استطاعت المملكة أن تجيب دائماً عن سؤال الهوية من خلال الحفاظ على التراث والأصالة، وهو جزء من الهوية الأصيلة التي يجب أن تتناقلها الأجيال الشابة وتتوارثها وتحملها في وجدانها، وهي تشق طريقها نحو المستقبل بكل تفاصيله ومعطياته !
فالمملكة التي تواكب أحدث أنماط الحياة والتطور والمدنية، وتبني مدناً للمستقبل في (ذا لاين) و(نيوم) وغيرهما، لم تتخلَ عن تراث الآباء والأجداد، بل وأعادت رونقه من جديد عبر هواية الصيد بالصقور، لتحافظ من خلاله على تلك الهواية الأصيلة؛ التي تعبر عن بعض الهوية الثقافية للجزيرة العربية، وهي المهمة الكبيرة التي نجح فيها نادي الصقور السعودي، بدعم وتوجيه سمو ولي العهد المشرف العام على النادي، ومتابعة الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف رئيس مجلس إدارة النادي، مما يؤكد أن الحفاظ على التراث والهوية مهمة وطنية كبرى، تعتني بها الدولة وتحرص عليها القيادة !
هكذا تعمل المملكة على حفظ توازن المعادلة، فالمملكة التي تعد أبناءها للحاضر والمستقبل بأحدث وسائل وبرامج التعليم، وتسعى عبر تعزيز متانة اقتصادها وتتقدم بثبات بين اقتصاديات مجموعة العشرين، تشجع أبناءها أيضاً على تعزيز الهوية التراثية من خلال ممارسة هواية الصقارة وتشجعهم على تنميتها واستدامتها، من أجل أن يتمسكوا بهويتهم وثقافتهم وتراثهم الأصيل !
ولعل فعاليات معرض الصقور والصيد السعودي الدولي، والمزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور، المقامة الآن في (ملهم) شمال مدينة الرياض، وينظمهما نادي الصقور السعودي حتى 3 سبتمبر المقبل دليل على أن المملكة تستهدف ترسيخ تلك القيمة العظيمة في وجدان الأجيال الناشئة، من الاعتزاز بهويتهم وتراثهم الأصيل، مهما بلغوا من تطور وعلم وحداثة، وهو ما يبرز أيضاً من خلال فعاليات المعرض والمزاد وأنشطته المصاحبة، والتي تعبر جميعها عن عشق هذا التراث والحرص على تكريسه وتأكيده، حيث يضم المعرض العديد من الأجنحة، التي تلبي اهتمامات هواة الصقور وتربيتها، والرحلات البرية وتجهيزاتها، وأسلحة الصيد النارية والهوائية وغيرها، إلى جانب عروض الفنون الشعبية بكل ما تحمله من قيمة ثقافية وتراثية للمجتمع، وهي جميعها مفردات وتفاصيل في لوحة التراث العربي السعودي، الذي نعتز به كإرث للآباء، وكحصن للهوية !
باختصار.. هوية المستقبل غرس الماضي وسقي الحاضر !
نقلا عن عكاظ