مخاوف الركود ومسار النفط

07/07/2022 0
بسام العبيد

شهدت أسعار النفط هبوطا حادا، الثلاثاء الماضي، بأكثر من 11 في المائة خلال جلسة واحدة، حيث وصل سعر خام برنت إلى حاجز الـ 100 دولار للبرميل، وهو المستوى الذي كان يتداول به منذ شهرين منذ منتصف أيار (مايو) الماضي. جاءت الضغوط الكبيرة على النفط بسبب عاملين رئيسين: الأول منهما، تعزيز المخاوف من خشية الدخول في الركود الذي يتوقع أن يكون نتاجا للحرب الدائرة بين ارتفاع التضخم من جهة، وتشديد البنوك المركزية سياساتها النقدية من خلال رفع الفائدة المتسارع، ما يعني تباطؤا في النمو وارتفاع الفوائد على القروض، ما يسهم في تراجع مستوى الطلب عليها، وبالتالي تراجع المشاريع والتوسعات بشكل كبير.

كما أن استمرار تفاقم أزمة التضخم وارتفاع الأسعار يضغطان بشدة على القوة الشرائية ونسبة الاستهلاك، وما سبق من عوامل كلها تعزز الاقتراب من الدخول في حالة ركود اقتصادي، قد يشمل أنحاء العالم، بينما تتفاوت نسبته بين دوله.

السبب الآخر الذي أدى إلى تراجع أسعار النفط بشكل حاد، هو موجة فيروس كورونا التي عادت لتضرب بشدة في عدد من الدول في أوروبا وآسيا، ما قد ينذر بموجة إغلاقات جديدة من شأنها أن تضر بالطلب على النفط، وتسبب تخمة في المعروض، ففي فرنسا، تجاوزت الحالات اليومية 200 ألف حالة، فيما سجلت اليابان أكثر من 36 ألف حالة خلال 24 ساعة فقط.

لذلك كل هذه العوامل تضغط بشدة على أسعار النفط التي شهدت ارتفاعا منذ مطلع العام بنحو 70 في المائة، حيث سجل خام برنت 139 دولارا للبرميل بداية آذار (مارس) الماضي، لكن الأسعار ظلت تحافظ على مستوى 100 دولار منذ نهاية الشهر نفسه.

ومما شكل ضغوطا كبيرة على النفط التصريحات الرسمية التي أدلى بها بعض المسؤولين الأوروبيين عن احتمالية الركود، حيث صرح وزير الاقتصاد الألماني، بأن المخاوف من الدخول في الركود كبيرة جدا لاقتصاد بلاده، بينما حذر بنك إنجلترا من أن التوقعات الاقتصادية لبلاده بشكل خاص وللعالم بأسره بشكل عام، قد تدهورت بسرعة كبيرة مع ارتفاع التضخم الحاد، وتشديد السياسة النقدية من قبل البنوك المركزية، وتراجع دخل الأفراد والأسر، ما رفع توقعات الركود الاقتصادي. هذه التصريحات من جهات لها ثقلها الاقتصادي انعكست سلبا على أسعار النفط، فالمخاوف من الركود أصبحت أكثر احتمالية، والحديث عنها أصبح أكثر صراحة.

من الناحية الفنية لخام برنت، فإن مستوى الـ 100 دولار يعد منطقة دعم نفسية، بينما تعد منطقة 97 دولارا دعما فنيا كسره يعني مزيدا من التراجع، وربما الوصول إلى منطقة 86 دولارا كمنطقة دعم مهمة، ومستهدفا فنيا في حال كسر مستوى 97، بينما ستكون منطقة الـ 114 دولارا منطقة مقاومة من الصعب تجاوزها على المستوى القريب، والله أعلم بالصواب.

من جهة أخرى، فالتراجعات التي شهدتها الأسواق العالمية، بشكل عنيف، أثرت في السوق السعودية بشكل واضح، وكذلك سيكون الحال مع تراجع أسعار النفط الأخير، فمن الناحية الفنية، السوق مرشحة لزيارة قاع موجتها الصاعدة التي بدأتها منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي عند 10600 نقطة، وربما تزيد أو تنقص، وفقا للمتغيرات العالمية، وسنتحدث عن ذلك في حينه، بإذن الله تعالى.

 

 

نقلا عن الاقتصادية