توقعات الطلب الأقوى تدعم سوق النفط

22/12/2022 0
د. نعمت أبو الصوف

استقرت العقود الآجلة للنفط على ارتفاع، الأربعاء الماضي، وسجلت مكاسب أسبوعية، بعد أن تركت "أوبك" تقديراتها لنمو الطلب العالمي على النفط دون تغيير، ورفعت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها لنمو الطلب لهذا العام والعام المقبل، حيث استوعبت الأسواق أنباء الزيادة الأسبوعية الكبيرة في مخزونات الخام الأمريكية، وقرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة.

بالفعل، أخفقت الأنباء عن ارتفاع مخزونات الخام الأمريكية بأكثر من عشرة ملايين برميل في خفض الأسعار منتصف الأسبوع الماضي، حيث أرجع المحللون الزيادة الضخمة إلى تعطل مؤقت في الصادرات في ساحل الخليج الأمريكي.

من المتوقع، أن ينخفض المخزون في تقرير هذا الأسبوع، بعد تعافي الصادرات وانخفاض الواردات على خلفية توقف خط أنابيب كيستون.

في غضون ذلك، أعلن مجلس الاحتياطي الفيدرالي زيادة بمقدار 50 نقطة أساس في سعر الفائدة، لكن مسؤولي البنك وضعوا أيضا حدا أعلى لسعر الفائدة القياسي عند 5.25 في المائة.

في تقريرها الشهري، الثلاثاء الماضي، تركت "أوبك" تقديراتها لنمو الطلب العالمي على النفط دون تغيير، متوقعة نموا بمقدار 2.5 مليون برميل يوميا هذا العام، و2.2 مليون برميل يوميا العام المقبل، على أمل تخفيف قيود كورونا في الصين.

لكن المنظمة حذرت من أنه "مع اقتراب عام 2022 من نهايته، أصبح تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي الأخير، بكل ما يترتب عليه من آثار بعيدة المدى، واضحا تماما. من المتوقع أن يظل عام 2023 محاطا بعديد من أوجه عدم اليقين، ما يتطلب اليقظة والحذر". وقالت، إن عمليات الإغلاق المتجددة في الصين ألقت بثقلها على الطلب على النفط، حيث سجلت البلاد انكماشا في الطلب على النفط في عام 2022.

لكن في العام المقبل، تتوقع المنظمة أن حل الصراع الجيوسياسي في أوروبا الشرقية، والتخفيف من سياسة الصين بشأن عدم انتشار فيروس كورونا، يمكن أن يوفرا بعض الاحتمالات الصعودية، ليصل متوسط الطلب العالمي إلى 101.8 مليون برميل يوميا.

مع ذلك، حذرت المنظمة من أن التوقعات الحالية التي لم تتغير من الشهر الماضي "تفترض الاحتواء الناجح لجائحة كورونا، واستئناف النمو الاقتصادي قبل الوباء في الصين، في حين من المتوقع أن يتم دعم الطلب الهندي على النفط من خلال استمرار النمو الاقتصادي الصحي".

من جانب العرض، ظلت توقعات "أوبك" لنمو إنتاج النفط من خارج المنظمة دون تغيير إلى حد كبير، ومن المتوقع أن يصل إلى 1.5 مليون برميل يوميا عام 2023، بقيادة الولايات المتحدة، النرويج، البرازيل، كندا، كازاخستان وغيانا. في حين من المتوقع أن ينخفض إنتاج النفط بشكل أساسي في روسيا والمكسيك.

وقالت المنظمة: "مع ذلك، لا تزال هناك شكوك كبيرة حول التطورات الجيوسياسية في أوروبا الشرقية، وكذلك إمكانات إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة العام المقبل".

من جانبها، رفعت وكالة الطاقة الدولية، الأربعاء الماضي، توقعاتها لنمو الطلب على النفط لعامي 2022 و2023. فاجأ الاتجاه الصعودي لاستهلاك النفط في الصين والهند والشرق الأوسط في الأسابيع الأخيرة، ما دفع الوكالة إلى مراجعة توقعات نمو الطلب على النفط لهذا العام والعام المقبل.

