سعدت وطار عني النوم حين سمعت لقاءً في إذاعة صوت العرب أجرته المطربة الرقيقة (نجاة الصغيرة) مع الشاعر العاشق (كامل الشناوي) في برنامج (ليالي الشرق)، مصدر سعادتي من عدة جهات: أن الشائع حبُّ الشناوي لنجاة، وظنه أنها تحبه، لأنها لطيفة معه، ومع غيره في الواقع، فهي مثل الوردة، لكنه فسّر هذا اللطف بالحب، ويقال إنها دعته لحفل عيد ميلادها فظنّ أنه بطل الحفل، ولبس أفخر بدلة عنده وتعطّر، وقبل إطفاء الشموع وضعت يدها في يد شاعرٍ شاب أنيق رشيق، الشناوي - رحمه الله - سمين جداً، وصف وجهه وجسمه صديقه البشري بكتلة ضخمة من العجين سقطت من عل (فتفرشطت!) وخلق الله حسن، كان يظن أنها سوف تمسك يده هو في اللحظة الرومانسية فخاب ظنه وخرج لم يكمل الحفل وظفرنا بقصيدته الرائعة، لا تكذبي، والتي غنّتها نجاة نفسها وكأن شيئاً لم يكن، وسعدت لأني أحب صوت نجاة وأحب شعر الشناوي وأعشق ما قيل عن قصة حبه لنجاة.
أخذت نجاة بصوتها الجميل دور المذيعة، سألت الشناوي عن أشياء كثيرة، من بينها الشعر الحر، فقال: الشِّعر يُشبه شَعرك الجميل يُعجب بعدة تسريحات، كل تسريحة لها جمال على رأس السيدة بشرط أن يبقى الشعر لا أن تتم حلاقته بالكامل وتصبح المرأة صلعاء! ضحكت كالموسيقى وهمست: وكيف يبقى الشعر؟ قال: إذا حافظ على الجرس، للشعراء أن يبدعوا بكل طريقة وتكون القصيدة على عدة قوافٍ وبحور ولكن فيها موسيقى الشعر، هذه الطرق كتسريحات السيدات تتفنن الواحدة في شعرها كما تشاء ولكل تسريحة إطلالة جميلة طالما بقي الشعر ولم تتم الحلاقة كاملة، أظنه يقصد بالحلاقة ما يُسمى قصيدة النثر، وهي مجرد خواطر لا قصيدة.
ضحكت نجاة سعيدة وقالت أنت شاعر وصحفي، بأي لقب تود دخول التاريخ، قال أدخل بصفتي شاعراً لأني أظن الصحفي ممنوعاً من الدخول، وأخرج بصفتي صحفياً لآتي لكم بالأخبار!
قالت: وما القصيدة التي تُعجبك؟ قال على الفور: لا تكذبي! ضحكت وقالت طبعاً! وتحب تسمعها بصوت من؟ رد كأنه يوجه رسالة: بصوت الذي لحّنها عبدالوهاب!
وانهمرت القصيدة كشلالٍ من جمال:
(لا تكذبي)..
إني رأيتكما معا
ودعي البكاء.. فقد كرهت الأدمعا
ما أهون الدمع الجسور إذا جرى
من عين كاذبة فأنكر وادعى
إني رأيتكما.. إني سمعتكما
عيناك في عينيه.. في شفتيه
في كفيه.. في قدميه
ويداك ضارعتان
ترتعشان من لهف عليه
تتحديان الشوق بالقبلات
تلذعني بسوطٍ من لهيب
بالهمس، بالآهات
بالنظرات، باللفتات
بالصمت الرهيب.
نقلا عن الرياض
مقالة مريحة وجميلة لنهاية الاسبوع. شكرا
مقال جميل من الزمن الجميل ....لازال جيل الرواد يحلم بايام نجاة ...ورمانسية الفن ايام القاهرة في الستينات والسبعينات ....وطويلة ياسكة العاشقين ..........وارج إلي فبعدك لاعقد اعلقه ولا لمست عطوري في اوانيها ...
رائع…. الزمن الزاقس
حقيقة اقراء مقالتك هذه يوميا. شكرا مرة اخري