أظهرت الميزانية العامة للدولة بنهاية الربع الثاني 2023 تراجعا سنويا في إجمالي إيراداتها بنسبة 15 في المائة، "سجلت نموا ربعيا 12.1 في المائة"، واستقرت مع نهاية الفترة الربعية عند أعلى من 314.8 مليار ريال. وأسهم الارتفاع السنوي للإيرادات غير النفطية بنسبة 12.6 في المائة، "135.1 مليار ريال"، في تخفيف أثر انخفاض الإيرادات النفطية للفترة نفسها بنسبة 28.2 في المائة، "179.7 مليار ريال". وجاء التأثير الإيجابي للإيرادات غير النفطية بتخفيف أثر انخفاض الإيرادات النفطية، نتيجة ارتفاع مساهمتها في إجمالي الإيرادات الحكومية إلى 42.9 في المائة، مقارنة بنسبتها خلال الفترة نفسها من العام الماضي البالغة 32.4 في المائة، إضافة إلى استمرار ارتفاعها إلى أعلى مستوى ربعي لها منذ الربع الرابع للعام المالي 2020. وتأتي تلك النتائج على مستوى تنامي الإيرادات غير النفطية، مدفوعة من استمرار المالية العامة في مسار جيد يؤدي إلى تحقيق مستهدفاتها أولا، وبفضل استمرار الزخم والانتعاش الاقتصادي المحلي، إضافة إلى وجود مستويات مطمئنة من الاحتياطيات المالية، ومستوى متدن لحجم الدين العام مقارنة بدول مجموعة العشرين.
أما على مستوى الأداء نصف السنوي للإيرادات الحكومية، فقد سجلت انخفاضا سنويا 8.1 في المائة، واستقرت مع نهاية النصف الأول من العام الجاري عند 595.8 مليار ريال كثاني أفضل حجم لها منذ العام المالي 2016. وأسهمت أيضا الإيرادات غير النفطية في تخفيف تأثير انخفاض الإيرادات النفطية على إجمالي الإيرادات، بارتفاعها للفترة نفسها 10.8 في المائة إلى أعلى من 237.4 مليار ريال، "39.9 في المائة من إجمالي الإيرادات الحكومية". كما يعد وصول الإيرادات غير النفطية إلى هذا المستوى نصف السنوي هو ثاني أعلى مستوى في تاريخ المالية العامة، بعد المستوى القياسي الذي تحقق لها خلال النصف الثاني من العام المالي 2020. وقابل ذلك الأداء الجيد للإيرادات غير النفطية، تراجع سنوي للإيرادات النفطية خلال الفترة نفسها بنسبة 17.4 في المائة، استقرت على أثره مع منتصف العام المالي عند أعلى من 358.3 مليار ريال، "60.1 في المائة من إجمالي الإيرادات الحكومية".
أما في جانب المصروفات الحكومية، فقد إجمالي المصروفات خلال الربع الثاني من العام المالي الجاري نموا سنويا بنسبة 9.4 في المائة، واستقرت بنهاية الفترة الربعية عند 320.1 مليار ريال، مدفوعة بنمو المصروفات الرأسمالية بالدرجة الأولى بمعدل سنوي وصل إلى 20.8 في المائة، "43.5 مليار ريال"، إضافة إلى نمو المصروفات التشغيلية للفترة نفسها 7.9 في المائة، "276.6 مليار ريال"، كما سجلت المصروفات الحكومية خلال النصف الأول من العام المالي الجاري نموا سنويا بنسبة 17.7 في المائة إلى أعلى من 603.9 مليار ريال، مدفوعة بالنمو السنوي للمصروفات الرأسمالية خلال الفترة نفسها النصفية بنسبة 36.6 في المائة، "69.5 مليار ريال"، وأيضا النمو السنوي للمصروفات التشغيلية للفترة نفسها النصفية بنسبة 15.7 في المائة، "534.5 مليار ريال". ويعزى الارتفاع السنوي الذي سجله حجم المصروفات الحكومية على مستوى الفترتين الربعية والنصفية، إلى مواصلة مختلف الأجهزة الحكومية تنفيـذ كثير من البرامج والمشاريع والاستراتيجيات الداعمـة للنمو الاقتصادي المحلية، والهادفة أيضا إلى توسيع وتنويع القاعدة الاقتصادية، واستمرار العمل الدؤوب على طريق تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، في وتيرة متسارعة من الجهود المتكاملة والمشتركة بين مختلف الأجهزة الحكومية، وبالشراكة مع القطاع الخاص، وتحقيق كل ذلك ضمن الحدود المتاحة ماليا، والتزاما بالضوابط المالية المحددة، بما يتسق مع مبادئ الاستدامة المالية، وبما يضمن المحافظة على مستويات آمنة من الاحتياطيات الحكومية.
أفضت التطورات المالية العامة أعلاه خلال الربع الثاني من العام المالي الجاري، إلى تشكل عجز مالي محدود لم يتجاوز 5.3 مليار ريال، "0.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي"، تم تمويله بالكامل لمحدوديته من الاقتراض الخارجي، دون الاعتماد على الحساب الجاري أو السحب من الاحتياطيات الحكومية أو حتى الاقتراض الداخلي، وهو ما وفر بدوره قدرة جيدة للميزانية العامة تجاه استمرار السيطرة على الدين العام، ممكنا المالية العامة على إبقاء الدين عند أدنى من مستواه في نهاية العام المالي الماضي، مستقرا عند أدنى من 989.2 مليار ريال، "أدنى من 23.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي".
يمكن التأكيد على أن نتائج الأداء المالي المتحقق خلال النصف الأول من العام المالي الجاري، جاءت تحقيقا لما تضمنه بيان الميزانية التمهيدي في بداية العام، باستهداف الحكومة في الأجل الطويل استكمال مسيرة الإصلاحات الاقتصادية والمالية، التي تم إجراؤها تحت مظلة رؤية 2030، والمحافظة على الاستدامة المالية، وتبنيها المستمر سياسات مالية تسهم في المحافظة على الاستدامة المالية، وتطوير إدارة المالية العامة، ورفع جودة التخطيط المالي لتعزيز النمو الاقتصادي، والاستخدام الأكثر كفاءة للموارد، واستهداف السياسة المالية في الأجل المتوسط تقوية المركز المالي للمملكة، المعزز لقدرتها تجاه الصدمات الخارجية المحتملة، بالمحافظة على مستويات الاحتياطيات الحكومية عند مستويات مناسبة، واستدامة مؤشرات الدين العام، وهو ما أظهرته فعليا النتائج الأولية للأداء المالي الربعي وحتى نصف السنوي الراهن، وعكس بدوره درجة عالية تنفيذ البرامج والمشاريع الداعمة للنمو والتنوع الاقتصادي، وتحسين الخدمات العامة، وتعزيز برامج أنظمة الرعاية والحماية الاجتماعية، تزامنا مع المحافظة على المكتسبات التي تحققت طوال الأعوام الماضية على جانب المالية العامة.
نقلا عن الاقتصادية