أدى الانتعاش الاقتصادي والطلب على النفط بعد جائحة كورونا إلى تراجع طاقات إنتاج النفط الاحتياطية العالمية إلى مستويات متدنية للغاية مع ترك هامش صغير جدا، لامتصاص صدمات العرض المحتملة على المدى القريب. على الرغم من التباطؤ الاقتصادي الحالي في أجزاء كثيرة من العالم والمخاوف من حدوث ركود اقتصادي في أوروبا والولايات المتحدة، إلا أن أسعار النفط لم تنخفض كثيرا إلى ما دون 90 دولارا للبرميل. وزادت المخاوف من تعطل الإمدادات بقدر المخاوف من حدوث ركود قد يبطئ نمو الطلب على النفط.
تضاؤل طاقة إنتاج النفط الاحتياطية منذ أعوام دعم أسعار النفط وستظل عاملا صعوديا في السوق، على الأقل على المدى القصير، مع الأخذ في الحسبان أنه لا توجد جهة يمكنها التأكد من مقدار فقدان إمدادات النفط العالمية عندما يدخل حظر الاتحاد الأوروبي على واردات النفط الروسية حيز التنفيذ في بداية كانون الأول (ديسمبر). والآن، يبدو أن الركود هو الطريقة الوحيدة لإعادة بناء مخزونات النفط العالمية.
على جانب العرض، لا يمكن "لأوبك +" ولا الولايات المتحدة زيادة العرض بشكل كبير على المدى القصير. تشير التقديرات إلى أن إنتاج "أوبك +" يقل بنحو 3.6 مليون برميل يوميا عن إنتاجها المستهدف. علاوة على ذلك، الطاقة الإنتاجية الاحتياطية للنفط تتركز فقط في المملكة والإمارات. وأوضحت شركة أرامكو، أكبر شركة نفط في العالم وأكبر مصدر للنفط الخام، أخيرا بأن الانتعاش المقبل في الاقتصادات سيقضي على الطاقة الإنتاجية الاحتياطية وبحلول الوقت الذي يستيقظ فيه العالم على هذه التحديات، ربما يكون الأوان قد فات لتغيير المسار. في الوقت نفسه، يقول المسؤولون التنفيذيون في شركات النفط الأمريكية، إن الولايات المتحدة لا تستطيع إنقاذ أوروبا هذا الشتاء، لأن منتجي النفط والغاز لا يستطيعون زيادة مستويات الإنتاج الحالية كثيرا لتعويض الانخفاض المتوقع في إمدادات النفط الروسية عند دخول حظر الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ.
كل هذا يترك جانب الطلب لإعادة التوازن إلى السوق. إذا تحقق ركود حاد مع نمو أبطأ في الطلب على النفط أو حتى انخفاض الطلب، فقد ترتفع الطاقة الإنتاجية الاحتياطية والمخزونات من أدنى مستوياتها في عدة أعوام. في هذا الجانب، قال البنك الدولي أخيرا، إن الركود قد يكون مقبلا للعالم في 2023، حيث ترفع البنوك المركزية بشدة أسعار الفائدة لمكافحة التضخم. قبل أسبوعين فقط، رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 75 نقطة أساس أخرى للمرة الثالثة على التوالي، ورفع بنك إنجلترا أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس إلى 2.25 في المائة، وهو أعلى معدل منذ بداية الأزمة المالية لـ2008.
إلى الآن ظل الطلب على النفط مرنا في مواجهة عديد من التحديات، حتى الأسعار التي تجاوزت 100 دولار للبرميل في وقت سابق من هذا العام فشلت في كبح جماحه بصورة كبيرة. الآن، خفت الأسعار إلى حد ما، لكن الحظر على النفط الروسي لا يزال على بعد نحو شهرين. بمجرد أن يبدأ هذا الحظر، لا بد أن تقفز الأسعار، لأن العرض البديل محدود. وستحتاج الولايات المتحدة إلى البدء في إعادة تعبئة احتياطي البترول الاستراتيجي في مرحلة ما، لأنه آخذ في النضوب.
