انسجام المناقصات الحكومية مع الواقع الاقتصادي

18/01/2023 1
د.عبد الوهاب بن سعيد القحطاني

انسجام المناقصات والمشتريات الحكومية مع واقع السوق أساسي لنجاح المشاريع، خاصة في وقت الأزمات مثل الارتفاع الحاد في أسعار المواد بعد إقرار العقود والتوقيع عليها. لقد أقر مجلس الشورى في إحدى جلساته قبل حوالي 9 سنوات دراسة تعديل بعض مواد نظام المنافسات والمشتريات الحكومية، وذلك بطلب من أحد أعضاء المجلس ودعم قوي من عدد كبير من بقية الأعضاء لمواكبة متطلبات التنمية في المملكة فيما يتعلق بإرساء عقود المشاريع الحكومية على مقاولين من ذوي الخبرة والجودة والكفاءات التنفيذية العالية. وقد جاءت هذه الحاجة بعد تعثر أو فشل بعض المشاريع الحكومية التي يُعتقد أن للمقاولين مساهمة كبيرة في تعثرها، ناهيك عن دور الإجراءات المالية الحكومية غير المناسبة وغير الموائمة للظروف في وزارة المالية والجهات المستفيدة من المشاريع.

إن مواكبة الأنظمة واللوائح للمستجدات في البيئة الاقتصادية ضرورة لنجاح تنفيذ المشاريع الحكومية وغيرها من حيث التكلفة المناسبة وفي الوقت المناسب والجودة المناسبة. لا شك في أن التغير في البيئة الخارجية سواء كان إيجابا أو سلبا يؤثر في نجاح وفشل المشاريع الحكومية المطروحة للمنافسة بين المقاولين السعوديين، لذلك يتطلب الأمر دراسة ما يجب تغييره من تكاليف وإجراءات وبنود ومواد نظامية لتواكب المتغيرات والمستجدات الطارئة والمستمرة لأن التطوير المستمر والتكيف معه يساهم في نجاحها.

إن تعديل اللوائح والأنظمة إضافة ضرورية تفرضها متغيرات كثيرة أغلبها خارج نطاق كل من المقاول والدولة ممثلة بوزارة المالية، ومنها غلاء المواد الأساسية لتنفيذ المشروع. الحقيقة أن لوزارة المالية دورا كبيرا في نجاح وتعثر هذه المشاريع إما بسبب سوء تقديرها للتكاليف أو إرسائها على مقاولين أقل تكلفة، لكنهم أقل جودة ما يؤدي إلى فشلها أو سوء جودتها بعد تنفيذها. إن لتأخير مستحقات المقاولين أو تعقيد الإجراءات ممارسات غير محفزة قد تؤدي إلى خروج بعضهم من سوق العمل. قد يكون للجهة الحكومية المستفيدة من المشروع الحكومي دور في تعثره أو فشله، وذلك لعدم قدرتها على تقدير المدة الزمنية لتنفيذ المشروع، ناهيك عن ضعفها القانوني في كتابة العقود وشروطها وتكاليفها. ومن الأهمية أن تتقدم الجهة الحكومية المستفيدة من المشروع بدراسة مستفيضة عن المشروع الذي ترى حاجتها له، وذلك بتنفيذ دراسة الجدوى من خلال مؤسسات متخصصة في البحوث والدراسات، خاصة في تكلفة المشروع.

إن لعدم التنسيق بين الجهات الحكومية المستفيدة والشركات أو المؤسسات المنفذة للمشروع دورا كبيرا في نجاحه أو تعثره، ناهيك عن عدم توافر التنسيق الفعَّال مع وزارة المالية، لذلك يستحسن بقوة التنسيق بين هذه الجهات بفاعلية في كل مرحلة من مراحل تنفيذ المشروع حتى لا تكون هناك ثغرة تتيح الفرصة للتعثر أو الفشل. ومن الأهمية التكامل بين الجهات الحكومية المستفيدة من المشروع وجهات أخرى تقدم خدمات أساسية مثل الماء والكهرباء والاتصالات والبلدية والمواصلات، وهنا تكمن أهمية التنسيق مرة أخرى.

الخلاصة: نجاح المشاريع الحكومية هدف يتحقق إذا حصل التنسيق المتكامل بين الإدارة المشرفة على التكاليف في وزارة المالية والجهات الحكومية المستفيدة وغيرها من الجهات الحكومية الخدمية، بالإضافة إلى الشركة أو المقاول المنفذ للمشروع.

 

نقلا عن اليوم