على الرغم من الانكماش المتوقع للطلب العالمي على النفط في الربع الأخير بمقدار 110 آلاف برميل يوميا مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021، أشارت البيانات الأخيرة حول الاستهلاك في الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إلى طلب أكثر مرونة مما كان متوقعا في وقت سابق. وتتوقع الوكالة الآن نمو الطلب العالمي على النفط بمقدار 2.3 مليون برميل يوميا هذا العام، بزيادة 140 ألف برميل يوميا مقارنة بالنمو المتوقع في تقرير الشهر الماضي.

ومن المتوقع أن يبلغ نمو الطلب في 2023 نحو 1.7 مليون برميل يوميا، في تعديل بالزيادة قدره 100 ألف برميل يوميا مقارنة بتقديرات تشرين الثاني (نوفمبر) ليصل إلى 101.6 مليون برميل يوميا.

بالفعل، على الرغم من التباطؤ الموسمي في الطلب العالمي على النفط واستمرار الرياح المعاكسة للاقتصاد الكلي، إلا أن بيانات استهلاك النفط الأخيرة كانت مفاجئة في الاتجاه الصعودي. كان هذا واضحا بشكل خاص في الصين والهند والشرق الأوسط.

كما أن الاستخدام القوي لزيت الغاز في الدول المستهلكة الرئيسة يفوق شحنات البتروكيماويات الأوروبية والآسيوية الضعيفة.

وفيما يتعلق بالإمدادات، تقدر الوكالة أن المعروض النفطي العالمي انخفض بنحو 190 ألف برميل يوميا إلى 101.7 مليون برميل يوميا في تشرين الثاني (نوفمبر)، مخترقا اتجاها صعوديا على مدى خمسة أشهر، حيث خفضت المملكة ومنتجون خليجيون آخرون الإنتاج في إطار اتفاق "أوبك+".

وقالت الوكالة: "من المتوقع حدوث انخفاض أكثر حدة الشهر المقبل مع دخول حظر الاتحاد الأوروبي على واردات الخام الروسية وسقف مجموعة السبع حيز التنفيذ".

في الوقت نفسه، قال بعض المحللين، إن مخاوف الركود في الغرب تم تعويضها جزئيا على الأقل، بالتفاؤل بشأن تخفيف الصين قيود كورونا، والاقتراب من إعادة فتح الاقتصاد.

مع ذلك، التقارير عن ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا في المناطق الحضرية الصينية الكبرى أخيرا تركت الطريق لإعادة فتح الاقتصاد أقل تأكيدا على المدى القريب، لكن على الإطار الزمني الأطول، يجب أن يكون التقدم نحو تطبيع البيئة الاقتصادية داعما لأسعار الطاقة.

لكن في الوقت الحالي، لا تزال هناك حالة من عدم اليقين بشأن آفاق الطلب والعرض على الخام، ما يؤدي إلى كثير من التقلبات في أسواق النفط.

لقد انتعشت الأسعار في منتصف الأسبوع الماضي بعد أن انخفض خام غرب تكساس الوسيط بالقرب من 70 دولارا للبرميل، وهو المستوى الذي أشار عنده البيت الأبيض سابقا إلى أنه سيبدأ إعادة تعبئة احتياطي البترول الاستراتيجي بعد عام من خفضه بشكل متكرر.

لكن، أسعار النفط قلصت مكاسبها نهاية الأسبوع الماضي بعد رفع أسعار الفائدة من قبل كل من بنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي.

الجمعة الماضي، تم تداول خام برنت عند 79.04 دولار للبرميل وهو أدنى مستوى في عام، وهو أقل مما كان عليه قبل الأزمة الأوكرانية.

مع ذلك، لا يزال هناك كثير من المحفزات الصعودية التي يجب الانتباه إليها.

من المفترض أن يوفر التوقف المستمر في عمليات التسليم لشركة كيستون بعض الدعم لأسعار النفط، لأنه أدى إلى تشدد العرض في أمريكا الشمالية التي كانت تتمتع بعام آمن نسبيا حتى الآن.

مع استمرار عدم اليقين بشأن إعادة فتح الصين بعد جائحة كورونا، قد نشهد مزيدا من التقلبات في الأسابيع المتبقية من هذا العام.

 

 

نقلا عن الاقتصادية