في الواقع، على الرغم من السياسة النقدية المشددة في الاقتصادات الكبرى، لا تزال منظمة أوبك ووكالة الطاقة الدولية تتوقعان نموا سنويا للطلب العالمي على النفط في كل من 2022 و2023. على الرغم من الانتكاسات الاقتصادية والمخاوف بشأن الطلب الصيني بسبب عمليات الإغلاق، إلا أن الوكالة تتوقع نمو الطلب العالمي على النفط بمقدار مليوني برميل يوميا في 2022 و2.1 مليون برميل يوميا العام المقبل. من جانبها، لا تزال أوبك ترى في أحدث توقعاتها أن النمو الاقتصادي العالمي سيظل قويا عند 3.1 في المائة هذا العام و3.1 في المائة أخرى العام المقبل، ما يشير إلى أن المنظمة لا تزال تتوقع نموا صحيا للطلب على النفط على الرغم من مخاوف السوق من الركود. علاوة على ذلك، يقول المحللون إن التحول من الغاز إلى النفط هذا الشتاء وأسواق المنتجات المتشددة - خاصة الديزل في أوروبا - يمكن أن يدعم الطلب على النفط حتى في بيئة الركود المعتدلة. ثم هناك صدمة الإمدادات المتوقعة من الصادرات الروسية والآلية، التي لا تزال غير واضحة ويسعى الغرب بموجبها للحفاظ على تدفق النفط الروسي من خلال فرض حد أقصى لسعر النفط الروسي، الذي قد ترفض روسيا ببساطة بيعه كما هددت بالفعل.
من الطبيعي أن يؤدي الركود العالمي إلى إعادة بناء المخزونات وارتفاع الطاقة الإنتاجية الاحتياطية. ومع ذلك، فإن تجنب حدوث صدمة في المعروض النفطي سيكون صعبا في الظروف الحالية. عجز "أوبك +" عن تحقيق الإنتاج المستهدف ليس كله مقصودا. في الواقع، معظمه ليس كذلك، وهذا يعني أنه سيكون من المستحيل تقريبا تعويضه. ولا تستطيع الولايات المتحدة الاستمرار في الاعتماد على احتياطي البترول الاستراتيجي لفترة أطول دون القيام بشيء لإعادة البناء. بعد كل شيء، إنه يسمى استراتيجي لسبب ما.
ما يوحي به أعلاه هو ما حذر منه عديد من المديرين التنفيذيين أخيرا. سوق النفط ليست في حالة توازن، والعرض يتشدد بسبب نقص المعروض الجديد للتعويض عن تراجع الإنتاج الطبيعي للحقول القائمة، الذي ترافق مع عوامل أخرى مثل عدم الاستقرار السياسي والعقوبات الأمريكية على كبار المنتجين. نعم قد تكافح أسعار النفط على المدى القصير، لكن بمجرد انتعاش الاقتصادات، سيجد العالم نفسه يعاني نقصا في المعروض من النفط والسلع الأخرى. وهذا هو السبب الرئيس وراء احتمال عودة أسعار النفط إلى الارتفاع قريبا. نمو العرض يتباطأ بينما الطلب على وشك الانتعاش. واعتمادا على مدى قوته، يمكننا أن نشهد ارتفاعا كبيرا في أسعار النفط العام المقبل.
السعودية وباقي الدول المنتجة في أوبك سئمت من التلاعب في أسعار النفط الذي تقوم به أمريكا وذلك حتى تتمكن من إعادة تعبئة المخزون الاحتياطي بأقل أسعار ممكنة ولذلك لم تتنظر حتى نهاية العام او بداية العام المقبل فقررت دول اوبك+ تخفيض الانتاج وذلك توقعاً للركود الاقتصادي المقبل نتيجة السياسات الاقتصادية والسياسية الامريكية التي تريد تدمير إقتصاديات العالم هروباً من ديونها الضخمة وتضخم اقتصادهاالمفرط والذي لم ولن تعترف فيه حتى الان