بحديث ضافٍ لوزير المالية، رئيس مجلس إدارة المركز الوطني لمشاريع التخصيص، محمد بن عبدالله الجدعان، أوضح أن المملكة اعتمدت إطارا حديثا لمشاريع التخصيص والشراكة بين القطاعين العام والخاص، والذي وصفه بأنه يتسّم بالمرونة ويستند إلى أفضل الممارسات الدولية.
وفي سياق حديثه، أوضح الجدعان أن برنامج التخصيص في المملكة العربية السعودية، يسير بوتيرة متسارعة، مشيراً إلى أن هناك سلسلة من المشاريع الحالية التي يبلغ عددها نحو 200 مشروع يتم تخصيصها في 17 قطاعاً، وباستثمارات تزيد على 50 مليار دولار، هذا بالإضافة إلى ما يجري العمل عليه حالياً من تقييم 300 مشروع آخر.
وأوضح أيضاً أنه بالرغم من أن الحكومة السعودية قد بدأت رحلة التخصيص والشراكة بين القطاعين العام والخاص مؤخرًا، إلا أنها قد حققت خلالها أهدافًا مهمة، حيث قد تم الانتهاء من تخصيص 30 مشروعاً خلال السنوات الخمس الماضية، مما جعل من المملكة الأكبر والأوسع نطاقًا على مستوى منطقة الشرق الأوسط، في مجال التخصيص.
يُذكر أن برنامج التخصيص، يُعد أحد أهم برامج الرؤية الاقتصادية الطموحة، التي تَهدف إلى نقل ملكية الأصول وإسناد تقديم الخدمات العامة إلى القطاع الخاص، مما سيعزز من مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، بحيث يتمكن من تحقيق مستهدفات الرؤية برفع نسبة مشاركته من 40 % في سنة الأساس إلى 65 % بحلول عام 2030. ومن بين أهداف التخصيص كذلك، تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين على حدٍ سواء، بالإضافة إلى الإسهام في تقليل تكلفتها.
إن تحويل الأصول وإسناد تقديم الخدمات العامة للقطاع الخاص، سيحقق التنوع الاقتصادي في المملكة وسيعزز من مسيرة التنمية الاقتصادية التي تعيشها المملكة، وليس ذلك فحسب، حيث إنه سيعمل على زيادة القدرة التنافسية لمواجهة التحديات والمنافسة الإقليمية والدولية، إضافة إلى التعزيز من قدرة جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والتحسين من ميزان المدفوعات.
وكخلفية تاريخية عن برنامج التخصيص، فقد انطلق البرنامج في عام 2018 سعياً لتحديد الأصول والخدمات الحكومية القابلة للتخصيص في عدد من القطاعات، بما في ذلك تطوير منظومة وآليات التخصيص، وكذلك تحديد أطر الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتعزيز جودة وكفاءة الخدمات العامة ودعم المساهمة في التنمية الاقتصادية.
وقد نجح البرنامج في المرحلة السابقة في وضع الأطر العام لمنظومة التخصيص من خلال إصدار نظام التخصيص وإنشاء المركز الوطني للتخصيص الذي يهدف إلى تنظيم الإجراءات المُتعلقة بمشاريع هذه المنظومة وتعزيز مشاركة القطاع الخاص وفق إجراءات تنظيمية شفافة وعادلة.
كما وقد نجح البرنامج في التأكيد على نزاهة الإجراءات المرتبطة بالعقود وفي تفعيل اللجان الإشرافية للقطاعات، وذلك بهدف توفير بيئة تنظيمية واستثمارية جاذبة ومُحفزة للقطاع الخاص من أجل الاستثمار على المدى القصير والطويل.
تجدر الإشارة، إلى أن برنامج التخصيص بالمرحلة القادمة، سيركّز جهوده على بناء الممكنات وتكثيف العمل على تعزيز دور القطاع الخاص في تقديم الخدمات وتعظيم القيمة المستفادة من الأصول الحكومية، بما في ذلك رفع كفاءة الإنفاق، حيث سيستمر البرنامج في تطوير استراتيجيات تخصيص قطاعية، تشمل النقل والصحة والتعليم وغيرها، مما سيمكن من إعادة تركيز الجهود الحكومية على الأدوار التشريعية والتنظيمية.
أخلص القول؛ بأنه دون أن شك بالرغم من حداثة برنامج التخصيص، إلا أن البرنامج قد نجح في تحقيق توجه ورغبة مهمة للدولة، تَمثلت في إسناد إدارة دفة الاقتصاد للقطاع الخاص، وبحيث تسهل مهمته في عملية تنفيذ المشروعات بسهولة ويسر مقارنة بالماضي القريب، مما سيساعد القطاع على تحقيق مستهدف رؤية المملكة 2030، وبحيث أن تتفرغ الدولة بكافة أجهزتها لسن القوانين ووضع التشريعات اللازمة للنهوض بالاقتصاد بشكل عام وترك عملية التشغيل والإدارة الفعلية للقطاعات والأنشطة الاقتصادية للقطاع الخاص.
ومما سيساعد على نجاح برنامج التخصيص، أن القطاع الخاص خلال الآونة الأخيرة قد أثبت قدرة جبارة في إدارة وتشغيل مشاريع عملاقة، منها ما يرتبط بالطاقة وأخرى ما يرتبط بتقديم الخدمات العامة والأساسية للمواطنين والمقيمين، والذي بدوره سيسهم في تحسين الخدمات عموماً، وسيزيح عن كاهل الدولة ثقلاً مالياً وعبئاً إدارياً كبيرين، كانا يشكلان في الماضي إشكالية وضغط على الميزانية العامة للدولة وعلى أجهزتها الحكومية المختلفة.
نقلا عن الرياض