الأعباء على المنشآت الصغيرة عادة أكثر وأشد، مقارنة بالمنشآت الكبيرة. وهي أحد أسباب ضعف التنافسية والإنتاجية في بعض السلع والخدمات. وأنشأت الدولة، الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة عام 1437 الموافق 2016، وتتلخص أهدافها في تنظيم قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة ودعمه وتنميته ورعايته، وفقا لأفضل الممارسات العالمية، لرفع إنتاجية هذه المنشآت، وزيادة إسهامها في الناتج المحلي الإجمالي من 20 في المائة إلى 35 في المائة بحلول 2030، وسعيا إلى تحقيق تلك الأهداف، تجتهد الهيئة في التصنيف والتقييم للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وإعداد استراتيجية لها وبناء القدرات والسياسات ودعم البرامج والمساعدة على إزالة الأعباء والمعوقات التي تواجه المنشآت، ونشر ثقافة ريادة الأعمال وتنويع مصادر دعمها المالي، ورفع مستويات التمويل.
وهناك مبادرات في الدعم، كمبادرة إعادة مبالغ الرسوم الحكومية المدفوعة من المنشآت الصغيرة والجديدة "المعدلة" لعام 1440هـ، كثير من التعليمات وما يبنى عليها من غرامات لا تفرق بين قدرات المنشآت وظروفها. وتبعا لذلك، فوضع تلك التعليمات والغرامات لا يراعي -كما ينبغي- مساعي جهات أخرى في دعم تلك المنشآت. أي أن هناك درجة من التضارب. مثال، نعرف أن تراخيص المنشآت من سجل ورخصة وغيرهما لها فترة صلاحية، والبشر عرضة للنسيان، حتى في الصلاة المفروضة، هناك درجة من فقد الثقة وغيرها بين الناس والمنشآت، هذه ليست مشكلة محلية أو في مجتمع بعينه، بل هي عالمية، مع تفاوت بين المجتمعات. وبعض هذا الفقد مفهوم ومبرر، وبعضه ليس كذلك، وليست المنشآت سواء في سلوك القائمين عليها. ومن ثم فإن وجود تصرفات خاطئة عند البعض لا يسمح بالتعميم على الكل، ومن نتائج هذه المشكلات زيادة الأعباء على المنشآت الصغيرة، ومن ثم زيادة نسبة الفشل وتضرر التنافسية والتوظيف والإنتاجية والاقتصاد بصفة عامة، في إطار الكلام السابق، أطرح مقترحات لتخفيف الأعباء:
- التوسع في نشر التدريب المهني
مقترح التوسع في برامج ومراكز التدريب المهني في المملكة، سواء بدوام كامل أو بدوام جزئي، ومدته أعوام أو شهور، بحيث تكون متاحة بسهولة لمن يرغب، وأن يجيد المتدرب ما جاء لأجله. وينبغي الاهتمام بأن يكون عدد كبير من تلك المراكز في الأحياء التي يبلغ متوسط دخل العائلات فيها عادة أقل من غيرها، لأن شباب تلك الأحياء أكثر احتياجا، ويصعب عليهم الالتحاق بمراكز بعيدة عن مساكنهم.
-ماذا بشأن التوظيف؟
لا شك أنه تبذل جهود قوية في زيادة توظيف السعوديين. وطبعا ما زال نمو كثير من منشآت ونشاطات القطاع الخاص معتمدا كثيرا على توظيف يد عاملة غير سعودية. ذلك لأن كثيرا من المهن والأنشطة في القطاع الخاص يعتمد إلى حد كبير جدا على اليد العاملة غير السعودية. وهي مسألة لا تخفى على القراء، أمام وزارة الموارد البشرية وضع صعب في توطين فئات من المهن، إذ إن تسهيل الحصول على تأشيرات يعمق الاعتماد، ويعاكس سياسات محاربة البطالة. في المقابل، فإن تصعيب الحصول عليها يضعف نمو المنشآت المعتمدة على تلك المهن، وهذا له انعكاسات سلبية على تلك المنشآت، وعلى الاقتصاد. وتبعا لذلك، فإن التوسط المدروس بين التسهيل والتصعيب لتلك المهن مطلب، إننا أمام وضع تشكل عبر عقود من الزمن، وقد اتخذت سياسات لتغييره. لكن التغيير بطيء. وإعطاء الوافدين حرية في تغيير أصحاب الأعمال تحت اشتراطات وضوابط طبعا له مضار لكن له منافع أيضا، من فوائد هذه الحرية:
1. إضعاف الطلب على الاستقدام وعلى توظيف غير السعوديين.
2. رفع تكلفة توظيف غير السعودي، لأنه سيبحث عمن يعطيه راتبا وميزات أفضل.
3. زيادة رغبة القطاع الخاص في توظيف المواطنين، ورغبة المواطنين في العمل بالقطاع الخاص، لأن رفع تكلفة الوافد تقلل ميزته على توظيف السعودي.
-تحسين الإجراءات وترشيد الغرامات
من أصعب ما يواجه أغلبية المنشآت الصغيرة كثرة وصعوبة فهم إجراءات الحكومة مثل إجراءات منح الترخيص لمزاولة النشاط وتجديد هذه التراخيص. والإجراءات بيد جهات حكومية كثيرة، يفضل فتح مراكز شاملة تجتمع فيها هذه الجهات. ويفضل أن تكون الإجراءات أكثر وضوحا للناس. ويفضل أن تعقد في تلك المراكز بشكل دوري مستمر ندوات ومحاضرات تثقيفية بالإجراءات. كما من المهم جدا التنسيق والتفاهم بين هذه الجهات في وضع التعليمات والرسوم والغرامات، وحيث إن التراخيص لها تواريخ انتهاء صلاحية، فإنه ينبغي لهيئة المنشآت أن تتأكد من وجود برامج في كل الجهات الحكومية المعنية تذكر القائمين على المنشآت وتكرر التذكير بقرب انتهاء الصلاحية. وفي حال انتهاء الصلاحية دون تجديد، فإنه ينبغي التدرج في قدر وتطبيق الجزاءات.
من مطالب نجاح الجهود في تحقيق تلك الأهداف وجود تفهم وتنسيق بين الهيئة والجهات الحكومية الأخرى، في تعاملها مع المنشآت الصغيرة. هذا التفهم والتنسيق واقعا أقل مما ينبغي أن يكون. كثير من التعليمات وما يبنى عليها من غرامات لا تفرق بين قدرات المنشآت وظروفها. وتبعا لذلك فوضع تلك التعليمات والغرامات لا يراعي -كما ينبغي- مساعي جهات أخرى في دعم تلك المنشآت. أي أن هناك درجة من التضارب. مثال، نعرف أن تراخيص المنشآت من سجل ورخصة وغيرهما لها فترة صلاحية، والبشر عرضة للنسيان، حتى في الصلاة المفروضة. وبالله التوفيق.
نقلا عن الاقتصادية