إن الاستثمار يعني شراء أصول ذات قيمة، تدعى بالأصول الرأسمالية، يشتريها المستثمر بناء على توقعات لها إما: بارتفاع قيمتها بمرور الوقت، وإما للقناعة بأنها سوف توفر مصدراً جديداً للدخل أو أنها تحقق الأمرين معاً أي ارتفاع قيمتها مع مرور الوقت، وتوفيرها مصدراً جديداً للدخل.
إن عامل الوقت المشار اليه في تعريف الاستثمار هو ما نحتاج اليه في التفريق بين المستثمر والمضارب، ان عملية الاكتتاب موجهة للمستثمر الذي ينطبق عليه هذا التعريف ومن هذا المنطلق يمكن البدء بتحليل مفهوم الاكتتاب والإدراج.
ان توقعات المستثمرين بشكل عام تميل الى تحقيق العوائد وادارة المخاطر على المدى المتوسط والبعيد وتتشارك مختلف المدارس الاقتصادية بأن المدى المتوسط يكون بين 12 الى 60 شهر، والبعيد يكون اعلى من حاجز الـ 60 شهر.
تعتبر الاسواق المالية وسيلة رائعة لزيادة الدخل للمستثمرين الافراد، حيث تتيح لهم سهولة استثمار فوائض الدخول وكذلك تساعدهم في توفير مصادر دخل اخرى او تحقيق الاهداف المالية على المدى المتوسط والبعيد. وبالنسبة للشركات تعتبر عملية الادراج منصة تلبي احتياجاتها من رؤوس الأموال وتنميتها وتطويرها وضمان استمراريتها.
وبالحديث عن السوق المالية السعودية "تداول" وتماشياً مع رؤية المملكة 2030 وبرنامج تطوير القطاع المالي والذي تتمثل أحد ركائزه المعتمدة في تطوير سوق مالية متقدمة من خلال مجموعة من المبادرات التي من شأنها تحفيز وتشجيع شركات القطاع الخاص على طرح وإدراج أسهمها في السوق المالية، فقد تم إطلاق عدة حوافز خاصة للشركات المدرجة في تداول السعودية، وتذليل عدة عوائق تواجه الشركات في بعض القطاعات مما يحول بشكل مباشر أو غير مباشر دون إدراج هذه الشركات في السوق المالية، تحت "مبادرة تحفيز وتشجيع شركات القطاع الخاص على طرح وإدراج أسهمها في السوق المالية" وهي إحدى مبادرات برنامج تطوير القطاع المالي.
وتشتمل هذه الحوافز على مشاركة اكثر من 13 جهة حكومية ومنها: رفع سقف الحدود التمويلية من صندوق التنمية الصناعية السعودي للشركات المساهمة العامة المدرجة، رفع نسبة التمويل ورفع السقف الأعلى للخدمات الائتمانية للعميل الواحد من قبل صندوق التنمية الزراعية، منح الشركات المدرجة في السوق المالية أولوية التقديم على برنامج المشغل الاقتصادي المعتمد في هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، ولعل من اهمها أفضلية في الأعمال والمشتريات الحكومية (في نظام المنافسات والمشتريات الحكومية) للشركات المدرجة في السوق المالية بوزارة المالية، وكذلك رفع سقف الحدود التمويلية لمشاريع الشركات المدرجة ومنح قرض طويل الأجل وبسعر فائدة تفضيلي يُقدم للشركات المدرجة بصندوق دعم المشاريع، وأخيرا الأولوية في الحصول على الأراضي الصناعية والمصانع الجاهزة بالهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية.
إن الاهم من ذلك كله هو ضمان استدامة الشركات والكيانات الاقتصادية واستمراريتها وكذلك ان عامل الافصاح والحوكمة هو جوهرة عملية الادراج حيث ان شكل الشركات المؤثرة والمكونة للإقتصاد بالمملكة العربية السعودية هي الشركات العائلية، وبعد الادراج سيتم نقل مفهوم سيادة الرجل الواحد الى سيادة المساهمين، فمن حق المساهم ان يعزل مجلس الادارة في حالات معينة اذا استطاع اثبات اخلال هذا المجلس بحقوقه كمساهم.
