الجهوية المالية

22/01/2023 0
علي المزيد

الانتماء مطلوب، بل هو حاجة غريزية يبحث عنها الإنسان بعد الأمن والملبس والمأكل والجنس؛ فالإنسان لا بد أن ينتمي لمدينة أو منطقة، والانتماء متعدد؛ فبالإمكان أن ينتمي الإنسان لأكثر من جهة أو دين أو عِرق، فقد يكون مسيحياً وأوروبياً في نفس الوقت، وينتمي لمدينة، ثم ينتمي لمهنة مثل الطب أو الصحافة أو الهندسة أو غير ذلك، وقد ينتمي لنادٍ رياضي أيضاً، وهذه الانتماءات غير متعارضة، بل منسجم بعضها مع بعض، ولا خلاف لي مع الانتماء إذا لم يكن يغمط حقاً أو ينصر باطلاً؛ لأن الانتماء قد يكون سبباً من أسباب تطور المدن، للأسف في عالمنا العربي تغلب الجهوية حتى تدمر التجارة، سواء عن قصد أو عن جهل، وللأسف قد تطال المنشآت الصغيرة جداً، وأذكر في هذا الشأن أن رجلاً جاءته فرصة تجارية صغيرة في غير منطقته، فدرسها ووجد أنها مجدية، فقرر أن يغتنمها، وقد فعل، لكنه فوجئ أثناء العمل وممارسة تجارته الصغيرة بأن مراقبي البلدية من أهل المنطقة يضايقونه، لا لشيء سوى لأنه من غير منطقتهم، مما اضطره في نهاية المطاف إلى أن يتخلص من تجارته الصغيرة لغير رجعة، وهنا خسرت المنطقة رجلاً يستأجر محلاً، ويحرك اقتصاد المنطقة ولو بشكل بسيط جداً، كما خسرت المنطقة سمعتها لدى المستثمرين.

وفي ذات السياق، أرادت شركة مساهمة أن تغير منطقة نشاطها لمنطقة مجاورة، لكن أحد وجهاء المنطقة الأخرى عارض ذلك، وتم تحقيق طلب هذا الوجيه، وقد قابلت في حينها الكثير من عقلاء أهل المنطقة الذين كانوا متذمرين من ذلك الموقف؛ إذ إنه أضاع على المنطقة فرص عمل كثيرة توظف شبابها، كما أنه أضاع فرص عمل غير منظورة على المنطقة، إضافةً إلى تحريك اقتصاد المنطقة في مجالات شتى، وحرم المنطقة من تطور محتمل في عدد السكان وغيره، مما يخلق حراكاً في المنطقة، وما ينطبق على المدن والأقاليم ينطبق على الأقطار العربية للأسف، مع بعض الاستثناءات لبعض أقطارنا العربية التي ترحب بالمستثمر الأجنبي.

فبعض الأفراد في بعض أقطارنا العربية ينظرون للمستثمر الأجنبي على أنه مستغل، وللأسف فإن هذه النظرة قد تصدر من مسؤولين عن تطبيق النظام، الأمر الذي ينذر بكارثة تحل على المستثمر الأجنبي الذي جاء يبحث عن الربح، ولولا حافز الربح المتوفر لما خاطر برأس ماله، ولكنه قصور النظرة الذي يجب أن يتغير، سواء بالتوعية أو بقوة القانون. ودمتم.

 

نقلا عن الشرق الاوسط