على الرغم من تباطؤ النشاط الاقتصادي العالمي ومخاطر الركود، قد تعود أسعار النفط قريبا مرة أخرى إلى ما فوق 100 دولار للبرميل، وفي وقت أقرب مما كان يعتقد المحللون قبل شهرين. بالفعل، على الرغم من أن تباطؤ الاقتصادات والمخاوف من الركود أثرا في أسعار النفط لأشهر، إلا أن تخفيف قيود جائحة كورونا في الصين، وتخفيضات "أوبك+" اعتبارا من هذا الشهر، وحظر الاتحاد الأوروبي على واردات النفط الخام الروسي عن طريق البحر الشهر المقبل، والمنتجات اعتبارا من شباط (فبراير) 2023، يمكن أن تؤدي إلى تشدد كبير في الأسواق، وترسل أسعار النفط مرة أخرى فوق 100 دولار للبرميل.
على مدى الأشهر الماضية، كانت أسواق النفط والسلع الأخرى تراقب من كثب سياسة الصين بشأن قيود كورونا بحثا عن علامات على ارتفاع مقبل في الطلب على السلع الأساسية. في هذا الجانب، أشارت الصين أخيرا إلى أنها ستخفف بعض القيود المفروضة للتعامل مع تفشي العدوى. بالفعل، خففت الصين، الجمعة، بعض قواعدها الصارمة المتعلقة بفيروس كورونا، بما في ذلك تقصير الحجر الصحي لمدة يومين للمخالطين المباشرين للمصابين والمسافرين الوافدين، وإلغاء العقوبة على شركات الطيران التي تجلب عديدا من الحالات. تعد عمليات الإغلاق المفاجئ في الصين والاقتصادات المتباطئة من العوامل الهبوطية التي تهيمن على سوق النفط. لكن المحللين يقولون إن العوامل الصعودية قد تكون لها اليد العليا على المدى القريب بعد تخفيف بعض القيود في الصين، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط مرة أخرى إلى ثلاث مراتب.
من جهة أخرى، أدى قرار "أوبك+" خفض هدف الإنتاج الرئيس للمجموعة بمقدار مليوني برميل يوميا اعتبارا من هذا الشهر إلى استقرار أسواق النفط، وهو الهدف وراء قرار المجموعة. استقرت أسعار برنت فوق 90 دولارا للبرميل. الضغوط هنا هي في الاتجاه الصعودي أكثر من الاتجاه الهبوطي، على الرغم من الزيادات الحادة في أسعار الفائدة لمحاربة التضخم. في هذا الصدد، قال رئيس استراتيجية السلع في بنك ساكسو، في وقت سابق من الأسبوع الماضي، "إن أسواق النفط أكثر عرضة لخطر التحرك عشرة دولارات للبرميل أعلى من الانخفاض". وأضاف، لا يزال الخطر في الاتجاه الصعودي، مستشهدا بالإشارات الأولى لتخفيف الصين المحتمل قيود جائحة كورونا في وقت ما من العام المقبل، وتخفيضات "أوبك+"، وعقوبات الاتحاد الأوروبي على النفط الروسي. وأشار إلى أن السوق متشددة، وبعض هوامش المنتجات النفطية حول العالم لا تزال مرتفعة للغاية.
يعتقد المحللون أن "أوبك+" راضية عن استقرار أسعار خام برنت في نطاق 90 - 100 دولار للبرميل. لكن في الوقت نفسه، يعتقدون أن هناك خطرا حقيقيا من تشدد مفرط في الأسواق في الأشهر الثلاثة إلى الخمسة المقبلة. في هذا الجانب، قال بنك جولدمان ساكس في مذكرة مطلع الأسبوع الماضي، إن خام برنت قد يرتفع إلى 125 دولارا للبرميل العام المقبل إذا خففت الصين من سياساتها بشأن جائحة كورونا. تبلغ توقعات جولدمان الحالية لأسعار خام برنت لـ2023 نحو 110 دولارات للبرميل، لكن هناك أيضا كثيرا من المخاطر الصعودية بسبب اضطرابات الإمدادات المحتملة في روسيا، ليبيا، العراق وإيران. وقال البنك، "توزيعات المخاطر حول توقعاتنا الحالية للنفط تميل إلى الأعلى بشكل مباشر بالنظر إلى استمرار قوة الطلب الفوري". بعد قرار "أوبك+" بخفض الإنتاج، قال بنك آخر، مورجان ستانلي، في أوائل تشرين الأول (أكتوبر) إن أسعار النفط سترتفع مرة أخرى إلى 100 دولار للبرميل أسرع مما كان متوقعا سابقا، ورفع توقعاته لأسعار الربع الأول من 2023 إلى 100 من 95 دولارا للبرميل.
في الأشهر الأخيرة، كان هناك عديد من التوقعات وكثير من التكهنات حول ما قد يحدث مع حظر الاتحاد الأوروبي على واردات الخام الروسي عن طريق البحر اعتبارا من الشهر المقبل، والمنتجات النفطية اعتبارا من شباط (فبراير) 2023. في هذا الجانب، يعتقد منتدى الطاقة الدولي IEF ومقره الرياض، أن أسعار برنت قد تتجاوز بسهولة 100 دولار للبرميل مرة أخرى إذا اقتربت خسائر الإمدادات من روسيا من ثلاثة ملايين برميل يوميا عندما يدخل الحظر الأوروبي على واردات الخام الروسية عن طريق البحر حيز التنفيذ الشهر المقبل. وبحسب المنتدى، أكبر منظمة دولية لوزراء الطاقة في العالم، قد تخسر أسواق النفط ما بين مليون وثلاثة ملايين برميل يوميا من إمدادات النفط من روسيا عندما تدخل العقوبات حيز التنفيذ. إضافة إلى ذلك، سيكون هناك قدر كبير من التقلبات مع بدء الحظر لأنه لن يكون هناك قدر كبير من الشفافية بشأن الحجم الفعلي للإنتاج الروسي الخارج من السوق.
في ضوء هذه التطورات، قال بنك ING في وقت سابق من الأسبوع الماضي، "يبدو أن المضاربين يتجهون على الأرجح نحو مواقع الشراء بشكل متزايد في سوق النفط بسبب التوقعات بأن السوق ستتشدد بسبب مزيج من حظر الاتحاد الأوروبي على النفط الروسي الذي يدخل حيز التنفيذ قريبا، إضافة إلى تخفيضات "أوبك+" للإمدادات". وأضاف، لقد غيرت هذه المستجدات توقعات البنك للنفط في 2023 من فائض متوقع سابقا حتى منتصف 2023 إلى عجز على مدار العام بأكمله. بالفعل، لن يستمر الارتياح طويلا في أسواق الطاقة، حيث يفترض عديد من البنوك الاستثمارية حاليا أنه مع الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على الخام والمنتجات الروسية، سينخفض الإمداد من روسيا بما يزيد قليلا على مليوني برميل يوميا في الربع الأول من 2023.
بالفعل، على الرغم من الرياح الاقتصادية المعاكسة على مستوى العالم، إلا أن التوقعات على أسعار النفط في الأسابيع والأشهر المقبلة هي في أتجاه صعودي أكثر من الاتجاه الهبوطي بسبب مزيج من ثلاثة عوامل صعودية رئيسة: تخفيف قيود الجائحة في الصين، وتخفيضات "أوبك+"، وحظر الاتحاد الأوروبي واردات النفط الروسية عن طريق البحر.
نقلا عن الاقتصادية