ان الحوكمة هي الحل في الاقتصاديات المعتمدة على هذا النوع من الكيانات التجارية، فبنقل الشركة العائلية الى شركة مساهمة عامة سيحافظ الاقتصاد على استمرارية هذه الشركة فهي بذلك تقوم بنقل مخاطرها الى وحدات اقتصادية اكبر.
وبالعودة الى الاكتتابات او الشركات المدرجة في السوق المالية السعودية في العام 2022 نجد بان اجمالي عدد الشركات المدرجة كان بعدد اجمالي 17 شركة : لوبريف، السيف، كابلات الرياض، امريكانا، العرض المتقن، مرافق، الحفر العربية، نقي، الأمار، رتال، سهل، النهدي، اماك، الدواء، علم، دار المعدات واخيرا انابيب الشرق.
ان من استثمر في هذه الاكتتابات الـ 17 جميعها بغض النظر عن عملية الطلب والتخصيص وبافتراض ان المستثمر قد طلب عدد 10 اسهم وتم تخصيص هذا العدد له، وبأسعار اقفال اخر جلسة من العام 2022 نجد بان هذا المستثمر قد قام باستثمار مبلغ وقدره 14,416.80 ريال كرأس مال، وحقق رأس ماله ارباح خلال 12 شهر تقدر بـ 15% بواقع 2,231.24 ريال كربح اجمالي، يشمل: 14% ربح رأس مالي بواقع 2,058.00 ريال و 1% توزيعات نقدية بواقع 173.24 ريال.
ان هذا المستثمر قد اعاد 15% من رأس ماله خلال سنة واحدة فقط وسط اداء سوق مالي خسر 853.45 نقطة من سعر اقفال اول يوم تداول له في هذا العام 2022 والذي وافق تاريخ 02-01-2022م حيث كان هذا الاقفال يساوي 11,331.91 نقطة بينما كان سعر اقفال اخر يوم تداول في هذا العام والذي وافق تاريخ الخميس 29-12-2022م كان بواقع 10,478.46 نقطة.
ان الوقوف بحزم أمام نظرية المؤامرة في الأسواق المالية هي اولى الخطوات لتصحيح الفكر السائد بين المستثمرين، إن هذا الفكر لا يمكن تفتيته الا بالعلم ونشر المعرفة الاستثمارية الصحيحة المستقاة من الجهات التنظيمية ومراكز ومعاهد نشر المعرفة المالية المعتمدة، إن الأسواق المالية محاطة بعدد لا بأس به من الدجالين الماليين الذين يعدون المستثمرين ويقدمون لهم التوصيات بناء على معرفة ضحلة وهامشية في اساليب ادارة الثروات والاستثمار بل إن العقل والمنطق والعلم يلزم المستثمر بالبدء بالتفريق بين القيمة الجوهرية للشركة والسعر السوقي للسهم، ان هذه القيمة الجوهرية للشركة تبدء من اسهاماتها في الاقتصاد الكلي والجزئي العالمي وصولا الى اسهاماتها في الصناعة والقطاع المحلي، وعلى العكس من ذلك نجد بأن القيمة السوقية لسعر السهم ماهي الا نتاج تفاعل العرض والطلب فقط ولا غير ذلك.
شكرا هيئة السوق المالية السعودية، والى مزيد من الإدراجات الناجحة في العام القادم 2023!.
خاص_الفابيتا
ما يمدح السوق الا من ربح فيه، والاكتتابات الاخيرة كان تقييمها مبالغاً فيه والدليل تخارج كبار الملاك من أغلب هذه الشركات عند أول فرصة للخروج منها وقد كانت مشكلة هيئة سوق المال في كل هذه الادراجات انها خلطت عملاً صالحاً وآخر سيئاً، ومن ثم انت اتبعت نفس النهج وجمعت الشركات الجيدة التي رغب الكثير منا المشاركة في الاكتتاب فيها في بداية هذه السنة وبين الشركات السيئة التي ادرجت آخر هذه السنة وأصبحت تمدح عمل هيئة سوق المال في هذه الادراجات بشكل عام بدون حتى ان تذكر الفرق بين طروحات أول السنة وآخرها