تأخير

04/06/2023 0
علي المزيد

في عالمنا العربي تحدث أشياء عجيبة لا تحدث في أي مكان في العالم سوى في عالمنا العربي، وأهم ما يؤخر التنمية في عالمنا العربي البطء في اتخاذ القرار، رغم معرفة متخذ القرار أحياناً بجدوى القرار المراد اتخاذه، وبإلقاء نظرة على عالمنا العربي، نجد إمكانية جيدة للنهوض بشعوبنا اقتصادياً، ولكن سوء إدارة الموارد المتوفرة والكافية وأُشدد على الكافية يجعلنا في مؤخرة الشعوب، ولنبدأ خطوة خطوة، فدول الخليج تمتلك النفط، وهي تعرف قبل غيرها أنه ثروة ناضبة، ومع ذلك نجد تحرك بعضها بطيئاً نحو إيجاد مورد آخر في حالة نضوب النفطن وفي السودان لدينا الماء والأرض ولم نتحرك للاستفادة من هذه الإمكانات لخلق أمن غذائي يفترض أن يكون عربياً، ولكنه عجز حتى أن يكون أمناً غذائياً سودانياً، لذلك لم نرفع سقفه ليكون عربياً.

قس على ذلك بقية الدول العربية، ففي كل دولة ميزة قوية لم تستغل، فمثلا هناك دول عربية تتميز بكثرة الموارد البشرية، ومع ذلك لم تستغل هذه الموارد عبر تطويرها، وقد يكون التطوير لبعضها مجانياً عبر منح تعليمية تمنحها الدول الغنية أو المحتاجة للموارد البشرية للدول العربية ذات الوفرة السكانية، ولكن المهم أن تتحرك الدول العربية ذات الوفرة السكانية في هذا الاتجاه لتأمين منح لمواطنيها، وستجد كثيراً من الدول ترحب بمنحها منحاً تعليمية وأخرى تدريبية، لكن المهم أن نتحرك كدول، وما نراه هو جهود فردية من عرب نجحوا في غير بلدانهم، ومن الصعب تعداد مميزات كل قُطر عربي على حدة، ولكن هناك بلدان عربية يميزها الموقع وأخرى يميزها شعبها المتعلم، وأخرى مواردها الطبيعية غير النفطية، ولكن ذلك لم يستغل رغم معرفة صاحب القرار بأهميته، ولكنه التأخير غير المبرر! أو تغليب المصلحة الخاصة على العامة للأسف!

تداعت لي هذه الإشكاليات حينما رأيت إعلان المملكة العربية السعودية عن قيام أربع مناطق حرة في السعودية كخطوة أولى، تتبعها مناطق اقتصادية حرة أخرى، وهذه المناطق تتميز ببعض الإعفاءات مثل الإعفاء الضريبي، وكذلك الإعفاء من شروط توظيف السعوديين، وغير ذلك من الإعفاءات التي تجذب المستثمرين، صحيح أننا كنا ننتظر هذا القرار منذ زمن طويل وكنا نسمع عنه في الخطط الخمسية، وينتهي التنفيذ حينما يجف حبر الخطة الخمسية، لذلك لم نرَ أي منطقة اقتصادية حرة حتى في المطارات، ولكن يبدو أن الأمر اختلف في السعودية، وأصبح القول يتبعه العمل، ما يهمني في هذا السياق هو نجاح التجربة السعودية، وهي من خلال ما نشاهده في الممارسات الدولية ستنجح، والسبب في طلب النجاح، أن النجاح عدوى، والنجاح يجلب النجاح، فلعلّ نجاح السعودية يغري دولاً عربية أخرى بتقليدها، لنخلق قاعدة اقتصادية يُعتمد عليها في خلق رفاهية الشعوب. ودمتم.

 

 

نقلا عن الشرق الاوسط