قال لصاحبه وهو يبتسم بمرارة: ذهبت بأولادي هم وأصدقائهم الذين لم يتعدوا السنوات العشر إلى الاستراحة يغيرون الجو ويلعبون لأخرجهم من سجون الجوالات التي منعتهم من الحركة والاجتماع، وحرمتهم من الشمس والهواء الطلق، وفرحت حين بدؤوا يلعبون الكورة لعلها تعيد لهم بعض القوة التي قضى عليها الجلوس الطويل محدقين في جوالاتهم كالمشلولين.
بدؤوا يلعبون فدخلت الغرفة لأستريح قليلاً، لكني فوجئت بعد دقائق بأصوات مثل صياح الديكة، ظننت أن الأولاد فتحوا حظيرة الدجاج فتطاولت الديوك بالصياح.
خرجت فوجدت العجب..! لم تخرج الديكة من الحظيرة لكن الأولاد الذين يلعبون الكورة كانوا (يعاعون معاعاة الأدياك) بأصوات لم أفهمها إلا بعد أن أنصت لها عدة مرات، كانوا يتصايحون بأعلى الأصوات:
(تيكي كاكا..
تيكي كاكا..
تيكي كاكا..).. يطاردون الكورة بحماسة ويكاكون بأعلى الأصوات.
عجبت وغضبت في وقت واحد لكني لم أرد أن أُفسد عليهم الطلعة التي كنت أسعد بها منهم لحرصي على أن يتحركوا ويتريضوا ويتعرضوا للشمس ويشموا الهواء الطلق.
ولأن أصواتهم الغريبة استمرت وزادت أمسكت غضبي وطلبت منهم بابتسامة مغتصبة التوقف قليلًا.. توقفوا وقال أحد أبنائي: "تلعب معنا يا بابا" قلت: ألعب لكن علمني "أيش كاكا وكاكا"التي ترددونها بأعلى الأصوات؟! تدافعوا للشرح الذي فهمت منه أنهم يقصدون "خذ وهات" مناولات قصيرة! قلت: يا أولادي يا أحبابي لماذ لا تقولون: (ناول) فهي أسهل وأجمل من المكاكات التي تشبه صياح الأدياك، ناول خفيفة على اللسان ومن لغتكم وتخص الإنسان لا الديك! فضحكوا وقالوا: نقلد الفرق الإسبانية..قلت ولماذا تأخذون التقليد وعندكم الأصيل؟ ولماذا تفسدون ألسنتكم وعندكم النطق العربي الصالح السليم..؟ هيا نلعب ونناول، لعبت معهم قالوا "ناول" مرتين أو ثلاث مرات ثم رجعوا للمكاكاة مع الحماسة والصياح، وأخذني التعب فذهبت إلى أبعد غرفة حتى لا أسمع هذه الأصوات الغريبة التي جعلتني أحزن.
قال صاحبه: المشكلة أن هذه الجملة الهجينة (تيكي كاكا) تتردد في بعض البرامج الرياضية، هذا المصطلح الغريب الذي لا أصل له في أي لغة، كما أن بعض المعلقين والمحللين يرددون تلك الجملة الديكية حين يصفون المناولات القصيرة المستمرة، كأن اللغة العربية عاجزة عن وصف تلك الحركات، لماذا لا يقولون (مناولات سريعة) ونحو ذلك من الجمل العربية الجميلة، بدل تلك الجمل الغريبة الهجينة التي يلتقطها الأولاد منهم ويقلدونها ويعتادون عليها فتفسد ألسنتهم ويبعدون عن لغتهم العربية التي هي لغة قرآنهم وتاريخهم وحضارتهم وعمود أساسي من أعمدة هويتهم؟؟
نقلا عن الرياض