تأتي زيارة الرئيس الأميركي بايدن لمنطقة الشرق الأوسط في ظروف استثنائية ومختلفة، فبعد برود في العلاقات الأميركية - العربية، لا سيما الخليجية، ونتيجة للبرنامج الانتخابي للديمقراطيين الذين وجدوا أنفسهم حينما تسلموا السلطة بين أمرين؛ إما الوفاء ببرنامجهم الانتخابي أو خسارة حلفائهم الاستراتيجيين في المنطقة.
في المقابل، أدرك حلفاء الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة العربية هذا التحول ليتجهوا بشكل حذر لتوسيع علاقتهم مع روسيا والصين لتجد الدبلوماسية الأميركية نفسها في حرج أمام جمهورها الداخلي وأمام حلفائها، ونلاحظ أن بايدن بدأ يتدرج في خطابه تجاه دول المنطقة من الأصعب للأسهل، ليعلل لجمهوره الداخلي أسباب الزيارة المخالفة لبيانه الانتخابي، ومتعللاً بأمن الطاقة الذي بدأ يعاني منه المواطن الأميركي نتيجة نقص الإمدادات، وأيضاً بدأ يعاني منه حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا، ومعروف أن مفتاح الطاقة في يد دول المنطقة المنتجة للنفط والغاز.
هذا المدخل الاقتصادي موجه للمواطن الأميركي الذي رأى دبلوماسيته تتجه لفنزويلا رغم الخلافات، فمن باب أولى الاتجاه لشركاء الطاقة في المنطقة العربية.
وواقع الحال، فالزيارة لها بُعد سياسي أكبر من بُعدها الاقتصادي، وإن كانت الزيارة لم تغفل الجانب الاقتصادي المساند للسياسة، لذلك نجد بايدن يذكر أنهم أخطأوا في الابتعاد عن المنطقة وتركها للروس والصينيين، وفي رأيي أن الإدارة الأميركية حاولت أن تضغط على حلفائها العرب ضغطاً غير مبرر، متوقعة منهم أن يستجيبوا بسهولة، لكن الذي حدث أن الحلفاء بدأوا يغازلون قوى أخرى، فأدركت الإدارة الأميركية خطأها لتتجه نحو الحلفاء الذين لهم مطالب محددة من الولايات المتحدة الأميركية يأتي على رأسها محاصرة نووي إيران ومحاصرة توسع نفوذها في المنطقة العربية.
ونلاحظ أن البيانات في البرامج الانتخابية الأميركية في الغالب تحمل فقرات عدائية تجاه بعض حلفائها، ولكنها كانت أقل حدة من الفقرات العدائية التي تضمنها برنامج بايدن الانتخابي، لذلك تكون حلولها أسهل بالطرق الدبلوماسية.
هذا يثير سؤالاً لدى الحلفاء، هل مثل هذه البرامج هدفها الضغط على الحلفاء بعد تسلم السلطة؟ أم سياسة يرغب في تطبيقها؟
لذلك يرى الحلفاء أنهم لا يجب أن يكونوا في موقع الدفاع كل أربع سنوات!!! مع قوة تدعي الشراكة.
فالحلفاء يرون أن لهم مصالح يجب أن تُحترم مثل احترامهم لمصالح الشريك.
أتوقع أن زيارة بايدن للمنطقة ستنتج سياسة جديدة هدفها مراعاة مصالح جميع الأطراف، وفق معادلة حاجة كل منهما للآخر. فإذا كانت دول المنطقة بحاجة لمحاصرة نووي إيران ونفوذها، فإن الولايات المتحدة بحاجة لمحاصرة تمدد نفوذ روسيا والصين. ودمتم.
نقلا عن الشرق الأوسط