هيئة السوق المالية.. قصة السوق

22/12/2022 0
د.عبد الوهاب بن سعيد القحطاني

تلقيت دعوة خاصة وكريمة من هيئة السوق المالية لحضور أمسية رائعة عن حفل كتاب «قصة السوق» التي تم توثيقها منذ 1926م حتى 2020م. كان الاستقبال رائعا ومهنيا ووديا للغاية وبحفاوة كريمة من قبل منسوبي الهيئة، وكان الكتاب نتيجة جهد مثمر وعمل دؤوب من المتابعات والمقابلات الشخصية مع بعض المسئولين السابقين والحاليين من ذوي العلاقة بالسوق المالية. شمل البحث والتوثيق الاستقراء والتحليل لأحداث وقرارات على مدى 96 عاما حتى 2020م. اعتمد الكتاب في التوثيق على مراجع عالية الصحة والمصداقية، واستغرقت عملية البحث والمقابلات الشخصية حوالي عامين ساهم فيها عدد من الشخصيات التي أسهمت في بناء وإدارة وتطوير السوق المالية. التواصل والشفافية ضرورة بين هيئة السوق المالية والمجتمع للتوعية بمنجزاتها وما يقتضيه التواصل من معلومات ومعرفة ذات أهمية في الاستثمار في مجال الأسهم.

يهدف كتاب «قصة السوق» الذي صدر في نسختين الأساسية والمصورة المختصرة إلى توثيق تاريخ السوق المالية بشكل علمي، وجمع ما تفرق من وثائق ومعلومات، سواء المكتوبة أو المحفوظة في ذاكرة من عمل عليها أو عاصر تطورها، حتى يكون عونا لكل باحث ومهتم بالسوق المالية، إضافة إلى تكريم وتقدير من أسهم في التأسيس والتطوير، وتوثيق أدوارهم وجهودهم. إن توثيق مسيرة السوق المالية عبر مراحل عديدة في غاية الأهمية والمهنية خلال فترات زمنية متعاقبة ما يفيد الباحثين من الأكاديميين والمستثمرين والممارسين في السوق المالية.

لقد بدأت السوق المالية متواضعة من حيث الحوكمة والأنظمة والضوابط التي تحكم التعامل في الأسهم في بداية تأسيس الدولة وقبل اكتشاف البترول. كانت أولى شركات المساهمة في عام 1926م لتتوالى بعدها عشرات الشركات للمساهمة من قبل عدد قليل من كبار المساهمين. استمر فكر المساهمة بتشجيع وتوجيه من القيادة الحكيمة للنهوض بالاقتصاد الوطني على أيدي أبنائه من المواطنين، وحصد المساهمون أرباحا مجزية ما جعلهم يحتفظون بأسهمهم إلى الجيل التالي. وقد نتج عن هذه الرغبة في الاحتفاظ بالأسهم انتعاش ونمو الاقتصاد والسوق المالية سنة بعد أخرى.

مرت السوق المالية بثلاث مراحل تاريخية منذ 1926م إلى 2022م. امتدت المرحلة الأولى من عام 1926 إلى 1984م. كانت بداية المرحلة الأولى لسوق الأسهم في عام 1926م خلال سنوات تأسيس المملكة على يد الملك عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه وكانت في 15 يناير 1902م. تحتوي المرحلة الأولى على الباب الأول، حيث حوى بدايات ونشأة السوق المالية. كما أن الباب الأول حوى أربعة فصول. الفصل الأول شمل تنظيم وبناء الموارد الاقتصادية بينما حوى الفصل الثاني الموارد الاقتصادية. أما الفصل الثالث فشمل طرح الأسهم وتداولها بينما حوى الفصل الرابع مرحلة تغيير كبيرة ونقلة كمية ونوعية في السوق المالية للنهوض بها.

كانت المرحلة الثانية بين 1984م و2003م، حيث بدأتها هيئة سوق المال بالباب الثاني حول سوق مالية جديدة وأربعة فصول أولها الفصل الأول عن تنظيم تداول الأسهم. كان الفصل الثاني عن التنظيم التقني لسوق الأسهم، والفصل الثالث عن محطات رئيسية مهمة في سوق الأسهم. أما الفصل الرابع من الباب الثاني فكان عن تنظيم سوق الأسهم في الميزان. برزت في هذه المرحلة تطورات كثيرة منها اللجنة الوزارية لتنظيم عمل السوق والإشراف العام على نشاطه وتطويره. كما تأسست اللجنة الدائمة للإشراف، وإشراف البنك المركزي عليه وتكونت الرقابة على الأسهم وتشكلت وحدات التداول المركزية في البنوك وتحددت آليات التداول وتنظيمه وتأسست الشركات لتسجيل الأسهم.

وتعد المرحلة الثالثة الممتدة من 2003 إلى 2020 من أكثر المراحل التاريخية من حيث الحوكمة والتطوير والتغيير والرقابة في السوق المالية، وشملت ثلاثة أبواب احتوت على ثلاثة عشر فصلا منها تأسيس هيئة السوق المالية والحوكمة والتقاضي والرقابة وتعميق السوق وطرح وإدراج شركات عملاقة مثل أرامكو السعودية وحماية المستثمرين وإدارة الأزمات المالية والانضمام إلى المؤشرات الدولية. باختصار التطوير والتغيير الإيجابي في السوق المالية مستمر نحو الأفضل.

 

نقلا عن اليوم