المملكة ترسخ الأمن والتنمية في الشرق الأوسط ودوليا

18/07/2022 0
عبد الحميد العمري

استهل الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع في كلمته الافتتاحية لقمة جدة للأمن والتنمية، نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، قائلا "إن اجتماعنا اليوم يأتي في الوقت الذي تواجه فيه منطقتنا والعالم تحديات مصيرية كبرى، تستدعي مواجهتها تكثيف التعاون المشترك في إطار مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، التي تقوم على احترام سيادة الدول وقيمها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، واحترام استقلالها وسلامة أراضيها. ونأمل أن تؤسس قمتنا هذه لعهد جديد من التعاون المشترك، لتعميق الشراكة الاستراتيجية بين دولنا والولايات المتحدة، لخدمة مصالحنا المشتركة، وتعزز الأمن والتنمية في هذه المنطقة الحيوية للعالم أجمع".

إنه التأكيد الدائم على الدور الرئيس والدولي الذي طالما اضطلعت به المملكة في علاقاتها الدولية، القائم على احترام المبادئ والقوانين الدولية، وبما يحقق ويكفل للمجتمع الدولي الأمن والاستقرار والرخاء والنمو والتقدم على جميع المستويات، وهو المنهج الذي دأبت المملكة على المحافظة عليه طوال العقود الماضية، ولم تتأخر يوما عن تقديم الدعم والجهود اللازمة لتحقيقه من خلال علاقاتها الأخوية والقائمة على الصداقة وتحقيق المصالح المشتركة مع بقية أعضاء المجتمع الدولي، والذي حظي وما زال يحظى بالثقة والمصداقية في جميع المحافل على مستوى العالم، وبشهادة الحقائق التاريخية طوال العقود الزمنية الماضية، ما أكسبها أعلى درجات القبول والترحيب طوال تلك الفترة، ودفع بنجاح هذه القمة الأمنية والتنموية كسابقاتها من المبادرات السعودية الناجحة والمثمرة، التي انعكست إيجابياتها على كل المستويات، وشملت بعوائدها السخية منطقة الشرق الأوسط ومختلف مناطق العالم.

لقد نجحت هذه القمة في فتح آفاق تنموية جديدة أمام العالم بأسره، على الرغم مما يمر به خلال الفترة الراهنة من اضطرابات واسعة على جميع الأصعدة، سواء تحت الآثار العكسية التي ما زالت تحدثها الجائحة العالمية لكوفيد - 19، أو الحرب الروسية الأوكرانية والآثار السلبية التي خلفتها في الاقتصادات والأسواق والتجارة العالمية ونقص موارد الطاقة والغذاء، وما أدت إليه من ارتفاعات قياسية غير مسبوقة في منظور النصف قرن الماضي، والآثار القاسية التي خلفتها في أغلب المجتمع الدولي، وبدرجة أكبر في دول الأسواق الناشئة والأقل دخلا، وكلها كانت ضمن أولويات هذه القمة المباركة، وهو ما عبر عنه بوضوح تام ولي العهد ـ حفظه الله ـ بتأكيده في ختامها على الإشادة "بما شهدته هذه القمة من حرص على مواصلة التقدم والتعاون، فيما يعزز مسيرة عملنا المشترك في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والبيئية والمناخية والصحية وغيرها، متطلعين إلى مواصلة التعاون بين دولنا، بما يحقق الأمن والرخاء والسلام والاستقرار والازدهار للعالم أجمع".

وهو بالفعل ما تمت ترجمته ضمن الأهداف الرئيسة التي مهدت لانعقاد هذه القمة الشرق أوسطية بقيادة المملكة، وتم التأكيد عليها بصورة جلية في بيانها المشترك، الذي كان أهم ما ورد فيه تأكيد التزام الدول الأعضاء فيها بتطوير التعاون المشترك في سبيل دعم جهود التعافي الاقتصادي الدولي، ومعالجة الآثار الاقتصادية السلبية لجائحة كورونا والحرب في أوكرانيا، وضمان مرونة سلاسل الإمدادات، وأمن إمدادات الغذاء والطاقة، وتطوير مصادر وتقنيات الطاقة النظيفة، ومساعدة الدول الأكثر احتياجا والمساهمة في تلبية حاجاتها الإنسانية والإغاثية.

وتقديم ما لا يقل عن عشرة مليارات دولار استجابة لتحديات الأمن الغذائي إقليميا ودوليا، وتأكيد أهمية الجهود التي تبذلها "أوبك +" لتحقيق استقرار أسواق النفط العالمية، وبما يخدم مصالح المنتجين والمستهلكين، ويدعم النمو الاقتصادي. وإعلان عدد من الشركاء من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية خططا لاستثمار نحو ثلاثة مليارات دولار في مشاريع تتوافق مع أهداف مبادرة الشراكة العالمية للاستثمار والبنية التحتية التي أعلنتها الولايات المتحدة، والاستثمار في البنى التحتية الرئيسة في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، ومن ضمنها مشاريع تستهدف تعزيز أمن الطاقة والمناخ والاتصال الرقمي وتنويع سلاسل الإمداد العالمية. هذا إضافة إلى تبرع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بنحو 100 مليون دولار لدعم شبكة مستشفيات القدس الشرقية، التي تقدم الرعاية الصحية الضرورية والمنقذة للحياة للفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية.

كما تضمن البيان المشترك للقمة الالتزام المشترك بحفظ أمن المنطقة واستقرارها، ودعم الجهود الدبلوماسية الهادفة لتهدئة التوترات الإقليمية، وتعميق تعاونهم الإقليمي الدفاعي والأمني والاستخباري، وضمان حرية وأمن ممرات الملاحة البحرية. إضافة إلى اتفاق الدول الأعضاء على تقديم الدعم اللازم لأجل ضمان خلو منطقة الخليج من جميع أسلحة الدمار الشامل، وتأكيدها مركزية الجهود الدبلوماسية لمنع إيران من تطوير سلاح نووي، وللتصدي للإرهاب وكل الأنشطة المزعزعة للأمن والاستقرار. والإشادة بالتعاون القائم بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والولايات المتحدة، الهادف إلى دعم أمن واستقرار المنطقة وممراتها البحرية، والتأكيد على تطوير التعاون والتنسيق بين تلك الدول في سبيل تطوير قدرات الدفاع والردع المشتركة إزاء المخاطر المتزايدة لانتشار أنظمة الطائرات المسيرة والصواريخ المجنحة، وتسليح الميليشيات الإرهابية والجماعات المسلحة، بما في ذلك ما يتناقض مع قرارات مجلس الأمن، والبحث في جميع السبل الكفيلة بتكثيف التعاون المشترك في سبيل تعزيز الردع والقدرات الدفاعية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتطوير التكامل والاندماج في مجالات الدفاع الجوي والصاروخي، وقدرات الأمن البحري، ونظم الإنذار المبكر وتبادل المعلومات. وختاما؛ الترحيب بإنشاء "قوة المهام المشتركة 153" و"قوة المهام المشتركة 59"، اللتين تعززان الشراكة والتنسيق الدفاعي بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والقيادة المركزية الأمريكية، بما يدعم رصد التهديدات البحرية ويطور الدفاعات البحرية عبر توظيف أحدث المنظومات والتقنيات.

 

 

نقلا عن الاقتصادية