماد بدرجة تفوق ما سبق تحقيقه خلال الأعوام القليلة الماضية، وبما يقابل فعليا المبادرات العملاقة التي وفرتها الدولة لدعم وتحفيز القطاع الخاص منذ بدء تنفيذ رؤية المملكة 2030، ولا تزال تتجدد وتتعاظم فترة بعد فترة، وصولا إلى مستهدفاتها النهائية بمشيئة الله تعالى.
نقلا عن الاقتصادية
الأرقام ممكن تكون خادعة أحياناً مثل المظاهر .. لكن الأهم هو تحليل جودة وفعالية هذه الأرقام والنسب .. نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً ههههههههه.