أسواق المال ... من يعرف مكان الفرامل ؟!

23/06/2022 3
محمد مهدى عبدالنبي

تقول البيانات التاريخية لمؤشر S&P500 الأمريكى أن النصف الأول من عام 2022 هو الأصعب و الأكثر هبوطا منذ عام 1932 ، ليطفو سؤال الساعة و كل ساعة ، عند أية مستويات تستقر الأسواق فى قيعان مقبولة و جاذبة ؟!

و على ضفة قريبة جدا من ذلك تأتى إجابات جيروم باول رئيس الفيدرالى الأمريكى متخبطة للغاية و لكنها متدرجة الاعتراف بصعوبة الواقع ، فالرجل حول نظرته للتضخم الكبير فى ستة شهور فقط من كونه مؤقت إلى مستمر إلى مفاجىء مع توقع مفاجآت جديدة قد تمضى باقتصاد بلاده القوى حسب وصفه إلى وجهات مجهولة !!! 

هنا تقف أغلبية المتداولين فى الأسواق العالمية بين حيرة توصيف الأحوال بلا حلول و استمرار غوص المؤشرات فى رمال متحركة لا تعرف مستقر ، ليتوجب عليهم فتح دفاتر الأسواق القديمة بغية سماع إجابات منطقية من قيعان سابقة قد تصلح للبناء عليها ، و هو ما نستعرضة فى النقاط التالية ... 

أولا ...  مؤشر ستاندرد آند بورز 500  " S&P500 " هو أفضل قياس لأسهم أكبر خمسمائة شركة أمريكية تستحوذ تقريبا على نصف القيمة السوقية لأسواق العالم مجتمعة ، و تحقق كل منها مجموع ايجابى فى أرباحها الأربعة الربعية السابقة للتداول الحالى ، و لا تقل القيمة السوقية لأى منها عن 8.2 مليار دولار ، مع إتاحة 50% من أسهمها بحد أدنى للتداول العام ... إذن تحديد قاع هذا المؤشر الهام جدا يمثل على الأرجح خط نهاية نزيف الأسواق .

ثانيا ... حقق S&P500 قمته التاريخية عند مستوى 4818 نقطة فى 4 يناير 2022 ليمضى فاقدا نحو 21% من قيمته منذ بداية العام ، قبل أن يقام مؤقتا منذ 20 مايو الماضى تفعيل دخوله فى الاتجاه الهابط " bear market "  عند مستوى 3855 نقطة حتى قبل جلستين من قرار الفيدرالى برفع الفائدة منتصف يونيو الجارى ، لتعود بقوة ذكريات تشاؤم الكبار أمثال جيرمى جرانثام و راى داليو ببلوغ المؤشر مستوى 2000 و 2500 نقطة فقط خلال ما تبقى من العام 2022

ثالثا ... تاريخ انهيارات الأسواق الأمريكية خلال نصف قرن مضى يكشف عن طول أمد و تذبذبات مرحلة السوق الهابط " bear market " التى عصفت بالمؤشرات كلها لمدة 630 يوم بين عامى 1973 و 1974 ، بمستوى تضخم عند 9% و هو ما يقترب منه التضخم الراهن فى 2022 عند 8.6% خلال مايو الماضى ، غير أنها أستمرت بين عامى 2000 و 2003 لمدة أقل وصلت لنحو 546 يوم و بين عامى 2007 و 2009 لنحو 408 يوم فقط .

رابعا ... بعد ازدهار استثنائى متقطع لنحو 13 عاما يعود شبح السوق الهابط لمؤشر S&P500 مجددا الذى يكشف متوسطه لخمس سنوات ماضية عند مستوى 4448 نقطة عن تدنى قيم الأسهم بنحو 19% مشيرا الى فرص استثمارية سريعة و ارتداد متوقع قصير المدى ، أما بحساب متوسط المؤشر لعشر سنوات عند مستوى 4042 نقطة فالاسواق تحت قيمها الحقيقية بنحو 8% فقط .

و لكن بحساب متوسط المؤشر فى مرحلة وباء كورونا عند مستوى 3109 نقطة فتتجة التوقعات الى استمرار هبوط الأسواق بنسب تتراوح من 17% إلى 20% خلال العام الجارى من مستوياتها حاليا عند مستوى 3800 تقريبا .

ختاما ... تتشابك و تتباين الأسباب التى تقود الأسواق إلى قيعان جاذبة للقوى الشرائية الحقيقية ، فلى رقبة التضخم الجامح قد يتطلب حلولا من بيانات الأزمة المالية العالمية 2009 بفائدة على الدولار تقارب 5% مع زيادة معدلات البطالة الأمريكية المنخفضة الآن عند 3.6% إلى اعلى من 6% ، هذا إذا كان الفيدرالى جادا فى فرملة ما يحدث و اختيار طريق آخر غير ركود الاقتصاد .

 

 

خاص_الفابيتا