وعي وثقافة الأشخاص في المالية الشخصية، أي الفردية، أو ما يسمى بالإنجليزية Personal Finance أمر مهم. وزادت الأهمية مع التطور التقني في التمويل والتواصل والاحتيال عن بعد واستغلال ما يرى أنها نقاط ضعف لدى كثير من الأفراد. كما زادت الأهمية مع ما يشهده العالم من تضخم وأزمات مالية ومشكلات اقتصادية أخرى. التطورات بجانبيها الحسن والسيئ تزيد من الحاجة إلى زيادة وعي الناس في ضبط وتخطيط ماليتهم. وهناك حاجة إلى مزيد توعية في مجال الحقوق المالية، التي كفلتها الشريعة والأنظمة والتعليمات الحكومية.
لدى الناس تساؤلات كثيرة في أمور مالية تمس حياتهم كثيرا. وحقيقة، كثيرون لديهم حاجة قوية إلى مزيد تثقيف مالي واقتصادي على المستوى الشخصي.
وهذه أمثلة عناوين وقضايا في المالية الشخصية.
الميزانية الفردية والعائلية، ضبط الإنفاق وطرق وأساليب للتوفير. وكيفية مكافحة المبالغة في الإنفاق ـ خيارات التمويل لسد نفقات الزواج، وخياراته عند شراء سلعة معمرة كالسيارة.
قضايا البنوك والقروض والديون، طرق التوفير في بطاقات الائتمان وفي تمويلات البنوك ـ إدارة الدين ـ معنى الإفلاس ونتائجه ـ أبجديات بطاقات الائتمان والبيانات الائتمانية للفرد ـ أبجديات الرهن العقاري السكني ومشكلات محتملة فيه ـ التأمين ومدى الحاجة إليه.
ماذا بشأن الثقافة المالية في مجالات التعليم والتدريب والعمل والتوظف؟ من المهم التوسع في ثقافة الأفراد المالية تجاه أمور كثيرة منها تمويل المشاريع الصغيرة.
بشأن شراء منزل وثقافة تمويله موضوع طويل عريض ينبغي أن يلم بأساسياته الراغب في الشراء بتمويل. وعليه، أن يسأل الجهات المختصة، ويسأل من يثق بعلمه وأمانته.
موضوع نسب الاستقطاع من الراتب.
يثير البعض أنه يستقطع من راتبه كذا في المائة ما بين أقساط وتأجير، وقد يكون الاستقطاع من جهتين. هل لي الحق في طلب استقطاع نسبة أقل من الراتب؟ كيف؟
للبنك المركزي ضوابط موجودة في موقع البنك. وأهم هدف منع تحميل الشخص أقساطا فوق طاقته. لكن طبعا من المشكلات أن البعض يدلي بمعلومات غير صحيحة أو لا تتفق مع الواقع حين طلب تمويلا سواء لأول مرة أو لا.
ماذا بشأن حالة الإعسار؟
يحتاج الأمر إلى إيضاح المقصود بالمعسر. ليس هناك تعريف متفق عليه بين الفقهاء. ولم تضع الأنظمة والتعليمات تحديدا للمقصود، لذا تختلف الاجتهادات. لكن ممكن القول إن المعسر من زاد ما عليه على ما عنده، أو لا يقدر على أداء ما عليه. وقد لا يكون دخل الشخص كافيا لسداد ما عليه من التزامات، لكن لديه حقوقا على آخرين أو أموال أخرى كعقارات، وهنا قد يكون الحصول على حقوقه أو التعجيل ببيع أصول "ممتلكات" له سهلا أو لا ضرر كبير منه، وقد لا يكون.
مسألة العمولات والفوائد. احتسابها لإعطاء تمويل ممكن أن يتخذ عدة أشكال. وعلى طالب التمويل تفهم ذلك. عليه سؤال من يثق به وبعلمه لينور له الطريق.
يجب أن تتضمن اتفاقية التمويل كشف حساب على هيئة جدول سداد، خاصة إذا كانت الاتفاقية تنطوي على إطفاء رأس المال، وبيان الدفعات المستحقة والفترات الزمنية والشروط المرتبطة بالسداد كذلك.
من المهم حصول فهم جيد للفترات الزمنية والشروط لتسديد عمولة الاقتراض أو الربح والرسوم المتكررة وغير المتكررة المرتبطة بها، إذا كان يتعين دفع رسوم أو عمولات خاصة أو ربح دون إطفاء رأس المال. وهناك معلومات أخرى، خاصة في المبايعات بالأجل والتقسيط والبدل. ومن المهم الاستعانة بذوي الخبرة الموثوق بهم قبل إبرام العقود.
هناك عدة طرق لاحتساب الفوائد، والطريقة التي يحتسب بها بعض الناس فوائد البنوك سواء عن فترة ماضية، أو فترة لاحقة، ليست بالضرورة مطابقة للطريقة التي يتبعها البنك. على طالب التمويل الرجوع إلى العقد وقراءة البنود الخاصة بالسداد المبكر، وسؤال البنك عن منهجيته في احتساب الفوائد/الأرباح المتبقية عند السداد سواء المبكر أو غير المبكر.
في حال السداد المبكر ينبغي أن يعرف طالب التمويل تبعات هذا السداد المبكر من محاسن وعيوب. وهناك قدر من التعويض عند السداد المبكر، ويحسب على أساس المبادئ الأكتوارية Actuarial Principle. والمبادئ الأكتوارية تطبق عادة في المؤسسات التقاعدية والتأمينية، وتهدف إلى التعرف على مدى قدرة المؤسسة المالية على الوفاء بالتزاماتها المستقبلية المحتملة.
ماذا بشأن البطاقات الائتمانية؟
تصدر بطاقات الائتمانية من البنوك. والبنوك طبعا مؤسسات ربحية، وما تقدمه المؤسسات الربحية يهدف في النهاية إلى جلب مزيد أرباح لها. ومن الملاحظ تطور في الاستخدام والتطبيق تحت مسميات أخرى. جهات تدفع عن المشترين عند شراء أجهزة كالجوالات مثلا، وتقسط الباقي.
يشتكي كثيرون من الحاصلين على البطاقات من تعرضهم لما يصفونه بالتضليل. بعض الجوانب عن تبعات استخدم البطاقات والالتزامات المحتملة والعيوب قد لا تكون وضحت التوضيح الكافي إبان طلب البطاقات. لكن حامل البطاقة ملوم جزئيا. كان عليه الاستفسار وقراءة الأوراق والسطور والشروط والالتزامات جيدا قبل التوقيع، أو الدخول في تصرفات. وهي معلومات متاحة مجانا.
ربما كانت أكبر مشكلة الإفراط في استعمال البطاقات. ولع كثيرين بالشراء حملهم ديونا عالية ومكلفة، وهذه بالمناسبة ظاهرة عالمية، خاصة في الدول ذات الدخل المرتفع. كما تسبب في اختلال الميزان التجاري لدول. وزيادة الاستهلاك تتسبب عادة في زيادة الاستيراد، وإذا لم تقابله زيادة في التصدير ينشأ عجز الميزان التجاري.
على المستخدم الامتناع عن الإسراف في الشراء، والتشديد والانضباط القوي في حالة التسييل النقدي. وهو مسمى Monetize يعني من حيث الأصل تمويل العجز أو نقص الأموال بزيادة النقود عبر تحويل أصول إلى نقود سائلة. وبالله التوفيق.
نقلا عن الاقتصادية